الزراعة تعتبره “طبيعيا”.. “العالم الجديد” تتحرى أسباب نفوق أسماك هور “الحويزة”

رغم تحسن الاطلاقات المائية للأهوار، إلا أن مشكلة جديدة برزت في هور “الحويزة”، وهي نفوق…

رغم تحسن الاطلاقات المائية للأهوار، إلا أن مشكلة جديدة برزت في هور “الحويزة”، وهي نفوق الاسماك، ففيما قللت وزارة الزراعة من اهميته واعتبرته “طبيعيا”، عزت أسبابه الى ارتفاع درجات الحرارة، وهو ما أكدته جهات مختصة اخرى، إلا أن ناشطين بيئيين أشاروا الى ارتفاع نسبة الملوحة في المياه، ما أثر على التنوع الاحيائي بالاهوار.

ويقول المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “لنفوق الأسماك أسبابا عديدة، فهو قد يعني وجود أمراض ما، أو أنه يعود الى ارتفاع درجات الحرارة لما يقارب 50 مئوية، أو قد شحة المياه دون المستوى المطلوب، أو بسبب اكتظاظ الأسماك في مكان محدد أو بسبب التلوث او لحادث عرضي”.

ويلفت النايف، الى أن “القطاع الحيواني بصورة عامة يتعرض اليوم إلى الجفاف والحرارة العالية، وهو ما لا تستطيع الحيوانات تحملها”.

وبخصوص نفوق الأسماك في أهوار ذي قار، يؤكد أنها “حالة طبيعية، وهو ليس نفوقا بمعنى موت جميع الأسماك، فاليوم أي نقص أو أي خلل في ظروف البيئة يؤدي إلى خسائر طبيعية، وجميعنا نعلم أنه في أي مكان لابد أن تكون هناك خسائر متوقعة، سواء في الثروة السمكية او الحيوانية بصورة عامة”.

وكانت مقاطع فيديو انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر نفوق أعداد كبيرة من الأسماك في أهوار محافظة ذي قار، وذلك بالتزامن مع الحديث عن الجفاف وانخفاض مناسيب الانهر في العراق، بسبب قلة الاطلاقات من تركيا، فضلا عن قطع ايران لمنابع الانهر الواصلة للعراق ايضا.

وفي مطلع حزيران يونيو الماضي، كشفت “العالم الجديد” ان نسبة الاطلاقات المائية تجاه الاهوار العراقية لا تزيد عن 50 متر مكعب بالثانية، وهي قليلة، مقارنة بالخطة التي أقرتها وزارة الموارد المائية عام 2014، التي منحت فيها الأهوار حصة لا تقل عن 5.7 مليار متر مكعب.

ويعاني العراق من ارتفاع كبير بدرجات الحرارة، وخاصة في المدن الجنوبية، حيث تجاوزت الـ50 درجة مئوية، واحتلت بعض المدن مراكز متقدمة كأعلى المناطق التي سجلت ارتفاعا بدرجات الحرارة في العالم.

من جانبه، يبين مدير الموارد المائية في ذي قار غزوان عبدالكاظم في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “نفوق الاسماك لم يحصل لا في الاهوار الوسطى ولا في هور الحمار”.

ويضيف عبدالكاظم، أن “الحصص المائية مؤمنة والاطلاقات أيضا مؤمنة، كما أن المنسوب ثابت ولم ينخفض وفق المعدلات السنوية المتعارف عليها”، مضيفا أن “الإطلاقات الحالية هي وفق الحصة المحددة بحسب خطة المركز الوطني، فان الوزارة تعطينا أعلى منها بحدود 60 بالمائة، حيث وصلت إيرادات ذي قار اليوم الى 120 متر مكعب في الثانية بينما بحسب الخطة الطبيعية فانها من 70 – 75 متر مكعب بالثانية الواحدة”.

ويتابع “لكن المشكلة التي حدثت هي في التخفيض الذي حصل في شهر نيسان الماضي، حيث قلت الاستهلاكات المائية بسبب الخطة الزراعية، وذلك تجنبا للهدر المائي، ما دفع الى خفض الاطلاقات ولكن الايام المقبلة ستشهد استقرار المناسيب”.

وفي 17 تموز يوليو 2016، أدرجت الأهوار على لائحة التراث العالمي، حينما صوتت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) بإجماع أعضائها على ضم الأهوار إلى اللائحة.

وتزخر المنطقة الجنوبية في العراق، وخاصة الاهوار، بثروات طبيعية كبيرة منها الاسماك، بالاضافة لتحولها الى محطة مهمة للطيور المهاجرة من البلدان الاخرى، واغلبها معرضة للانقراض لندرة انواعها.

الى ذلك، يشير مسؤول منظمة طبيعة العراق في محافظة ذي قار جاسم الاسدي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، الى ان “نفوق الاسماك قد شهدناه في هور الحويزة، بسبب انخفاض مناسيب المياه وارتفاع الحرارة وقلة الاوكسجين”.

ويؤكد الأسدي، أن “الفترات الاخيرة، شهدت ارتفاع نسبة الملوحة في المياه، وتحديدا الاهوار الوسطى، ما دفع جزءا كبيرا من الاسماك المهمة الى اللجوء لنهر الفرات مرة اخرى عبر المجاري العميقة، وما تبقى منها هي الاسماك التي لديها القابلية على مقاومة الملوحة”.

ويبين الناشط البيئي، أن “التأثير لم يكن على الاسماك فقط، بل حتى على التنوع الاحيائي بالأهوار العراقية، ونتمنى زيادة الاطلاقات المائية بالاعمدة الرئيسية والمنافذ الرئيسية لتعزيز المياه العذبة بنسبة مقبولة وزيادة مناسيب المياه ونسبة الاوكسجين بالمياه”.

فيما يؤكد مدير مركز إنعاش الأهوار في ذي قار، عدنان الموسوي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الأهوار بطبيعتها تتمدد في الشتاء وتتقلص في الصيف، والموضوع يتعلق بالتغيير المناخي حيث هناك سنة رطبة وسنة معتدلة، وهذا يعتمد على الأمطار وسيول الشتاء ودرجات الحرارة ومعدلات التبخر”.

ويشير الموسوي، الى أن “السنة الحالية الايرادات المائية قليلة بسبب قلة الامطار بالموسم الشتوي السابق والايرادات من دول الجوار قليلة ايضا، وحاليا التصاريف المطلقة عبر نهر الفرات هي اكثر من 100 متر مكعب في الثانية”، مضيفا “في العام 2019 جاءتنا موجات فيضانية عالية من شرق العراق وتحديدا ايران وسيول وامطار كثيفة، ما ادى الى غمر مساحات شاسعة في ذلك العام، ولكن السنة الماضية كانت الأمطار قليلة، وبالتالي فان هذه المناطق المغمورة تعرضت للجفاف بسبب نقص المياه وارتفاع درجات الحرارة، الأمر الذي أدى الى تبخر هذه المساحات وتعرض الحيوانات التي ظهر فيها هذا النفوق”.

وينوه الى ان “وضع الاهوار الان افضل بكثير من اعوام 2015 و2016 حيث كانت جافة بالكامل”، مستدركا “حتى لو شهدنا انتقالا لبعض مربي الجاموس، فهو انتقال لمناطق المياه الاقل ملوحة ولا يعتبر هجرة داخلية، كما ان النفوق لم يحصل في جميع الاهوار، بل فقط بالمساحات المغمورة من الفيضانات السابقة”.

وعادة ما يغادر مربو الجاموس المناطق التي تشهد شحا في المياه، بحثا عن المساحات المائية والاعشاب، لارتباط حياتهم برعاية الجواميس، وهو الأمر الذي يقود الى حدوث هجرة داخلية في بعض الاحيان.

إقرأ أيضا