تفاصيل حصرية.. توتر غير مسبوق في العلاقات العراقية الأوروبية بسبب الهجرة غير الشرعية

هجرة العراقيين غير الشرعية الى دول أوروبا عبر “بيلاروسيا” فـ”ليتوانيا” بلغت مستويات خطيرة، بعد ورود…

هجرة العراقيين غير الشرعية الى دول أوروبا عبر “بيلاروسيا” فـ”ليتوانيا” بلغت مستويات خطيرة، بعد ورود معلومات حصلت عليها “العالم الجديد”، بتهديد الاتحاد الأوروبي لبغداد، باتخاذ عقوبات بحقها في حال عدم تعاونها لإيقاف هذا النوع من الهجرة، لاسيما أن الاجتماعات بين الجانبين لم تفض الى نتائج تذكر.
 

وتقول مصادر دبلوماسية أوروبية في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ملف هجرة العراقيين الى ليتوانيا اتخذ أبعادا كبيرة وخطيرة، خاصة بعد أن استنجدت ليتوانيا بالاتحاد الاوروبي وحلف الناتو، لوضع حد لهذه الهجرة”.

وتضيف المصادر، أن “عدد العراقيين الذين وصلوا الى ليتوانيا بلغ 3 الاف شخص، وتم وضعهم في مركز طلب لجوء مغلق، أي أشبه بالمعتقل، يمنع الدخول والخروج منه”، مبينة أن “طالبي اللجوء لغاية الان لم يتم التعامل معهم بشكل رسمي، بل وضعوا في هذا المركز دون تسيير معاملاتهم وبانتظار موقف من العراق بشأنهم”.

وكانت “العالم الجديد” أول وسيلة إعلام عربية وعالمية، نشرت تفاصيل خط الهجرة من بغداد الى ليتوانيا، عبر دولة بيلاروسيا، وتقصت سير خط السفر الذي يبدأ من بغداد او اسطنبول وصولا الى مينسك (عاصمة بيلاروسيا)، ومنها الى ليتوانيا، فيما كشف وزير الداخلية الليتواني أجني بيلوتيتو، الذي ترجمته الصحيفة في وقتها، أن نقل العائلة يكلف 35 الف يورو، فيما يتم نقل الشاب بمبلغ 1500 يورو.

وتوضح المصادر، أن “ليتوانيا، وهي الدولة العضو في الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الأطلسي الناتو، طلبت مساعدة عاجلة لوقف هذه الهجرة التي تتم عبر دولة بيلاروسيا الحدودية مع ليتوانيا، ما دفع الاتحاد الاوروبي الى الضغط على العراق، والبداية كانت من زيارة وزير الخارجية فؤاد حسين الى بروكسل في اواخر حزيران يونيو الماضي، حيث اجتمع معه وزير الخارجية الليتواني غابريليوس لاندسبيرغيس”.

وتردف أن “حسين أبلغ وزير الخارجية الليتواني بان العراق لا يمكنه فعل شيء، وطلب منه زيارة بغداد للتباحث بالمسألة، وهذا ما جرى حيث زار غيس بغداد في منتصف الشهر الماضي، وعندها طلب من الحكومة العراقية إعادة العراقيين قسرا، وهو ما رفضه العراق، بسبب عدم التأكد من هوية المحتجزين في ليتوانيا، إذ من المحتمل أن يكونوا من جنسيات أخرى، بسبب فقدانهم لأوراقهم الثبوتية التي يقوم كل لاجئ عادةً بإتلافها، كما أن القانون العراقي لا يسمح بالعودة القسرية، كونهم سافروا بصورة قانونية وقد حصلوا على تأشيرة بيلاروسيا، ويعودون بصورة طوعية”.

وتشير الى أن “الرد العراقي، أدى لتأزم الوضع، وهناك سلسلة اجتماعات مكثفة تجرى بين الاتحاد الاوروبي ووزارة الخارجية العراقية، كان آخرها أمس الأول الجمعة، لكن لم يعلن عنها، وذلك بغية التوصل الى حل”، مضيفة أن “الاتحاد الاوروبي طلب من العراق أن يتعاون بأي شكل من الاشكال، لكن العراق أصر على موقفه بعدم التعاون، نظرا لعدم وجود أي خرق قانوني وأن أراضيه لم تستخدم للهجرة، بل السفر منها بتأشيرة دخول قانونية الى بيلاروسيا”.

وتستطرد المصادر الدبلوماسية، الى أن “ليتوانيا من جانبها، اقترحت على العراق ان يرسل بعثة من وزارة الداخلية العراقية الى اراضيها لغرض مقابلة طالبي اللجوء والتأكد من هوياتهم، مع توفيرها كافة الدعم لهذه البعثة، وهذا الامر أيضا قوبل برفض عراقي”، مشيرة الى أن “الاتحاد الأوروبي من جانبه، توجه الى إرسال دعم لحماية الحدود والسواحل الاوروبية، فضلا عن وجود مساع لارسال طاقم من مكتب اللجوء الاوروبي الى ليتوانيا لمقابلة هؤلاء الاشخاص”.

ويؤكد أن “هناك ترجيحات بفرض الاتحاد الاوروبي عقوبات على العراق نظرا لعدم تعاونه بايقاف الهجرة، وقد تتمثل بتعليق بعض بنود الاتفاقية المشتركة بين الاتحاد والعراق”.

وكان وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، طلب من العراق عبر تغريدة في حسابه بموقع تويتر في 29 تموز يوليو الماضي، تبرير سبب استخدام مطار بغداد لنقل مهاجرين إلى بيلاروسيا، والذين ينتقلون بشكل غير قانوني إلى ليتوانيا.

ووفق بوريل، فانه تحدث مع وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين حول طريقة التعامل مع العدد المتزايد من المواطنين العراقيين الذين يعبرون إلى ليتوانيا بشكل غير قانوني من بيلاروسيا، قائلا “هذه مسألة لا تهم دولة واحدة في الاتحاد الاوروبي فقط بل كتلة الاتحاد بكاملها، ونحن ندعم العراق”.

وخلال حديث بوريل لصحيفة “إل باييس” الإسبانية، فانه تم إنشاء مسار ينتقل من خلاله المهاجرون العراقيون بالطائرة من بغداد إلى مينسك، ثم بالحافلة إلى الحدود الليتوانية التي يعبرونها بشكل غير قانوني. هذا هو رد بيلاروسيا على العقوبات.

وردا على كلام بوريل، أصدرت مستشارية الأمن القومي العراقي برئاسة قاسم الاعرجي، بيانا قالت فيه إن العراق لا يشجع مواطنيه على الهجرة، ولكن بعض السياح العراقيين يتم التغرير بهم من قبل عصابات الهجرة غير الشرعية ويقررون الهجرة، كما ان مطار بغداد الدولي مخصص للسفر الشرعي فقط وحيث ان روسيا البيضاء تسمح شرعيا وقانونيا للسياح العراقيين بدخول اراضيها فلا يمكن للدولة العراقية أن تمنع مواطنيها من السفر الى دولة بشكل شرعي ولا تستطيع أي دولة في العالم أن تقوم بمنع مواطنيها من ذلك، فيما عبرت عن رفضها بشكل مطلق الاستفسار الموجه بهذه الطريقة من قبل المفوض الاوروبي لأن أساسه غير شرعي، فلا يمكن للعراق أن يقبل باتهام مطاراته الدولية باجراء رحلات جوية غير شرعية، فهذا اتهام مرفوض جملة وتفصيلا، وكان على المفوض الاوروبي الاستعانة ببعثة الاتحاد الاوروبي في بغداد ليحصل من خلالها على اية ايضاحات مطلوبة من الحكومة العراقية على أن لا تشكل اتهاما مباشرا او غير مباشر بالمشاركة في اية اعمال غير قانونية.

وكان صاحب مكتب سياحة، أفاد لـ”العالم الجديد” في تقرير سابق، ان شركات السفر تشهد حجوزات مستمرة الى بيلاروسيا لأغراض السياحة والدراسة وغيرها، لكن الإقبال زاد بعد أنباء فتح حدودها أمام المهاجرين للوصول الى دول أوروبا المانحة للجوء، خاصة وأنها تمتاز بسمة دخول (تأشيرة) سريعة وبثمن بسيط وهو 60 دولارا.

 

ويتمثل طريق الهجرة، بوصول العراقيين الى بيلاروسيا، وهناك يتم الاتفاق مع مهربين يقومون بترحيلهم إلى لتوانيا ومن ثم الى المانيا أو السويد.

وتعود قضية فتح بيلاروسيا لحدودها امام المهاجرين، الى أواخر شهر ايار مايو الماضي، عندما أقدمت مينسك على إجبار طائرة تابعة للخطوط الجوية الإيرلندية “رايان إير” على الهبوط في مطارها، بعد إبلاغ طاقمها بوجود قنبلة على متن الطائرة، لكن وبعد هبوطها تم اعتقال صحفي بيلاروسي معارض يدعى رومان بروتاسيفيتش، كان على متن الرحلة المتجهة من اليونان الى ليتوانيا.

هذا الأمر، أثار ردود أفعال أوروبية وصلت الى حد التهديد بفرض عقوبات على بيلاروسيا، حيث عقدت قمة تضم 27 دولة في العاصمة البلجيكية بروكسل، وذلك في 25 ايار مايو الماضي، تقرر خلالها منع شركات الطيران في الاتحاد الأوروبي من استخدام المجال الجوي لبيلاروسيا، متعهدين بفرض عقوبات اقتصادية جديدة عليها.

وفي 26 ايار مايو، هدد الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو بـ”إغراق الاتحاد الاوروبي بالمهاجرين والمخدرات”، وذلك ردا على العقوبات، وبحسب تقارير وأخبار ترجمتها “العالم الجديد” من بينها ما نشرته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية فان بيلاروسيا تخطط لاضعاف الضوابط الحدودية، وفسح المجال امام مهربي المخدرات والمهاجرين.

إقرأ أيضا