نهر الكارون.. احتجاجات إيرانية ومطالبات عراقية

منذ أربعة أيام، ومحافظة خوزستان الايرانية، ذات الغالبية العربية، تشهد تظاهرات كبيرة سقط فيها قتلى،…

منذ أربعة أيام، ومحافظة خوزستان الايرانية، ذات الغالبية العربية، تشهد تظاهرات كبيرة سقط فيها قتلى، احتجاجا على تغيير مجرى نهر الكارون الذي يعد شريان الحياة بالنسبة للمحافظة، تزامنا مع تهديد عراقي بتدويل قضية قطع الأنهر الايرانية التي تصب في العراق، ومنها “كارون” و”الكرخة” و”الوند“.

وتم تغيير مجرى نهر الكارون في العام 2018، حين أعلن معاون وزير الزراعة الإيراني آنذاك، علي مراد أكبري، عن قطع حوالي 7 مليارات متر مكعب صوب الحدود العراقية، وتخصيص مبلغ 8 مليارات دولار لوزارات الطاقة والزراعة للتحكم بحركة المياه، وأن هذه الكميات من المياه ستستخدم في 3 مشاريع رئيسية في البلاد، منها مشروع على مساحة 550 ألف هكتار في خوزستان، و220 ألف هكتار في خوزستان أيضا وإيلام، في غرب إيران، الأمر الذي أثر على مياه شط العرب وزاد من ملوحتها، وأضر الأراضي الزراعية في محافظة البصرة.

وتقطع نحو سبعة سدود كبيرة تدفق مياه نهر الكارون الذي ينتهي به المطاف في شط العرب، فيما يصطدم نهر الكرخة في شمال محافظة خوزستان بسد ترابي كبير، بعدما يجتاز عدة سدود في طريقه.

واتجهت التظاهرات في الأهواز مركز محافظة خوزستان نحو التصعيد يوم أمس، بعد سقوط أول قتيل فيها، ما دفع المتظاهرين الى قطع طريق سريع.

وتبع الاعلان الايراني، بيان صدر في ذلك العام من حكومة إقليم كردستان في العراق، أكدت فيه ان ايران غيرت مجرى نهر الكارون بالكامل وأقامت ثلاثة سدود كبيرة على نهر الكرخة بعدما كان هو وكارون يمثلان مصدرين رئيسين لمياه الإقليم والعراق ككل.

وحول هذا الأمر، يقول الخبير المائي عادل المختار في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “نهر الكارون حدودي، غير خاضع للقوانين الدولية، لكنه يخضع للتعاملات بين دول الجوار (العراق وايران) أي الدول المعنية بمجرى النهر”.

ويضيف المختار، أن “ايران بالفترة الأخيرة قطعت 42 نهرا عن العراق، ومنها سيروان والوند والكارون وجعلتها انهار داخلية”، متابعا “اذا أعيد نهر الكارون إلى مجراه السابق، فستنخفض كمية الملوحة في شط العرب، كما له تأثير مباشر على محافظة البصرة، وعليه نتأمل ان تستجيب ايران لصوت العقل وتعيد النظر بسلوكها المائي الخطير جدا على العراق، حيث ان شحة المياه قد تسبب الأذى لـ7 ملايين مواطن عراقي”.

وحول الخطوات الرسمية التي يمكن ان يتخذها العراق، يبين المختار، أن “على وزارة الموارد المائية رفع الموضوع للمجلس الوطني للمياه، حتى يكون الملف بيد رئيس الوزراء”، مؤكدا ان “وضعنا حرج اليوم، كما ان المفاوضات يجب ان تكون بيد وزارة الخارجية ويرأسها رئيس الوزراء، ويجب الاخذ بنظر الاعتبار التعاملات الاقتصادية وادخالها ضمن المفاوضات”.

وبحسب ما نشر من مقاطع فيديو في وسائل التواصل الاجتماعي، فان التظاهرات في الاهواز، امتدت الى المدن المجاورة لنهر كارون والكرخة، ووصلت إلى مدينة الحويزة بالقرب من هور العظيم الحدودي مع العراق، واتسع نطاقها في مدينة الفلاحية بجوار هور الفلاحية، الذي يعد اكبر اهوار المحافظة الايرانية.

ويشكل تحويل مجرى الكارون عن خوزستان، تهديدا للسكان الذين يعتمد قسم كبير منهم على مياه النهر في ري زراعاتهم، ويقولون إن الأمر كان مبيتا بغرض دفعهم للهجرة من الإقليم، حسب ما نقل في مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي وقت سابق من هذا الشهر الحالي، أعلن الرئيس الايراني حسن روحاني أن الجفاف هذا العام كان “غير مسبوق”، حيث انخفض متوسط هطول الأمطار بنسبة 52 في المائة مقارنة بالعام السابق.

وأدى الجفاف في ايران، الى تكرار انقطاع التيار الكهربائي في العاصمة طهران والعديد من المدن الكبرى الأخرى، حيث ألقى مسؤولون فيها باللوم على تأثير الجفاف على توليد الطاقة الكهرومائية وكذلك زيادة الطلب.

وعانى العراق ايضا من موجة الجفاف التي ضربت المنطقة، ما أدى الى انخفاض مناسيب المياه في الانهر والبحيرات، وبحسب المتحدث باسم وزارة المواد المائية عون ذياب، فانه اشار في حديثه يوم امس لـ”العالم الجديد”، الى ان “الجفاف شمل كل المنطقة، ولكننا طلبنا تقاسم الضرر وأن لا يكون المتضرر هو العراق فقط”.

وفي 10 تموز يوليو الحالي، كان وزير الموارد المائية مهدي رشيد، هدد باللجوء إلى المؤسسات الدولية لاستحصال حقوق العراق المائية من إيران، مؤكدا ان الجانب الإيراني لم يبد أي تجاوب معنا ومازال يقطع المياه عن أنهر وجداول سيروان والكارون والكرخة والوند، ما سبب أضرارا جسيمة لسكان ديالى التي تعتمد بشكل مباشر على المياه القادمة من إيران، منتقدا رفض إيران عقد اجتماع كان مقررا في منتصف حزيران يونيو الماضي، وأجل بسبب الانتخابات الإيرانية.

وأدى تغيير ايران لمجرى نهر الكارون لداخل أراضيها، الى ارتفاع المد الملحي في شط العرب، حيث يتكون شط العرب من التقاء نهري دجلة والفرات، حيث يلتقي نهر دجلة مع المجرى الأعلى للفرات بمدينة القرنة على بعد 375 كم جنوب بغداد، ويلتقي دجلة والفرات الأسفل في كرمة علي وروافد نهر الكارون.

وكانت وزارة الموارد المائية أصدرت بيانا بشأن المد الملحي، قالت فيه إنها اتخذت عدة أجراءات لمواجهة احتمال تقدم اللسان الملحي داخل شط العرب، بسبب النقص الكبير في واردات نهر الكارون، ولغرض تجنب زيادة تراكيز الاملاح في مركز قضاء الفاو.

إقرأ أيضا