بدلا عن الأرصفة والساحات.. مواقع التواصل الاجتماعي ميدانا للتنافس الانتخابي

حلت مواقع التواصل الاجتماعي محل الأرصفة والساحات كميدان جديد للتنافس الانتخابي بين القوى السياسية، لما…

حلت مواقع التواصل الاجتماعي محل الأرصفة والساحات كميدان جديد للتنافس الانتخابي بين القوى السياسية، لما توفره من خيارات متعددة ومساحة أكبر في الطرح، وثمن أقل من طبع اليافطات واللافتات وتعليقها، ما جعل أعين “المفوضية العليا المستقلة للانتخابات” تتجه الى رصد الخروق في الدعاية الانتخابية، بالتعاون مع هيئة الاعلام والاتصالات.

ويقول النائب والمرشح محمد كريم في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “العالم باكمله في ظل التكنولوجيا أدرك أن الاعلام الالكتروني هو اسرع وسيلة للتواصل والوصول الى المواطن، ولكن هذا لا يغني عن ما يوضع من يافطات وملصقات في بعض المدن، التي قد تكون فيها هذه الملصقات اكثر تأثيرا من مواقع التواصل”.

ويضيف كريم، أن “الاعلام الالكتروني اسرع وصولا واكثر جاذبية، اضافة الى امكانية التنويع فيه وطرح مواضيع مختلفة من خلاله، عكس اليافطات التي قد تشير الى شيء معين فقط دون وجود ميزة التعددية فيها”.

ويبين أن “الانتخابات الحالية ستشهد دعاية الكترونية كبيرة، في حين سنشهد دعاية مطبوعة قليلة، حيث ان غالبية الصفحات على مواقع التواصل هي مجانية، باستثناء عمليات التمويل، لكن الاعلانات المطبوعة تحتاج الى نقل ونصب مواد حديدية، ناهيك عن الاعلانات التي يتم تمزيقها”.

وكانت مفوضية الانتخابات، أعلنت في 7 تموز يوليو الحالي، عن المصادقة على قرعة مرشحي الانتخابات، وانطلاق الحملة الدعائية لهم، من تاريخ المصادقة على القرعة ونشر اسماء المرشحين في الصحف الرسمية.

ويعد انطلاق الدعاية الانتخابية للمرشحين في هذا التوقيت، سابقة هي الأولى في الانتخابات التشريعية النيابية التي شهدها العراق سابقا، وغالبا ما تنحصر بمدة شهر واحد فقط، وهذا ما جرى في أغلب الانتخابات.

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة الفيس بوك، حملات دعائية كبيرة وترويج للمرشحين، من قبل صفحات كبيرة وذات تأثير، فضلا عن المنشورات الممولة، التي شكلت زخما كبيرا في مواقع التواصل، وذلك في وقت لا تزال الطرق العامة والساحات شبه خالية من ملصقات المرشحين.

الى ذلك، تبين المتحدثة باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، جمانة غلاي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المفوضية شكلت لجانا رئيسية وفرعية في المحافظات كافة لمراقبة ورصد المخالفات التي تحدث خلال العملية الانتخابية”.

وتلفت غلاي، الى أن “المفوضية نسقت عملها مع هيئة الاعلام والاتصالات حول الدعاية في الوسائل المسموعة والمرئية، ومساعدتنا ايضا في متابعة مواقع التواصل الاجتماعي، كما تم التنسيق مع امانة بغداد ودوائر البلدية ايضا لرصد المخالفات الانتخابية”.

وتتابع “هذه اللجان انطلقت بعملها لمتابعة كل ما هو موجود سواء كان على مواقع التواصل الاجتماعي او غيرها”.

يشار الى أن هذه الانتخابات، ستشهد مراقبة دولية، من قبل مجلس الامن الدولي والاتحاد الاوروبي، بناء على طلب تقدمت به الحكومة العراقية، وذلك بهدف الحد من الخروق فيها، إضافة الى مساعي الدول الغربية لمنح العراق “استقلاله” في اتخاذ القرار السياسي، عبر اجراء انتخابات نزيهة.

من جانبه، يلفت الخبير بالشؤون الانتخابية عادل اللامي في حديث لـ”العالم الجديد”، الى أن “مسألة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي تم العمل بها منذ العام 2010 تقريبا، للإعلان والترويج عن المرشحين والكيانات السياسية، لكن الآن وبسبب طول فترة الدعاية البالغة 3 أشهر فان الدعاية المطبوعة لم تبدأ بعد”.

ويوضح اللامي، ان “معظم المرشحين يحاولون ان يحصروا دعايتهم في الشهر الاخير، لكي لا يكون هناك ملل من استخدام دعايتهم بشكل طويل، حيث ان الناخب العراقي مزاجي وقد يتأثر بطول الفترة، وبالتالي تصبح الدعاية عاملا سلبيا بالنسبة للمرشحين”، مردفا “في الانتخابات السابقة كانت الدعاية لمدة شهر، ولكن التزاحم يكون في آخر 10 أيام بالنسبة للصور والملصقات، وبالتالي فاننا قبل الانتخابات بأسبوعين أو ثلاثة سنشهد فوضى من الملصقات وغيرها”.

ويؤكد أن “الدعاية في مواقع التواصل هي أقل كلفة بكثير من الدعاية المطبوعة، حيث أن شراء الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي، أي مدفوعة الثمن تكون اقل كلفة من الاعلانات في الشوارع وغيرها”.

وظهرت في مواقع التواصل، العديد من الخلافات بين السياسيين، وأحدثها كانت الرسائل المتبادلة بين زعيم تحالف تقدم رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وزعيم تحالف عزم خميس الخنجر، التي تبادلا فيها الكلام الحاد و”الشتائم”.

كما عمدت الكثير من القوى السياسية الى انشاء صفحات بمسميات مختلفة، سواء سياسية او اجتماعية، بهدف الترويج لمرشحيها، واستعانت لادارة هذه الصفحات بخبرات صحفية متمرسة أو مدراء صفحات ذوي خبرة طويلة.

الى ذلك، يرى المرشح المستقل عن محافظة البصرة، مقداد ابو الهيل، والذي يخوض تجربة الترشيح للمرة الاولى ان “اليافطات المطبوعة لا غنى عنها، على اعتبار انه ليس الجميع يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي”.

ويردف خلال حديثه مع “العالم الحديد”، أن “مواقع التواصل، وبصراحة، اخذت الحيز الاكبر بالدعاية الانتخابية، وهذا الامر يعود بالنفع للمرشحين الذين لا يمتلكون اعلاما قويا، فانهم يستعينون بهذه المواقع وبكافة صنوفها، لكنها في النتيجة لن تغني عن اليافطات والكارتات التعريفية”.

ويشير الى ان “موضوع بيع الصفحات الشهيرة والتي تضم عدد متابعين كبير، موجود، اذ يتم استغلالها من قبل المرشحين وبعض الجهات، خاصة من يمتلكون الاموال لشراء مثل هذه الصفحات على مواقع التواصل”.

من جانبه، يوضح صاحب مطبعة نبراس، احمد الربيعي في حديث لـ”العالم الجديد”، ان “الصورة لم تتضح لغاية الان، فاعداد المرشحين الذين يطلبون طباعة الملصقات واليافطات قليلن جدا، مقارنة بنفس الفترة في الانتخابات السابقة”.

ويضيف أن “الطباعة ضرورية لكل مرشح، لكن لمسنا أن غالبية المرشحين متخوفون من الغاء الانتخابات او تأجيلها، وهذا ايضا يؤثر على الدعاية وعملنا”، متابعا “في كل انتخابات نبدأ بطباعة البوسترات قبل 40 يوما من انطلاق الدعاية الانتخابية، في حين ان طباعة الكارتات تكون بعد ظهور أرقام المرشحين”.

ويلفت الى ان “الدعاية المطبوعة أغلى بكل تاكيد من الدعاية على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً في اوقات الانتخابات، كما انها تعتمد على اسعار السوق ولكن بصورة عامة سعر المتر بالنسبة للبوسترات فانه يطبع بـ5 الاف دينار (3.5 دولار)”.

ومن المفترض أن تجري الانتخابات في 10 تشرين الاول اكتوبر المقبل، بحسب قرار مجلس الوزراء، الصادر بناء على مقترح من المفوضية التي أكدت انها غير قادرة على إجراء الانتخابات في الموعد الذي حدده المجلس، وهو حزيران يونيو الماضي.

وتعد هذه الانتخابات، إحدى مطالب التظاهرات التي انطلقت في تشرين الاول اكتوبر 2019، وأجبرت رئيس الحكومة عادل عبد المهدي على تقديم استقالته، ومن ثم المجيء بحكومة مصطفى الكاظمي، التي كان هدفها الاول هو الاعداد لانتخابات مبكرة، وتكون “حرة ونزيهة”.

إقرأ أيضا