استثمار مصفى الفاو.. توقعات “ايجابية” تصطدم بـ”عقد مجهول”

عد خبراء بالنفط والطاقة، إحالة مصفى الفاو الى شركة صينية مستثمرة “خطوة كبيرة” للعراق، وستؤدي…

عد خبراء بالنفط والطاقة، إحالة مصفى الفاو الى شركة صينية مستثمرة “خطوة كبيرة” للعراق، وستؤدي الى اكتفاء البلد ذاتيا من المشتقات النفطية وتصديره أيضا، لكنهم رهنوا هذه التوقعات بـ”نوع العقد” الذي لا يزال “مجهولا”.

ويقول الخبير النفطي عصري موسى في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “إحالة مصفى الفاو الى الاستثمار، خطوة كبيرة اذا تحققت بشكل يسير، لكننا لا نعرف لغاية الآن إمكانيات الشركة الصينية وكيف تمت الإحالة، إلا أنه بالمجمل اذا تقدم هذا الأمر للأمام فانه يعني الشيء الكثير للبلد”.

ويضيف موسى “مثل هذه المشاريع لن تنجز بأقل من 5 سنوات من تاريخ التنفيذ، ولغاية الان لا نعرف متى يكون التنفيذ، إذ بعد الإحالة، يوجد هناك الكثير من الخطوات للوصول الى التنفيذ”، مبينا ان “العراق بحاجة الى طاقة تصفية كبيرة، ولا يمكن ان يبقى معتمدا على المصافي القديمة، إذ يجب أن تكون لديه مصاف حديثة”.

ويلفت الى أن “طاقة المشروع وهي 300 الف برميل يوميا، يمكن أن تؤدي الى الاكتفاء الذاتي وسد الحاجة المحلية والتصدير ايضا، إذ سيكون هناك فائض”، موضحا، أن “المصافي الحديثة تنتج ما نسبته 70 بالمائة أكثر من القديمة”.

وكانت وزارة النفط اعلنت الأسبوع الماضي، إحالة مصفى الفاو الاستثماري الكبير بطاقة 300 ألف برميل يومياً مع بناء مجمع بتروكيمياويات الفاو الاستراتيجي إلى شركة CNCEC الصينية الحكومية، وبحسب الوزارة فان المشروع يعد “أضخم مشروع استثماري” في الصناعة النفطية ونقلة نوعية في قطاع التصفية والصناعات البتروكيماويات.

وفي أواخر شهر حزيران يونيو الماضي، حدثت أزمة بنزين محسن “عالي الأوكتان” في العراق، وبحسب وزارة النفط فانها أكدت أن كلفة استيراد البنزين المحسن أعلى من سعر بيعه للمواطنين، وذلك بالتزامن مع تداول وسائل التواصل الاجتماعي آنذاك مقاطع فيديو، عن خلو محطات تعبئة الوقود من البنزين المحسن، الذي عمد أغلب أصحاب السيارات الحديثة لاستخدامه، على عكس البنزين العادي، الذي يتسبب بأعطال في السيارات.

الى ذلك، يوضح الخبير في شأن الطاقة بلال الخليفة خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الجميع شاهد وزير النفط وهو يحيل مصفى الفاو الاستثماري الى شركة CNCEC الصينية بطاقة 300 الف برميل باليوم، مع بناء مجمع بتروكيمياويات، لكن للاسف لم نعلم ما هي طبيعة العقد، هل هي انشاء وتصميم وتشغيل، أم يضاف لذلك تمويل أيضا كون الوضع المالي غير جيد، أم ان المشروع ينفذ بطريقة عقد البوت (bot)”.

يشار الى أن عقد البوت هو أن تمنح الحكومة شركة استثمارية متخصّصة، امتيازا لانشاء مشروع ضخم وتنفيذه وتشغيله، على أن يسمح لها باستعادة ما أنفقته على هذا المشروع إضافة الى أرباحها المتوخاة فيه عبر استيفاء رسوم معينة من المستفيدين من خدماته مباشرة، وذلك تحت إشراف الحكومة.

ويلفت الخليفة، الى أن “هذه النقطة مهمة جدا وهي معرفة نوع الاستثمار ونوع العقد، أما النقطة الاخرى، التي يجب علينا التركيز عليها هي ان العراق لازال الى اليوم يستورد 10 ملايين لتر يوميا من البنزين عالي الاوكتان و5 ملايين لتر من زيت الكاز، بلغت قيمة استيراد العراق من المشتقات النفطية 24 مليار دولار، رغم مرور 11 عاما على بدء شركات جولات التراخيص النفطية ودخول الشركات العالمية في العراق، حيث كان من المفترض ان يتم الالتفات لهذا القطاع منذ اليوم الاول بعد تغيير النظام في عام 2003 أو على الاقل يتم المضي خطوة بخطوة مع الشركات الاستخراجية”.

ويؤكد أن “الصناعة التحويلية وكذلك صناعة الغاز لم تلق الاهتمام الكافي، مثلما تلقى قطاع الاستخراج الاهتمام الكبير”، مضيفا “الان التفتت الحكومة والمسؤولون القطاعيون الى هذا الخطا، فبدأوا بالاهتمام بهذين القطاعين النفطيين، إذ يأتي متاخرا خير من أن لا ياتي”.

 

وينوه الى أن “الجدوى الاقتصادية غير معروفة ما لم نطلع على نوع العقد، لان الحكومات تقوم ببعض الاحيان بمشاريع لحل مشاكل تعاني منها، حتى وإن خلت من الجدوى الاقتصادية، كنت أتمنى أن يتم تنفيذة باستثمار خارجي تماما من قبل الشركات العالمية الكبرى والاعتماد على القطاع الخاص في هذا المجال بدل القطاع العام الذي يرهق الموازنة العامة الاتحادية”.

وبحسب القمة الثلاثية بين العراق ومصر والاردن، فانه سيتم مد انبوب نفط البصرة العقبة في الاردن، وصولا الى الموانئ المصرية، حيث سيتم استخراج المشتقات النفطية فيها وإعادتها للعراق، لاسيما وان وزير البترول المصري طارق الملا، زار بغداد في تشرين الاول اكتوبر الماضي، وذلك بعد ايام من توقف إمداد شركة أرامكو السعودية لمصر بنحو 700 ألف طن من المواد البترولية، في إطار اتفاقٍ طويل الأجل بين الرياض والقاهرة، التي تشهد العلاقات بينهما توترا منذ شهور على خلفية قضايا ثنائية وإقليمية.

وبحسب الوزير المصري، فانه صرح من بغداد بشكل واضح بأن “مصر تمتلك قدرات تكرير فائضة يمكن استغلالها في تكرير خام البصرة، من أجل سد احتياجات الجانب العراقي من المشتقات النفطية، إضافة إلى الخام الذي ترغب مصر في شرائه”.

 

وكان الخبير النفطي عصري موسى، أكد في وقت سباق لـ”العالم الجديد”، أن المانع الذي يقف امام العراق حول تكرير النفط لاستخراج البنزين المحسن، يكمن في ان هذه المشاريع تكلف مليارات الدولارات، إذ ان العراق وقع عقدا في مصفى البصرة بقرض ياباني كلفته 4 مليارات مليارات دولار، لكنه لا يستطيع تخصيص مبالغ من موازناته لاكمال هذه المشاريع.

ويعاني العراق، بالاضافة الى نقص انتاج البنزين المحسن، من انعدام استثمار الغاز المصاحب، الذي يحترق خلال استخراج النفط، ما يجعله يستورده من ايران لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية، رغم توقيعه عشرات العقود مع شركات عالمية لاستثمار الغاز، الذي تقدر كمياته المحترقة بـ629 مليار قدم مكعب، بحسب ادارة معلومات الطاقة الامريكية، التي اكدت ان هذه الكمية المحترقة من الغاز تكفي لإمداد 3 ملايين منزل بالطاقة.

إقرأ أيضا