خطرة ومكلفة للمرشحين.. “المفوضية” تبرر أطول دعاية انتخابية في العراق

أثار قرار مفوضية الانتخابات بانطلاق الدعاية للمرشحين قبل 3 أشهر من موعد إجرائها، اعتراضات واسعة،…

أثار قرار مفوضية الانتخابات بانطلاق الدعاية للمرشحين قبل 3 أشهر من موعد إجرائها، اعتراضات واسعة، ففيما بررت المفوضية قرارها بأنه “نص” ورد في قانونها وهي “ملزمة” بتطبيقه، حملها خبير مسؤولية عدم تعديل هذه الفقرة أسوة بالغائها انتخابات الخارج التي وردت في القانون ايضا، في حين أكد نواب ومرشحون ان هذه الفترة “طويلة جدا” وستكلف المرشحين أموالا طائلة، خاصة وأن هناك قوى جديدة مشاركة لا تملك المال، كما هو حال آخرين، ما قد يزيد من فرص عدم التكافؤ بين المتنافسين.

وتقول مساعدة المتحدثة باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات نبراس أبو سودة في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المدة الخاصة بالدعاية الانتخابية تحددت بموجب قانون رقم 9 لسنة 2020، الذي أشار الى بدء الحملة من تاريخ المصادقة على المرشحين، وعليه لا اجتهاد في نص“.

وتضيف أبو سودة، أن “القانون أشار بوضوح إلى هذه الحالة، وعليه فان المفوضية ملزمة بتنفيذه، وهي عملت بموجب القانون”، مبينة أن “مجلس المفوضين أصدر قرارا بانطلاق الحملة الدعائية للمرشحين من تاريخ المصادقة على أسماء المرشحين ولغاية الساعة السادسة من يوم 7 تشرين الاول المقبل، أي أن الحملة تتوقف قبل 24 ساعة عن موعد التصويت الخاص“.

ويوم الخميس الماضي، أعلنت مفوضية الانتخابات عن المصادقة على قرعة مرشحي الانتخابات، وانطلاق الحملة الدعائية للمرشحين، من تاريخ المصادقة على القرعة ونشر اسماء المرشحين في الصحف الرسمية.

ويعد انطلاق الدعاية الانتخابية للمرشحين في هذا التوقيت، سابقة هي الأولى في الانتخابات التشريعية النيابية التي شهدها العراق سابقا، وغالبا ما تنحصر بمدة شهر واحد فقط، وهذا ما جرى في أغلب الانتخابات، حيث تنطلق الحملة الدعائية في شهر نيسان أبريل وتجري الانتخابات في شهر ايار مايو.

وتعد هذه الانتخابات المبكرة، إحدى مطالب التظاهرات التي انطلقت في تشرين الأول أكتوبر 2019، وأجبرت رئيس الحكومة عادل عبد المهدي على تقديم استقالته، ومن ثم المجيء بحكومة مصطفى الكاظمي، التي كان هدفها الأول هو الإعداد لانتخابات مبكرة، وتكون “حرة ونزيهة“.

كما وتشهد هذه الانتخابات مشاركة العديد من الناشطين والقوى المنبثقة من تظاهرات 2019، وهي حركات تشكلت قبل أشهر قليلة، وزجت بمرشحيها في الانتخابات، بعد ان فتحت بعضها ابواب التبرعات لغرض إكمال عملية التسجيل الرسمية في مفوضية الانتخابات ودفع الرسوم القانونية

من جانبه، يبين المرشح المستقل عن محافظة البصرة، مقداد أبو الهيل في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “القانون الانتخابي سنه البرلمان العراقي وضمن أحد فصوله مادة تنص على ان تبدأ الدعاية الانتخابية عندما يتم المصادقة على المرشحين لغاية قبل 24 ساعة من بدء الانتخابات، وبالتالي فان المفوضية سارت وفق القانون واللوم يقع على البرلمان وليس عليها“.

ويوضح أبو الهيل، وهو أحد مرشحي القوى السياسية المنبثقة من تشرين، أن “الدعاية بطبيعتها مكلفة سواء كانت شهرا أو أكثر، خاصة بالنسبة للمرشحين الجدد أو الأحزاب الجديدة التي لا تمتلك المال السياسي، بينما الأحزاب القديمة لا يهمها حتى وإن كانت الدعاية سنة كاملة”، متابعا أن “هذا الموضوع يعتمد أيضا على البرنامج الذي سيسير عليه المرشح في سبيل تقليل التكاليف، كون المدة طويلة، ويجب اتباع طرق مناسبة لتجنب المصاريف الزائدة“.

يشار الى أن بعض القوى السياسية بدأت حملتها الدعائية في مطلع حزيران يونيو الماضي، حيث روجت عبر لوحات إعلانية كبيرة وعبر ملصقات على الباصات لأسماء التحالفات دون وجود أرقام أو تسلسل، نظرا لعدم وجودها آنذاك، وهو ما لم تعتبره المفوضية “خرقا”، لكونه لا يتضمن أرقاما تسلسلية للمرشحين او الكيانات.

وسبق أن فتحت “العالم الجديد”، ملف تمويل الأحزاب وآلية رصد الاموال التي تصرف في الحملات الانتخابية، في ظل وجود شكوك بـ”دعم خارجي” لها، الأمر الذي أشار اليه الخبير القانوني طارق حرب، في حديث سابق للصحيفة بأن العديد من الأحزاب الحالية لم تستوف شروط التمويل حسب القانون، فكل أموالها يجب ان تكون في سجل رسمي، لكن النص القانوني شيء وما تقوم به الاحزاب الان شيء آخر.

الى ذلك، يوضح الرئيس السابق لمفوضية الانتخابات والخبير في الشؤون الانتخابية عادل اللامي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المدة طويلة نسبيا مع وضعنا في العراق، فهو يتبع ايضا نوعية الانتخابات، حيث بدأت في الولايات المتحدة دعايات المرشحين للرئاسة قبل سنة، لكن هناك الوضع يختلف، أما نحن فلدينا انتخابات برلمانية فيها تنافس ومؤثرات هوياتية وعرقية ومكوناتية، وفيها حوادث وفيها عدم استقرار أمني في بعض الجوانب الاخرى من المجتمع العراقي“.

ويوضح أن “البرلمان عندما وضع هذه الفقرة ضمن القانون، فهو بذلك تدخل بشكل تنفيذي غير مبرر، لأن هذا العمل من اختصاص المفوضية حصرا، وهي التي تحدد هذا الموضوع لأنها السلطة الوطنية التي تدير الانتخابات”، مضيفا “كان يمكن للمفوضية أن تؤجل بدء الدعاية الانتخابية الى ما قبل شهر من اجراء الانتخابات، لأن ذلك من صلاحياتها، فمثلما اعتذرت عن إقامة انتخابات الخارج التي نص عليها القانون، كان يمكنها أن تؤجل بدء الدعاية الانتخابية في ايلول“.

وينوه بالقول “نشهد هذه الايام انتشارا كبيرا لفيروس كورونا، والدعاية الانتخابية تتضمن لقاءات مع الناخبين واحتكاكا معهم وإقامة ندوات واحتفالات، وهذه جميعها تزيد من احتمالات انتشار الفيروس”، لافتا “في السابق كنا نحدد ونحسم قوائم المرشحين ونصادق عليها قبل 40 يوما من إجراء الانتخابات، ولكن القرعة تبدأ قبل شهر تحديدا من موعد الانتخابات، ومع انتهاء القرعة يستطيع المرشح أن يباشر دعايته الانتخابية“.    

من جهته، يرى النائب عن كتلة بدر، محمد البياتي في حديث لـ”العالم الجديد”، ان “تخصيص 3 اشهر للدعاية الانتخابية موعد طويل جدا، خاصة وان الانتخابات السابقة كانت مدة الدعاية فيها شهرا واحدا وهي كافية“.

ويردف البياتي، أن “المفوضية تعيش حالة من الارباك، والسبب أن المنظومة والكوادر تغيرت كلها بين ليلة وضحاها، وهذه المجموعة الجديدة لن تتكمن من مواكبة هذه المسيرة التي عمرها اكثر من 17 عاما، ولذلك تكون بعض قراراتها غير مدروسة بهذا الشأن”، مضيفا أن “هذه الفترة بكل تأكيد تحتاج لميزانيات وأموال ضخمة، حيث كلما طالت فترة الدعاية كلما تطلب جهدا واموالا أكثر من قبل المرشحين“. 

يشار الى أن قانون الاحزاب تضمن مواد خاصة بتمويلها، أبرزها، أن يكون التمويل من اشتراكات أعضائها، من دون تحديده بسقف معين، أو من التبرعات والمنح الداخلية، شرط التحقق من هوية المتبرع وتسجيله في سجل التبرعات الخاص بكل حزب وأن ينشر في جريدته، وكذلك من عوائد استثمار أمواله، وغيرها.

إقرأ أيضا