انسحاب الصدر من الانتخابات.. قرار أم تكتيك؟

احتمالات شتى تلقفتها وسائل الإعلام والتواصل بشأن خطوة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بالانسحاب من…

احتمالات شتى تلقفتها وسائل الإعلام والتواصل بشأن خطوة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بالانسحاب من الانتخابات المقبلة، وإذ فسرها البعض بمحاولة لتأجيل الانتخابات، أكد آخرون بأنها محاولة للتخلص من الضغوط الشعبية التي تتهمه بالمساهمة في الفساد والفشل، أو أنها مناورة للضغط على الكتل السياسية للحصول على مكتسبات مبكرة في الحكومة المقبلة، احتمالات طرحتها “العالم الجديد” على عدد من المحللين السياسيين للوقوف على حقيقة الموقف المفاجئ للصدر.

وتعليقا على تلك الآراء، يقول المحلل السياسي محمد نعناع في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “جميع الآراء التي طرحت حول انسحاب زعيم التيار الصدري من الانتخابات متوقعة، ولكنها تبقى في اطار الاحتمالات، خصوصا في ظل تفكك قيادات التيار الصدري وتضاؤل شعبيته”.

ويضيف نعناع، أن “الصدر يشعر بانخفاض شعبيته، بسبب تحميل تياره أو هو شخصيا بعض الإخفاقات الحكومية التي تسببت بمشاكل كثيرة، خذ مثالا على ذلك، أن جمهوره لم يخرج بكثافة كما كان متوقعا بعد دعوته لتلقي لقاح كورونا، لذا فانه قد يهدف للتغطية على الحالة الشعبية المنخفضة في هذه المرحلة”، موضحا أن “كل هذه الأمور تبين أن الصدر غير مرتاح لشعبيته، وأنه يجب أن يقوم بحركة للتغطية على ذلك، فيلجأ للعاطفة لتعبئة جماهيره كما قام بتأبين نفسه ونعيها، ما ووجه بانتقادات كبيرة، حتى أننا شاهدنا رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، حيث قال بشكل واضح أن الصدر يشعر بضغوط نفسية، وأنه لا توجد مؤشرات على حدوث أمر يدعو الصدر للانسحاب”.

وكان الصدر قد ظهر أمس الأول الخميس، في كلمة فيديوية، أكد فيها “سحب” يده من “كل المنتمين لهذه الحكومة الحالية واللاحقة، وإن كانوا يدعون الانتماء لنا آل الصدر”، متابعا “لست ممن يتنصل من المسؤولية، إلا ان ما يحدث في العراق هو ضمن مخطط شيطاني دولي لاذلال الشعب وتركيعه واحراقه، خوفاً من وصول عشاق الاصلاح الذين سيزيلون الفساد حباً بالوطن، فلياخذوا كل المناصب والكراسي ويتركوا لنا الوطن”.

أثار هذا الاعلان لغطا سياسيا وشعبيا كبيرين، إذ سرعان ما أعلن مرشحو تحالف سائرون المرتبط بالصدر، عن انسحابهم من الانتخابات “طاعة للصدر”، فيما انتشرت الكثير من الصور في وسائل التواصل الاجتماعي، عن حرق جمهور التيار الصدري للبطاقات الانتخابية.

وفور إعلان الانسحاب المفاجئ للصدر من الانتخابات، ظهرت عشرات التدوينات والتعليقات الصحفية حول الأمر، حيث ذهب بعضها الى أنه سيكون مؤقتا وسرعان ما سيقرر العودة، فيما ذهبت أخرى الى أنه محاولة لتأجيل الانتخابات بالاتفاق مع رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، لكن آراء أخرى ذهبت الى أنه حاول التخلص من الضغوط الشعبية التي تتهمه بالمشاركة في دعم الفاسدين، متهمة اياه بتوجيه جمهوره سرا لانتخاب مرشحين جدد تابعين له، لكن رأيا آخر رأى في الخطوة مناورة للضغط على الكتل السياسية والحصول على مكتسبات مبكرة، قبل حسم الانتخابات.

بالمقابل، فان المفوضية أكدت عدم ورود أي طلب رسمي بالانسحاب من الانتخابات المقبلة، وأغلقت باب قبول طلبات المنسحبين في 20 حزيران يونيو الماضي، وتمت المصادقة على المرشحينـ فيما دعا أغلب قادة القوى السياسية والفصائل المسلحة، الصدر عبر بيانات وتغريدات، الى العدول عن قراره.

من جانبه، يبين المحلل السياسي أحمد الربيعي، في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قدرة وحجم الصدر في المشهد العراقي ليست برلمانية وإنما اجتماعية، بمعنى ان الثقل السياسي الذي يشكله الصدر ينبع من الثقل الاجتماعي وليس من عدد المقاعد التي يحصل عليها تياره في البرلمان”.

ويشير الربيعي، الى أن “الصدر يؤثر على المشهد السياسي بالعراق، حتى لو كان يمتلك نائبا واحدا فقط، لكنه الان منزعج من طبيعة التنافس السياسي غير المشروع وما افرزه من تأثيرات على الواقع الامني والاجتماعي، والذي ظهر على شكل اتهامات موجهة ضده”.

ويؤكد أن “انسحاب الصدر قد يؤدي إلى تأجيل الانتخابات، إذ من الممكن جدا أن تلجأ القوى الكردية والسنية للتضامن مع انسحاب الصدر، وتدفع بتأجيل الانتخابات”، موضحا أن “هناك شرعية قانونية وسياسية للانتخابات، وأن انسحاب الصدر سحب الشرعية السياسية”، منوها الى أن “الكتل الشيعية ستسعى جاهدة للوساطة وتحاول ثني الصدر عن قراره، لذا قد تلجأ إلى حل ثانٍ وهو الغاء الانتخابات”.

وفي الآونة الأخيرة، وجهت العديد من الاتهامات الى التيار الصدري بالفساد، خاصة داخل الوزارات الخدمية كالكهرباء والصحة وغيرها.

الى ذلك، يبين المحلل السياسي اياد العنبر في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “جميع الاحتمالات مطروحة حول أسباب انسحاب الصدر، لكن ليست بالضرورة ان تكون هذه الاحتمالات هي الحقيقة والاقرب للواقع”.

وبشأن فكرة الانسحاب نتيجة اتفاق مع الكاظمي لتأجيل الانتخابات، ينوه الى أن “أي انسحاب بشكل منفرد لن يؤدي للتأجيل”، لافتا الى أن “انسحابه محاولة لسحب الضغط على التيار الصدري، حيث حملت الكثير من الآراء في الفترة الأخيرة التيار الصدري بأنه هو المسؤول عن تدهور واقع الصحة والكهرباء، لكونهم مسؤولين عن هاتين الوزارتين الخدميتين”.

ويشير الى أن “الصدر ربما يريد إحراج الفرقاء السياسيين، بأن يكونوا هم في مواجهة الجمهور بانسحابه خطوة إلى الوراء، ويكون بموقف مع الشارع لتوفير متطلباتهم، ويكون بعيدا عن الحكومة في الفترة المقبلة”، مؤكدا أن “جميع هذه الآراء تبقى مطروحة وننتظر الأيام المقبلة لتأكيد الموقف في قضايا انسحاب القيادات في التيار الصدري أو المرشحين التابعين له، لكن يبقى التساؤل الأهم هو هل يستمر السيد الصدر على هذا الموقف أم لا”.

وتعد هذه الانتخابات المبكرة، إحدى مطالب التظاهرات التي انطلقت في تشرين الأول أكتوبر 2019، وأجبرت رئيس الحكومة عادل عبد المهدي على تقديم استقالته، ومن ثم المجيء بحكومة مصطفى الكاظمي التي كان هدفها الأول هو الإعداد لانتخابات مبكرة، وتكون “حرة ونزيهة”.

وخلال الفترة الماضية، برزت العديد من الإشكالات بشأن الانتخابات، منها عمليات الاغتيال والاختطاف التي طالت ناشطين، كان آخرها اغتيال رئيس الحراك المدني في كربلاء ايهاب الوزني، التي دفعت بالعديد من القوى السياسية المنبثقة من تشرين وغيرها، الى الانسحاب من الترشح والمطالبة بتوفير أجواء آمنة لاجراء الانتخابات، فضلا عن تنامي الهجمات ضد المصالح الامريكية في العراق، الأمر الذي اعتبر “إخلالا بالأمن” مع قرب موعد الانتخابات.

إقرأ أيضا