مفاوضات ايران وطالبان.. هل ستقوي جبهة “الفصائل” في العراق؟

لا يزال العراق مرتبطا بالمتغيرات السياسية التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط، وأحدثها سيطرة حركة طالبان…

لا يزال العراق مرتبطا بالمتغيرات السياسية التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط، وأحدثها سيطرة حركة طالبان على معظم أراضي أفغانستان، تزامنا مع بدء الانسحاب الأمريكي، ما فتح “جبهة جديدة” أمام إيران صاحبة الحدود المشتركة معها، لكن محللين سياسيين توقعوا انصراف الأخيرة عن الانشغال بملف طالبان بعد مباحثات رسمية معها في طهران، مؤكدين أنها ستتجه لزيادة الضغط على الوجود الأمريكي في العراق لتحقيق “مكاسب أكبر” في الملف النووي وباقي الملفات، فيما ذهب بعضهم الى صعوبة تكرار سيناريو أفغانستان في العراق في حال أي انسحاب أمريكي، لافتين الى أن ذلك سيبطل حجج “حمل السلاح” في اشارة الى “الفصائل المسلحة”، ما سينعكس إيجابا على استقرار البلد. 

ويقول الخبير الأمني صفاء الأعسم في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ايران قطعت العلاقات مع أفغانستان وقطعت الحدود، وهذا يشير إلى أنها لم تقرر التعامل معها، وأن حركة طالبان الآن غير قادرة على اختراق الحدود مع ايران، وهذا سيكون سببا لتقوية وادامة علاقة ايران بالعراق”.

ويضيف الأعسم، أن “أمريكا لن تخرج أبدا من العراق، وكل النظريات المطروحة غير صحيحة، والدليل أن هناك قرارا بتطوير أكثر من قاعدتين أمريكيتين في العراق”، مبينا أن “ايران ستزيد ضغطها في العراق، لان ذلك سيجعلها تحصل على مكاسب أكبر، وخصوصا في ملف المفاوضات الجارية في فيينا، فامريكا تعتبر العراق قلب الشرق الأوسط، وخط الصد الأول تجاه إسرائيل”.

ويلفت الى ان “الضغط الايراني سيكون من خلال الفصائل التي بدأت تقلق امريكا، وتؤثر على العلاقة السياسية بين واشنطن وبغداد، في وقت تصر الاولى على بقاء قواتها في العراق”، مبينا أن “كل الدول في المنطقة لديها أذرع في العراق، والكل يستخدم أذرعه لحماية مصالحه، ومع قرب كل انتخابات نرى أن هناك ضغوطات على الحكومة وخللا في الوضع الامني، لغرض إفشالها وتقوية أذرع تلك الدول الموجودة في البلاد”.  

يشار الى أن حركة طالبان سيطرت على 85 بالمائة من معظم أراضي أفغانستان ومعابرها الحدودية المهمة مع إيران وتركمانستان مؤخرا، وذلك بالتزامن مع بدء الانسحاب الامريكي من الأراضي الأفغانية.

يذكر أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، حدد 11 أيلول سبتمبر المقبل، موعدا نهائيا لسحب جميع القوات من أفغانستان، بعد اصرار طالبان على انسحاب القوات الأجنبية.

وفي 7 تموز يوليو الحالي، بدأ اجتماع الحوار “الأفغاني- الأفغاني” بين ممثلي الحكومة الأفغانية ووفد طالبان السياسي، بمقر وزارة الخارجية الإيرانية في العاصمة طهران، وقد وصف وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في بداية الاجتماع، انسحاب معظم القوات الأميركية من أفغانستان بأنه “هزيمة أمريكية”، واكد أنه يتعين الآن على الشعب الأفغاني والقادة السياسيين اتخاذ “قرارات صعبة” بشأن مستقبل بلادهم.

وبحسب ظريف فانه اعلن استعداد بلاده “لدعم عملية الحوار بين الفصائل الموجودة في أفغانستان لحل النزاعات والأزمات الحالية”.

يشار الى أن رسول موسوي، المدير العام بوزارة الخارجية الإيرانية لغرب آسيا، أكد أن طهران تستضيف أيضًا 4 وفود أفغانية، بما في ذلك اللجنة الثقافية بالبرلمان الأفغاني، ووفدا سياسيا رفيع المستوى لطالبان، والمجلس الجمهوري، والمجلس الأعلى الذي يشرف على عملية إثبات هوية المواطنين.

الى ذلك، يبين المحلل السياسي يونس الكعبي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “وضع طالبان اليوم، يختلف عما هو في السابق، حيث دخلت في صراع مع الداخل الافغاني ومع امريكا، وهي في طور إعادة تنظيم سياسي جديد، ودخلت في تفاهمات مع روسيا وايران لاستلام الحكم الجديد في افغانستان”.

ويلفت الكعبي، الى أنه “طالبان فعلياً، تسيطر على 85 بالمائة من الاراضي الأفغانية، وهناك تفاهمات مع ايران بهذا الجانب، حيث تشكل الحدود والاقليات في افغانستان جزءا منها، وهذا توجه جديد من حركة طالبان”، مبينا “لا ننسى أنه جرت مفاوضات أمريكية مع طالبان بوساطة خليجية (قطرية)، وهناك تفاهمات بشأن هذا الإنسحاب الأمريكي، إذ لم يحدث جزافا، وإنما رأت أمريكا أن أفغانستان مستنقع لا يمكن الانتهاء منه حتى بعد فترات طويلة، لذلك تركت البلاد لاهلها”.   

ويشير الى أن “الوضع في العراق مختلف وعكس ما يشاع بان هناك اقتتالا أو حربا طائفية قد تحدث بعد الانسحاب الامريكي، فكل ما بالامر أن الكتل السياسية تتنافس سياسيا ولن يصل الامر إلى الحرب الأهلية”، متابعا أن “الامريكان لا يمكن أن يبقوا للأبد في البلد وعلى العقلاء ان يدركوا هذا جيدا ويبدأوا بالتخطيط إلى ما بعد مغادرة هذه القوات وادارة شؤون البلاد”.

ويوضح “كما ان القوات الامنية بكل صنوفها قادرة على مسك الملف الامني بالعراق كما تفعل اليوم، حيث الوجود الأجنبي هو للاستشارة فقط، وبالتالي فان اي خروج لن يؤثر على وضع البلاد الداخلي، بل على العكس قد يكون موضع استقرار، كون من يحمل السلاح وينفذ عمليات ضد معسكرات القوات الاجنبية سيفقد الدافع لهذا الفعل، ولن يكون له مبرر لرفع السلاح”. 

ووفق تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، حول تكرار سيناريو افغانستان في العراق عقب الانسحاب الامريكي، أشار محلل سياسي الى أن الوضع غير مريح، ولابد من وضع جدول ضمن مصلحة الطرفين للانسحاب وليس بطريقة عبثية، إذ من الممكن عودة جماعات إرهابية الى العراق لتسيطر وتجتاح بعض المناطق”.

وفي العراق، تتجه المؤشرات الى انسحاب القوات الاجنبية، في ظل استمرار الفصائل المسلحة باستهداف المصالح الامريكية في العراق، سواء عبر صواريخ الكاتيوشا او العبوات الناسفة والطائرات المسيرة، فضلا عن إنهاء الهدنة التي أعلنتها الفصائل، بناء على تأخر سحب واشنطن لقواتها من العراق، ما أدى الى تكثيف الاستهدافات في الآونة الأخيرة.

وفي الجلسة الثالثة من الحوار الاستراتيجي العراقي الامريكي التي جرت في نيسان أبريل الماضي، أعلنت واشنطن عن موافقتها على سحب قواتها القتالية من العراق، ورهنت الامر باجتماعات فنية اخرى، لتحديد الآليات والتوقيتات.

ويعود ضغط بعض الجهات العراقية لاخراج القوات الاجنبية، على خلفية اغتيال واشنطن لقائد فيلق القدس الايراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس في 3 كانون الاول يناير 2020، ما ترتب عليه تصويت مجلس النواب على قرار يقضي بإخراج القوات الاجنبية من البلد، فيما ردت واشنطن بان وجودها مبني على طلب من الحكومة العراقية خلال دخول تنظيم داعش عام 2014، في موقف يدعمه رأي قانوني شائع بأن صلاحيات البرلمان على التشريعات وليس إصدار القرارات التنفيذية.

إقرأ أيضا