استجواب الكاظمي.. “إجراء عبثي” أم خطوة نحو “تأجيل الانتخابات”؟

حجر عثرة جديد يوضع أمام عجلة الانتخابات المبكرة، بعد سلسلة من الإشكالات طيلة الأشهر الماضية،…

حجر عثرة جديد يوضع أمام عجلة الانتخابات المبكرة، بعد سلسلة من الإشكالات طيلة الأشهر الماضية، وذلك بعد طرح فكرة استجواب رئيس الحكومة، واستغلال بعض المواد القانونية والدستورية بهدف تأجيل إجرائها بـ”ذريعة الاستجواب”، وهو ما أحدث انقساما بين النواب، لكن خبراء قانونيين قللوا من شأن الخطوة، وأكدوا أن أي استجواب أو إقالة لرئيس الحكومة فانها لن تفضي الى تأجيل الانتخابات، كونها محددة وفق قانون نافذ، إلا إذ قرر البرلمان تعديل القانون أو إلغاء موعدها.

ويقول النائب عبد القهار السامرائي في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ما يجري خلف الكواليس بصراحة حراك لتأجيل الانتخابات المبكرة وجعل الحكومة الحالية تتم مدتها القانونية، وهذا ينفذ من خلال الاستجواب أو غيره، كون أغلبية النواب يدركون بأن هذه ايامهم الاخيرة”.

ويضيف السامرائي، أن “الحديث عن الاستجواب فهو صوري والكتل السياسية لن تفرط بفرصة وجود شخص مثل الكاظمي بهذا المنصب، فهي تريد رئيس وزراء ضعيف، ما يسمح لها بالتلاعب بمقدرات البلاد”، مبينا أن “عملية الاستجواب، تأتي أيضا للضغط من أجل أخذ ادوار بالحكومة الحالية، رغم أن الكاظمي ومع الأسف سلم جميع أوراقه للكتل السياسية التي استحوذت على كل شيء”.

وخلال اليومين الماضيين، طالبت العديد من القوى السياسية باستجواب رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، وبدأ بعض نواب تلك القوى بجمع تواقيع في البرلمان، وذلك على خلفية حريق مركز عزل مصابي كورونا في مستشفى الحسين التعليمي، الذي ذهب ضحيته أكثر من 90 شخصا، بفاجعة صدمت العالم أجمع، حيث تفحمت الجثث جراء عدم وجود منافذ للإنقاذ. 

وفي نيسان أبريل الماضي، نشب حريق أيضا في مركز عزل المصابين بفيروس كورونا في مستشفى ابن الخطيب وسط العاصمة بغداد، وأدى الى وفاة 82 شخصا واصابة 110 آخرين، ما أدى الى تقديم وزير الصحة استقالته من منصبه في حينها، وإدارة الوزارة بالوكالة من قبل الكاظمي منذ ذلك الحين.

وتعد هذه الانتخابات المبكرة، إحدى مطالب التظاهرات التي انطلقت في تشرين الأول أكتوبر 2019، وأجبرت رئيس الحكومة عادل عبد المهدي على تقديم استقالته، ومن ثم المجيء بحكومة مصطفى الكاظمي التي كان هدفها الأول هو الإعداد لانتخابات مبكرة، وتكون “حرة ونزيهة”.

من جانبه، يبين النائب حسن البهادلي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “استجواب رئيس الوزراء قد ينتج عنه اقالته او استمراره وعدم إقالته، لكن بكل الأحوال ان استجواب رئيس الوزراء في الوقت الحاضر ليس له أي أهمية ونحن نتجه الى انتخابات مبكرة، ولم يتبق لموعدها سوى ثلاثة اشهر”.

ويردف قائلا “إذا ذهبنا نحو استجواب رئيس الحكومة ولم نخرج بنتائج، فانها ستكون خطوة عبثية غير مدروسة، حيث ان اليوم الكل يجمع على الذهاب الى الانتخابات والتهيئة الجيدة لها”، متابعا “كان بامكان الكتل السياسية ان تستجوب الكاظمي قبل شهرين او ثلاثة، مثلا في أزمة الكهرباء او في حادثة مستشفى ابن الخطيب، ولكن لا توجد نية حقيقية للاستجواب”.

ويوضح أن “جميع الكتل تجمع على أن هذه الحكومة شكلت لغرضين أو ثلاث، أحد هذه الاغراض إنتاج قانون انتخابات والثاني إعادة هيبة الدولة واقامة انتخابات، إلا أن حكومة الكاظمي ذهبت بعيدا في بعض الصلاحيات الممنوحة لها”، مبينا أن “مواضيع الاستضافة او الاقالة او الاستجواب لحكومة الكاظمي بعيدة الان، والانتخابات متجهة نحو اجرائها إلا اذا حدث شيء خارج التوقعات”. 

وخلال الفترة الماضية، برزت العديد من الإشكالات بشأن الانتخابات، منها عمليات الاغتيال والاختطاف التي طالت ناشطين، كان آخرها اغتيال رئيس الحراك المدني في كربلاء ايهاب الوزني، التي دفعت بالعديد من القوى السياسية المنبثقة من تشرين وغيرها، الى الانسحاب من الترشح والمطالبة بتوفير أجواء آمنة لاجراء الانتخابات، فضلا عن تنامي الهجمات ضد المصالح الامريكية في العراق، الأمر الذي اعتبر “إخلالا بالأمن” مع قرب موعد الانتخابات.

ومن جملة الإشكالات، ما كشفه رئيس كتلة بيارق الخير النيابية محمد الخالدي، في منتصف حزيران يونيو الماضي، عن انسحاب عدد من مرشحي كتلته من الانتخابات المقبلة بعد تعرضهم للتهديد، فيما بين أن الأجهزة الأمنية باتت على دراية بما يحدث بعد تسليمهم المعلومات ورسائل التهديد التي تلقاها أعضاء الكتلة لإجبارهم على الانسحاب وعدم خوض الانتخابات.

قانونيا

يوضح الخبير القانوني احمد العبادي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مجلس النواب قائم بأعماله لغاية يوم 9 تشرين الاول المقبل، وفي حال استجواب رئيس الحكومة قبل ذلك الوقت وإقالته، فان قرار الإقالة سيكون ساري المفعول، أما اذا وصل يوم الانتخابات ولم يحسم الاستجواب فان الحكومة تتحول الى تصريف اعمال بشكل آلي”.

ويردف “أما من جانب مجلس النواب، فاذا وصل يوم الانتخابات ولم يحسم الاستجواب، فان صلاحيته وفق القانون تنتهي، لكونه صوت على حل نفسه في ذلك التاريخ، أي أن الاستجواب ومجلس النواب يكونان منتهيي الصلاحية”.

وحول المادة 64 في الدستور، التي نصت على منع حل مجلس النواب في حال استجوابه لرئيس الحكومة، يشير العبادي الى ان “هذه المادة جاءت لحماية رئيس الحكومة، أي أن هذه المادة منعت رئيسي الجمهورية والوزراء، من حل مجلس النواب خلال استجوابه لرئيس الحكومة، حتى لا يكون الحل ذريعة لانقاذ المستجوب، أما الان فالحالة مختلفة، ولا يمكن استغلال هذه المادة، لأن البرلمان صوت على حل نفسه في تاريخ محدد”.

وتنص المادة 64 من الدستور العراقي، أيضا على: حل مجلس النواب، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلب من ثلث أعضائه، أو طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في أثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء.

يشار الى أن مجلس النواب، صوت في آذار مارس الماضي، على حل نفسه في 9 تشرين الاول أكتوبر المقبل، أي قبل موعد الانتخابات بيوم واحد.

الى ذلك، يبين الخبير القانوني طارق حرب في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “البرلمان إذا استجوب رئيس الحكومة، وأقاله أو لم يقله، ففي كلا الحالتين سيكون موعد الانتخابات المبكرة ساري المفعول، لأنه قانون نافذ، ولكن بإمكان البرلمان إجراء تعديل أو إلغاء موعد الانتخابات”.

وفي كل الأحوال، كما يرى حرب، فان الاستجواب لا يأخذ وقتا طويلا، حتى وإن امتدت لفترة طويلة، فان الانتخابات باقية وتجرى في موعدها”، موضحا “جميع النواب لا يريدون الانتخابات، وهم بصراحة يملكون صلاحية إلغاء الفقرة الخاصة بالانتخابات المبكرة لتأجيلها”.

ويوم الخميس الماضي، أعلنت مفوضية الانتخابات عن المصادقة على قرعة مرشحي الانتخابات، وانطلاق الحملة الدعائية للمرشحين، من تاريخ المصادقة على القرعة ونشر اسماء المرشحين في الصحف الرسمية.

ويعد انطلاق الدعاية الانتخابية للمرشحين في هذا التوقيت، سابقة هي الأولى في الانتخابات التشريعية النيابية التي شهدها العراق سابقا، وغالبا ما تنحصر بمدة شهر واحد فقط، وهذا ما جرى في أغلب الانتخابات.

إقرأ أيضا