حقول النفط المشتركة.. الكويت وايران “تتفرد” والعراق “يتفرج”

يتجدد اللغط حول استغلال الكويت للنفط العراقي، بعد نشر فيديو لاليات الحفر قرب الحدود العراقية…

يتجدد اللغط حول استغلال الكويت للنفط العراقي، بعد نشر فيديو لاليات الحفر قرب الحدود العراقية الأسبوع الماضي، ما أثار العديد من التكهنات حول آلية استخراجه وحقوق كل بلد فيه، فاتحا الباب على مصراعيه حول أسباب زهد العراق بالحقول المشتركة مع الكويت وايران على الرغم من جولات الترخيص العديدة التي منحت استثمارات شتى لشركات النفط العالمية. وفيما نفى خبراء وجود حفر “مائل” يصل الأراضي العراقية عبر الكويت، أكدوا أن الاستخراج يشمل الابار المشتركة مع العراق في ظل تغاضي جهات مسؤولة عن ممارسات من هذا النوع تقوم بها كل من ايران والكويت مقابل دعم سياسي ومالي كبير، معتبرين ذلك سببا مباشرا في توجه العراق الى استثمار حقوله النفطية الداخلية، والابتعاد عن المشتركة.

ويقول اللواء الدكتور جمال الحلبوسي المختص بترسيم الحدود الدولية في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “أبراج النفط الكويتية منتشرة على طول الحدود العراقية، ولا تبعد سوى 1– 2 كيلومتر، وسبق أن قدمنا تقريرا بهذا الخصوص في العام 2013، يتضمن كل التفاصيل، لكن لم يجد آذانا صاغية”.

ويضيف الحلبوسي “بداية لا توجد حقول ناضبة، كما ان حقل الرميلة هو مشترك بين العراق والكويت، وبحسب خرائط العام 1993، فان الجزء الاسفل منه اصبح داخل الاراضي الكويتية، وهنا في هذه الحال يجب الاستعانة بشركات عالمية، تقدر المخزون النفطي في البقعة، وحصة كل بلد فيه، أي كم المساحة من البقعة موجودة داخل العراق وكم تبلغ مساحة البقعة داخل الاراضي الكويتية، وعلى اساس هذه النسبة يستخرج النفط”، موضحا “لو كانت النسبة 70 بالمائة للعراق و30 بالمائة للكويت، فان شركات استخراج النفط تبدأ اعمالها بمعية مراقبين من كلا البلدين، وفي نهاية العام يتم احتساب الانتاج وتقسميه بين البلدين على اساس النسبة”.

ويتابع “ما يجري هو صمت رسمي تجاه استثمار الكويت لهذه البقعة النفطية دون مشاركة العراق، وهذا الامر سياسي بحت، فهناك بعض الجهات السياسية، التي تغض البصر عن استخراج الكويت للنفط مقابل حصة منها، ومقابل دعم سياسي كبير، لذا دائما ما يتجه العراق الى استثمار حقوله النفطية الداخلية، وليس المشتركة مع دول الجوار”، لافتا الى أن “ما يجري ليس فقط مع الكويت بل مع ايران ايضا، التي تستخرج النفط من الحقول المشتركة بصورة مفردة دون تدخل العراق”.

ويتشارك كل من العراق وإيران في حقول “مجنون” و”أبو غرب” و”بزركان” و”الفكة” و”نفط خانة”، التي يصل مخزونها مجتمعة من النفط الخام الخفيف إلى أكثر من 95 مليار برميل، بحسب بيانات رسمية عراقية، كما تشير ترجيحات إلى وجود 10 حقول غير مكتشفة تمتد على حدود البلدين.

وأظهر وزير النفط الإيراني بيغن زنكنة، في شباط فبراير الماضي، أن الطاقة الإنتاجية في حقول النفط في غرب كارون المشتركة مع العراق ضمن حدودها مع البصرة العراقية ارتفعت من 70 ألفاً إلى 400 ألف برميل يومياً خلال الأعوام السبعة الأخيرة، وفق خطة تهدف إلى رفع تلك الطاقة خلال السنوات القليلة المقبلة إلى مليون برميل يومياً.

وبشكل مفاجئ في ذات الشهر، أعلن المدير التنفيذي لشركة “أويك” المطوّرة لحقل “آذر” غربي إيران، غلام رضا منوجهري، عن قرب بدء استخراج 65 ألف برميل من النفط الخام يومياً من الحقل المشترك مع العراق، والذي يسمى داخل العراق “حقل بدرة”، وتبلغ احتياطاته المؤكدة نحو 3 مليارات برميل، وإنتاجه اليومي نحو 45 ألف برميل منذ العام 2015، ويُدار من قبل ائتلاف شركات روسية وكورية وماليزية وتركية، تهدف لزيادة إنتاجه إلى 170 ألف برميل يومياً.

وينوه الحلبوسي، الى أن “الكويت بدأت باعمال الحفر قبل عام 2003، لكن دون سحب النفط من أي بئر، وبعد عام 2006 تطور الحفر وازداد وبدأت بسحب النفط”.

والأسبوع الماضي، انتشر فيديو بشأن وجود حقول أبراج نفط كويتية عند الحدود العراقية، وبحسب الفيديو المصور بكاميرا هاتف محمول، فانه كان قريبا جدا من السور الحدودي، ما أثار موجة ردود كبيرة حول استخدام الكويت لـ”الحفر المائل” لاستخراج النفط من الاراضي العراقية.

شركة نفط البصرة، ردت من جانبها على الفيديو، عبر بيان صحفي، بين فيه ان الفيديو مفبرك من حيث البعد باستخدام تقنية الزوم بحيث يوهم المتلقي أن البعد لا يزيد عن 100 متر، وهذا لدواعي إثارة الرأي العام، واستنادا الى فرق الرصد والمتابعة التابعة للشركة تثبت أن العمليات النفطية للجانب الاخر لا تقل عن 400 متر داخل الأراضي الكويتية، وان من حق أي دولة ممارسة أعمالها ضمن الحدود الدولية المعترف بها وحسب القانون الدولي ولا نجد  فيه تجاوزا على حقوق الآخرين.

وبحسب البيان ايضا، فانه اشار الى أن “نشاط الجانب الآخر في المنطقة المستهدفة هو لمكامن ضحلة يصل عمقها إلى 600 متر، ونوع النفوط فيها ثقيل لا يمكن له الهجرة إلى الجانب الآخر، وموثق لدينا بمكمن الفارس الأسفل إضافة إلى أن استخراجه مكلف وينحسر في الجانب العراقي لمساحة صغيرة، أما التثقيب وسرقة النفط فيعكس جهل الناشر بالصناعة الاستخراجية، كون تثقيب الآبار لا يتجاوز 12 عقدة والثابت لدينا أن المكامن المنتجة المشتركة بين الجانبين أصبحت ناضبة وارتفاع قاطع الماء فيها”.

وفي العام 2019، كانت وزارة النفط قد اعلنت عن لتوصل إلى اتفاق مع الكويت على تعيين شركة استشارات الطاقة البريطانية إي.آر.سي اكويبويز، لإعداد دراسة بخصوص تطوير حقول النفط الحدودية المشتركة، وانه يعد الأول من نوعه بين البلدين ويمثل الخطوة الأولى نحو إبرام اتفاقات جديدة تنظم الاستثمار والاستغلال الأمثل للحقول الحدودية المشتركة مع دول الجوار وفق الصيغ والآليات والاتفاقات الدولية المعتمدة.

وتزامن اعلان الوزارة آنذاك، بزيارة رئيس الحكومة السابق عادل عبدالمهدي الى الكويت واجتماعه مع اميرها الراحل الشيخ صباح الجابر الصباح.

الى ذلك، يبين الخبير النفطي عصري موسى في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “كلفة استخراج النفط من هذه البقعة، أعلى من بيعه في ظل شحة كميات النفط هناك”.

ويشير موسى الى انه “في حال ارتفاع اسعار النفط، فان هذه الكميات من النفط ستسجل ارباحا”، مبينا ان “ما تقوم به الكويت لا ينم عن عدم معرفتها بهذه الامور، وانما ينبع من قضايا سياسية ايضا، وهي تتمحور حول تثبيت حدودها مع العراق، أي تثبت قدمها في هذه الارض وتعتبرها جزءا من دولتها”.

وحول ما أُثير بشأن الحفر المائل واستخراج النفط من الاراضي العراقية، يؤكد أن “الحديث عن وجود الحفر المائل غير دقيق، وما تقوم به الكويت الان هو حفر عمودي، كون المائل مكلفا جدا ولن يحقق اي مردود اقتصادي”.

يذكر انه لغاية الان لم يبرم العراق أية اتفاقية مع الكويت لاستثمار الحقول النفطية المشتركة، ولم تسفر المفاوضات واختيار الشركات عن أية نتائج، خاصة وان وزارة النفط الكويتية أكدت في 2018 قرب اختيار الجهة الاستشارية بعد تحديد قائمة قصيرة تضم 4 مرشحين.

Image

Image

Image

Image

Image

Image

Image

Image

Image

إقرأ أيضا