
الترقيات العسكرية.. تضخم بالرتب الرفيعة والداخلية تشهد أغرب ترفيع في تاريخها
بغداد – العالم الجديد
أثارت الترقيات العسكرية الممنوحة لعدد من ضباط وزارتي الداخلية والدفاع، بأمر من القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، والتي صدرت بشكل "استثنائي"، الكثير من اللغط، خاصة بعد منح رتبة "عميد" لضابط "شاب"، فضلا عن ترقية نادرة اعتبرت الأولى من نوعها بتاريخ وزارة الداخلية، ما عده خبير أمني "كسرا للقاعدة"، واصفا تنامي رتب "فريق" و"فريق أول" في سلك الجيش والشرطة بعد 2003 بـ"المأساة".
وتضمن جدول ترقيات الضباط في 14 تموز يوليو الحالي، قوائم لضباط في وزارتي الدفاع والداخلية، كما تجري العادة في كل عام، ولكن بجانب ذلك أصدر القائد العام للقوات المسلحة رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، قرارات بترقية ضباط محددين ضمن "استثناء" خاص.
وهؤلاء الضباط هم كل من: حامد الزهيري، قائد الفرقة الخاصة بحماية المنطقة الخضراء حيث تمت ترقيته الى فريق ركن، وعبد الامير الشمري، نائب قائد العمليات المشتركة والذي تمت ترقيته الى فريق أول ركن، وأحمد أبورغيف، رئيس لجنة مكافحة الفساد، حيث تمت ترقيته الى رتبة فريق أول (في حدث نادر داخل وزارة الداخلية التي يتقاعد أعلى ضباطها برتبة فريق)، ومحمد البياتي، سكرتير القائد العام، الذي تمت ترقيته الى رتبة فريق أول ركن، وأحمد سليم، قائد عمليات بغداد، والذي تمت ترقيته الى رتبة الى فريق ركن، وناصر الغنام، قائد عمليات الانبار، الذي تمت ترقيته الى رتبة فريق ركن، وعلي الهاشمي، قائد عمليات الفرات الأوسط، الذي تمت ترقيته الى رتبة فريق ركن.
وحول طبيعة هذه الترقيات، يقول الخبير الأمني، أعياد الطوفان في حديث لـ"العالم الجديد"، إن "من أكثر المآسي في هذه الحكومات العراقية من 2003 ولغاية الآن هي قضية الرتب سواء في وزارة الداخلية او الدفاع".
ويضيف الطوفان "منذ تأسيس الجيش العراقي عام 1921 ولغاية 2003، كان عدد من حملوا رتبة فريق وفريق أول 81 ضابطا فقط، بينما خلال الـ18 عاما الماضية، كان هناك 115 ترفيع لرتبة فريق وفريق أول".
ويردف أن "من المآسي أيضا، منح رتبة فريق أول لكثيرين، في حين أنها لم تشمل سوى رئيس أركان الجيش حصرا ووزير الدفاع"، مستطردا بالقول "خذ مثالا آخر، حيث لا يصل ضباط الصنف الإداري في العادة إلا الى رتبة لواء في أحسن الحالات، باعتبار ضباطه لا يخوضون حروبا، لكن العشرات منهم اليوم يحصلون على رتب فريق، أضف الى ذلك، ان الكثير من ضباط الصنوف مثل التدريب البدني والمخابرة والهندسة الآلية الكهربائية وغيرهم من غير حملة شارة الركن، قد تمت ترقيتهم الى رتبة فريق، وهذه سابقة لم تحصل لا في الجيش العراقي ولا في كل جيوش العالم".
ويؤكد الطوفان أن "رتبة لواء هي لقائد فرقة، والفريق لمدير مديرية، وهي حصرا لمعاوني رئيس اركان الجيش وقادة الفيالق، لكن في بلدنا كل شيء مباح".
وبشأن منح رتب عليا لضباط في وزارة الداخلية، يشير الى أن "الشرطة العراقية ومنذ تأسيس وزارة الداخلية ولغاية 2003، قد منحت رتبة فريق مرة واحدة فقط، وهي تكريمية حصل عليها الفريق طاهر جليل الحبوش، حتى ينقل بعدها مديرا للمخابرات، أما الان فعشرات الضباط يحملون رتبة فريق، كما جرى مع مدير شرطة إحدى المحافظات".
وعن الحالة الأولى في وزارة الداخلية يوضح الطوفان "لأول مرة نشاهد ضابط شرطة يترفع لرتبة فريق أول في وزارة الداخلية"، منوها "لا ضير في التكريم، لكن يجب أن يكون ضمن السياقات، ولا يمكن كسر القاعدة العسكرية إطلاقا".
وينبه الى أن "واحدة من المصائب، باتت لدينا أكثر من 16 ضابطا برتبة فريق بالأمرة، بينما كان الجيش المصري باكمله لديهم فريق أول وهو وزير الدفاع و3 ضباط برتبة فريق و3 برتبة لواء، إذ كان وزير الداخلية هناك برتبة لواء".
وحصلت "العالم الجديد" على نسخة من قوائم التكريم، وورد فيها اسم مدير مكتب رئيس لجنة مكافحة الفساد وهو احمد راضي الساعدي، من مواليد 1985، وتمت ترقيته من رتبة عقيد الى رتبة عميد، في حين إن أغلب الضباط الذين تمت ترقيتهم الى هذه الرتبة (عميد) هم من مواليد 1960 وحتى 1979 في أقل الحالات.
وبهذا الصدد، يكشف مصدر أمني رفيع المستوى خلال حديث لـ"العالم الجديد"، عن أن "هذه الترقيات الجديدة التي منحت للعديد من الضباط رتبا رفيعة كفريق وفريق أول، جاءت بناء على العلاقات الشخصية، خاصة وانها مخالفة لقرار وزير الدفاع جمعة عناد، الذي اتخذ في مجلس الدفاع الوطني، حيث قرر ان رتب ملاكات قيادات العمليات يكون لواء ركن فقط، وما جرى الان هو منح العديد من قادة العمليات رتب فريق وفريق اول".
ويشير الى أن "من المفترض بعد منح هذه الرتب العليا لقادة العمليات أن تجري سلسلة تغييرات في المناصب، حيث يتسلمون مناصب أعلى، وهذا من المتوقع ان يجري في الشهر المقبل".
وكان رئيس الحكومة الاسبق حيدر العبادي، قرر في عام 2017 إيقاف الترفيع العسكري، وذلك لأول مرة في تاريخ العراق الحديث منذ العام 1958، لأسباب مالية بسبب سياسة التقشف التي اتبعتها حكومته، لمعالجة الترهل في السلك العسكري.
وتأتي هذه الترقيات في وقت يمر فيه البلد بازمة مالية حادة، حيث ان رتبة فريق تقابلها مخصصات مالية اضافية تقترب من مخصصات الوزير، حيث يبلغ الراتب بحدود 10 ملايين دينار، فضلا عن النثرية الخاصة بالضابط والحماية التي توفر له.
وبحسب قانون الخدمة والتقاعد لقوى الأمن الداخلي في العراق، فان ترقية الرتبة تتم وفق الضوابط التالية: ملازم – ملازم أول (3) ثلاث سنوات، ملازم أول – نقيب (3) ثلاث سنوات، نقيب – رائد (4) اربع سنوات، رائد- مقدم (4) اربع سنوات، مقدم – عقيد (4) اربع سنوات، عقيد – عميد (4) اربع سنوات، عميد – لواء (6) ست سنوات ولواء - فريق (6) ست سنوات.
ويستثنى من هذه الفترات الزمنية القدم في الخدمة، والذي يمنح من القائد العام للقوات المسلحة، بناء على شجاعة الضابط او موقف له في إحدى المعارك.