الحكومة عاجزة.. حرب غير معلنة بين الفصائل وواشنطن وتوقعات بـ”تطورها” قريبا

24 ساعة مضت، كانت حافلة بالأحداث، واقتربت من “إعلان حرب” بين الفصائل المسلحة والولايات المتحدة،…

24 ساعة مضت، كانت حافلة بالأحداث، واقتربت من “إعلان حرب” بين الفصائل المسلحة والولايات المتحدة، وهو ما وصفه محلل سياسي بـ”الحرب غير المعلنة”، في حين اتخذت الحكومة موقف “المتفرج” لعجزها عن مساندة او معارضة أي طرف فيها، وسط توقعات بأن يؤدي ذلك الى “الغاء” زيارة رئيس الوزراء الى واشنطن المقررة في اب أغسطس المقبل، أو تقليل الاهتمام بها

 

ويقول المحلل السياسي يونس الكعبي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الاستهدافات الأخيرة تأتي من باب الرد على القصف الأمريكي السابق بحسب ما تراه الفصائل، التي أعطت هدنة للوجود الامريكي بعد تصويت البرلمان على خروجها وهناك توقعات بصعود المواجهة في القريب العاجل“.

ويضيف الكعبي، أن “هناك حربا غير معلنة بين الجانبين، فعل ورد فعل وضربات مباشرة، وحصل تطور فيها، حيث شهدنا حالات قصف كبيرة بين الطرفين بعد أن كانت في السابق حوادث صغيرة هنا وهناك”، متابعا أن “موقف الحكومة محرج، فلا تستطيع وقف هذه الهجمات ولا تستطيع الوقوف مع الجانب الامريكي مع جود قرار برلماني، وبالتالي فهي لا تستطيع مواجهة أي من الطرفين وستبقى بموقف المتفرج في الوقت الحالي لحين حدوث تطورات جديدة“.

ويشير الى انه “من خلال تصريحات واشنطن، نرى ان هناك ضربات امريكية قادمة على قطعات الحشد الشعبي والمتواجدة في الشريط الحدودي مع سوريا“.   

وكانت بداية التصعيد الجديد، تعود الى فجر يوم 28 حزيران يونيو الماضي، نفذت واشنطن 3 ضربات جوية، اثنان منها في العمق السوري وأخرى في العمق العراقي، وجميعها عند الشريط الحدودي بين البلدين، ما أدى لتدمير موقع لكتائب حزب الله سيد الشهداء، وقتل 4 منتسبين، بحسب بيان أصدرته وزارة الدفاع الامريكية “البنتاغون”، التي أكدت أنها جاءت بأمر من الرئيس جو بايدن، للحد من مخاطر التصعيد ولإرسال رسالة ردع واضحة لايران، وذلك بعد سقوط 3 طائرات مسيرة مفخخة قرب الموقع الجديد للقنصلية الامريكية في اربيل فجر يوم 26 حزيران يونيو الماضي، ما أثار ردود فعل منددة واسعة في حينها، خاصة وأنه ضمن الاسلوب الجديد للفصائل المسلحة، المتمثل باستخدام الطائرات المسيرة، الذي بدأ منذ نيسان أبريل الماضي، ما أثار قلق واشنطن، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

ماذا جرى خلال الساعات الماضية؟

صمت الفصائل على استهداف القائم، امتد لغاية 5 تموز يوليو الحالي، حيث استهدفت في ذلك اليوم، قاعدة عين الاسد بمحافظة الانبار غربي العراق، التي تتمركز فيها القوات الامريكية، بثلاثة صواريخ كاتيوشا دون ان تتسبب بخسائر تذكر، حسب بيان خلية الاعلام الامني، التي اكدت ايضا انه تم ضبط عجلة نوع “كيا حمل” متروكة بقضاء هيت تحمل القاعدة التي تم إطلاق الصواريخ منها.

وفي ليلة 5– 6 تموز يوليو، تعرض مطار اربيل الدولي، ومحيط القنصلية الامريكية في المدينة، الى هجوم بطائرات مسيرة مفخخة، ادى الى توقف حركة الطيران في المطار وتحذير القنصلية الاهالي القريبين منها بفتح النوافذ، وذلك عبر مكبرات الصوت الخاصة بها، وفي اليوم التالي جرى استهداف جديد طال السفارة الامريكية في المنطقة الخضراء المحصنة وسط العاصمة بغداد، بطائرات مسيرة مفخخة، وحسب بيان للسفارة، فان المنظومة الدفاعية تفعلت في داخل مجمع السفارة الأمريكية في بغداد وقضت على تهديد جوي“.

وصباح يوم امس 7 تموز يوليو، تعرضت قاعدة عين الاسد، الى قصف جديد، وهذه المرة بـ14 صاروخا، كانت معدة في عجلة حمل كبيرة، ضمت 30 صاروخا مهيء للإطلاق، لكن ما جرى بحسب بيان خلية الاعلام الامني الرسمية، ان العجلة توقفت وبداخلها حاوية في منطقة البغدادي بمحافظة الانبار، وكان الظاهر من هذه العجلة انها تحمل أكياس مادة الطحين، الا انها كانت تحمل قاعدة لاطلاق الصواريخ، حيث اطلقت 14 صاروخاً باتجاه قاعدة عين الأسد الجوية سقطت في محيط القاعدة، في غضون ذلك انفجرت بقية الصواريخ التي كانت متبقية بداخلها، مما ادى الى أضرار في دور المواطنين القريبة وأحد المساجد“.

وبحسب ما تم تداوله في منصات التواصل الاجتماعي التابعة لفصائل المقاومة، فان القوات الامريكية في عين الاسد ردت على موقع إطلاق الصواريخ باتجاهها ما أدى الى تضرر المواطنين والمزارعين في ناحية البغدادي، لكن رد القوات الامريكية تم نفيه عبر بيان خلية الاعلام الامني، فضلا عن عدم اعلان المتحدث باسم قوات التحالف الدولي واين ماروتو، لكنه اعلن في تغريدة له إصابة عنصرين من قوات التحالف بجروح طفيفة.

الناطق الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول، اعلن في بيان انه “مرة أخرى يوغل أعداء العراق في غيهم ويستهدفون أمن البلاد وسيادتها، وسلامة المواطنين من خلال اعتداء إرهابي جديد على مطار أربيل، ومعسكر عين الأسد التابع لوزارة الدفاع العراقية، وقبل ذلك العودة لاستهداف مقارّ البعثات الدبلوماسية التي تقع تحت حماية الدولة؛ مما يمثّل انتهاكا صارخا لكل القوانين، واعتداء على هيبة الدولة والتزاماتها الدولية“.

وأشار في بيانه الى أن “الحكومة العراقية في الوقت الذي تشجب فيه هذا الهجوم الآثم وتستنكره، فإنها تؤكد ملاحقة المتجاوزين على القانون، وفرض الأمن استعداداً لتنظيم الانتخابات النزيهة العادلة“.

ما الذي تراه الفصائل؟

الى ذلك، يبين المحلل السياسي امير الساعدي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ما جرى من سلسلة هجمات على مدى اليومين الماضيين هو رد من قبل الفصائل على قصف الولايات المتحدة الامريكية للقائم، وبالتالي فان الرد الامريكي الجديد قد يشمل حتى الفصائل الموجودة على الاراضي السورية وليس فقط الحدودية“.

 

ويضيف أن “امريكا أرادت أن ترسل بعض الرسائل عبر استهدافها لبعض الفصائل على الحدود السورية، وعليه من الممكن ان تكون هناك ضربات اكثر دقة وقد تصيب بعض المقار والمخازن”، مبينا “كما حاول الرئيس الامريكي جو بايدن اعطاء صورة بان المستهدف لم يكن عمليا هي قوات الفصائل، وانما اراد ان يقضي على البنى التحتية ومقومات الاستهداف التي قد تساعد تلك الفصائل بالدعم اللوجستي والمادي والاسلحة“.

ويلفت الى ان “هناك احتمالا ان يكون رد واشنطن الجديد سياسيا، وهي النقطة الاكثر حرجا بالنسبة للحكومة، وتحديدا رئيسها مصطفى الكاظمي، كونه مقبلا على زيارة مرتقبة الى واشنطن، ما قد يلغيها أو قد لا يحظى بذات الاهمية، خاصة وانه غالبا ما يسعى الى استخدام التهدئة“.

ويوضح “قد نرى تكرارا لسيناريو 2014، إذ قد تغض الولايات المتحدة النظر مجددا عن دخول عناصر التنظيم، خاصة وأن قوات قسد السورية لديها أكثر من 10 الاف معتقل من ارهابيي داعش، وبالتالي قد يتسربون للداخل العراقي دون إيقافهم، وتحديدا للانبار ونينوى، ما سيشكل قوة ضاغطة على الفصائل من خلال ارخاء التشدد في المعلومات الاستخباراتية الاستباقية ومنع ارتداد الارهابيين للداخل، وبالتالي ستحدث فتنة اخرى وحدوث مواجهة جديدة مع داعش“.

ويشدد على “الحل السياسي، كونه الحل الأفضل بين جميع الأطراف التي تريد الذهاب الى الانتخابات المبكرة، وما لم تكن هناك حلول فان العراق سيسقط في فخ العزوف مرة اخرى عن الانتخابات، ويمكن أن تؤجل”، مبينا ان “الحكومة العراقية عاجزة عن مواجهة الفصائل بالسلاح، حتى وان كان فرض القانون بيدها وصلاحياتها، ولكن استخدام القوة سيطيح بالسلم الامني والمجتمعي داخل العراق، وهذا ما يعمل الكاظمي على تجنبه من خلال التحسس السابق الذي حدث“.

وجاءت هذه الهجمات الأخيرة، بعد زيارة أجراها رئيس استخبارات الحرس الثوري الإيراني حسين طائب، امس الاول الى العاصمة بغداد، بشكل سري، والتقى خلالها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وقادة فصائل مسلحة، لبحث ملفات أبرزها انسحاب القوات الأمريكية من العراق، وصراعها مع الفصائل، وتسليح الأخيرة، وكذلك إجراء الانتخابات التشريعية المقررة في 10 تشرين الاول أكتوبر المقبل.

وبحسب مصادر كشفت لـ”العالم الجديد” أمس الأول الثلاثاء، فان الكاظمي أبلغ طائب، بأنه سيبحث جدولة الانسحاب الأمريكي خلال زيارته لواشنطن والمقررة في آب أغسطس المقبل، فيما طالبه المسؤول الايراني بضرورة إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، فيما حث طائب خلال لقائه قادة الفصائل المسلحة بالرد انتقاما من أي ضربة أمريكية، واخرها الهجوم الأمريكي على القائم.

ويعود هذا التصعيد الى حادثة المطار، حيث اغتالت واشنطن قائد فيلق القدس الايراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس، في 3 كانون الثاني يناير 2020، ما دفع بالفصائل المسلحة الى تنفيذ هجمات متتالية ضد المصالح الامريكية في العراق بغية إخراجها من البلد، وبلغ عدد الهجمات طيلة العام الماضي 76 استهدافا بصواريخ الكاتيوشا والعبوات الناسفة، لكن منذ نيسان ابريل 2021، بدأت الفصائل باستخدام الطائرات المسيرة في تنفيذ عملياتها، الامر الذي أثار قلق واشنطن، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

إقرأ أيضا