أحداث السليمانية تلقي بظلالها على الانتخابات

بعد الوسط والجنوب، يبرز إقليم كردستان كمنطقة “ساخنة” تهدد إجراء الانتخابات في ظل الخلافات السياسية…

بعد الوسط والجنوب، يبرز إقليم كردستان كمنطقة “ساخنة” تهدد إجراء الانتخابات في ظل الخلافات السياسية الحادة التي عصفت به، وذلك وسط تقليل القوى الكردية من تأثير ما جرى في السليمانية على سير العملية، مقرة بأن التزوير سيكون حاضرا لكن بنسبة أقل.

ويقول سعدي بيرة القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يمر بأزمة داخلية، في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “عملية الانتخابات لا تعتمد على أساس جاهزية إقليم كردستان من عدمها، حيث أن هذه الانتخابات هي شاملة للعراق جميعا، وهناك قرار بأن تجري في شهر تشرين الاول (أكتوبر) المقبل”.

ويضيف بيرة “لم نسمع من أي حزب سياسي في إقليم كردستان انه يمانع الدخول في الانتخابات المقبلة، وأن الأوضاع التي حصلت في الاقليم هي مسألة داخلية ضمن قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني، وهي قادرة على حلها ولا يمكن تعليق او ربط الانتخابات بمثل هذه المشكلة المحدودة”.

وتفجرت الأزمة داخل الاتحاد الوطني الكردستاني في 8 تموز يوليو الماضي، حيث أصدر نجيرفان بارزاني، وباتفاق مع بافل طالباني، أمرا بصفته رئيس الاقليم، بإقالة مسؤول مؤسسة (زانياري) الأمنية المرتبطة بالاتحاد الوطني الكردستاني محمد طالباني، وهو (ابن أخت لاهور شيخ جنكي وشقيق آلا طالباني، رئيسة كتلة الاتحاد الوطني في البرلمان)، ويعد من أذرع شيخ جنكي الأمنية في السليمانية، خاصة وأن هذه المؤسسة تعد من ابرز الجهات الامنية في المدينة.

واعتبر شيخ جنكي هذا القرار استهدافا مباشرا له، خاصة وأن هناك محاولات جرت لتنفيذه بالقوة العسكرية، وفي تلك الليلة اقترب الخلاف من الانقلاب، لكنه انتهى مؤقتا بهدوء حذر، نتيجة تدخل العديد من الاطراف، وابرزها رئيس الجمهورية برهم صالح، الذي توجه الى السليمانية في تلك الساعات.

وعقب تلك الاحداث، تنازل شيخ جنكي عن الرئاسة المشتركة للاتحاد الوطني الكردستاني الى بافل طالباني، لكن حسب البيان فانها جاءت “بشكل مؤقت”، لحين حسم القضايا العالقة.

من جهته، يشير القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني محمد زنكنة خلال حديث لـ”العالم الجديد”، الى أن “الانتخابات جرت أم لم تجر، فانها لن تغير في العملية السياسية شيئا يذكر، بل ستتغير الوجوه في بعض الاحزاب المتنفذة فقط، ولن تكون هناك تغييرات في السياسة العراقية”.

وفيما ينفي زنكنة رغبة حزبه بالتأجيل، يؤكد “استعداد معظم الأحزاب الكردية للانتخابات المقبلة، بما في ذلك الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يمر بأزمة داخلية، خصوصا وأنه اشترك مع حركة التغيير بقائمة انتخابية واحدة، ستساهم برفع مستوى المشاركة”.

ويلفت الى أن “الانتخابات تأجلت أم اجريت فان الاقليم سيشارك، لأن هناك حقوقا قد تأجلت في بغداد ومسائل تتعلق بالحقوق الدستورية لإقليم كردستان ويجب ام تناقش مع اي حكومة كانت، ولكن بشكل عام لا توجد بيئة انتخابية خصبة وآمنة، ولا سياسية ولا صحية لاجراء الانتخابات”.

الى ذلك، تبين القيادية في حركة التغيير شيرين رضا خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الخلاف داخل الاتحاد الوطني الكردستاني لن يؤثر على الشأن الانتخابي سواء في السليمانية او باقليم كردستان ككل، كونه شأنا داخليا في الحزب، ولا علاقة له بمسيرة الانتخابات”.

وتلفت رضا الى أن “الاتحاد الوطني والتغيير بدأوا بالدعاية الانتخابية لهم بعد التحالف فيما بينهم، وبالتالي فلن تكون هناك عمليات شغب أو صراعات داخلية”، مؤكدة “نحن مع الانتخابات المبكرة والوضع الأمني جيد، والإقليم محمي كما هو الحال في باقي مدن العراق”.

وتنوه الى أن “التزوير سيحدث هذه المرة ايضا، لكن بنسبة معينة، وليس كما هو الحال في الانتخابات السابقة”.

يشار الى ان الخلاف بين طالباني وشيخ جنكي، بلغ مرحلة استعراض مسلح لانصار شيخ جنكي في السليمانية، عقب بيان له في 2 اب اغسطس الخالي، دعا فيه انصاره الى تأييده بعد ان كشف انه طلب منه مغادرة اقليم كردستان.

وكانت مصادر مطلعة، قد كشفت الاسبوع الماضي لـ”العالم الجديد”، عن وجود دور لتركيا بأزمة الاتحاد الوطني الكردستاني، حيث ضغطت لإنهاء دور لاهور شيخ جنكي، على خلفية دعمه لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة كـ”منظمة إرهابية”، وشنت العديد من العمليات العسكرية لملاحقته في إقليم كردستان.

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قد أعلن في 15 تموز يوليو الماضي، عن “سحب” يده من “كل المنتمين لهذه الحكومة الحالية واللاحقة، وإن كانوا يدعون الانتماء لنا آل الصدر”، متابعا “لست ممن يتنصل من المسؤولية، إلا ان ما يحدث في العراق هو ضمن مخطط شيطاني دولي لاذلال الشعب وتركيعه واحراقه، خوفاً من وصول عشاق الاصلاح الذين سيزيلون الفساد حباً بالوطن، فلياخذوا كل المناصب والكراسي ويتركوا لنا الوطن”.

وتعد هذه الانتخابات المبكرة، إحدى مطالب التظاهرات التي انطلقت في تشرين الأول أكتوبر 2019، وأجبرت رئيس الحكومة عادل عبد المهدي على تقديم استقالته، ومن ثم المجيء بحكومة مصطفى الكاظمي التي كان هدفها الأول هو الإعداد لانتخابات مبكرة، وتكون “حرة ونزيهة”.

وخلال الفترة الماضية، برزت العديد من الإشكالات بشأن الانتخابات، منها عمليات الاغتيال والاختطاف التي طالت ناشطين، كان آخرها اغتيال رئيس الحراك المدني في كربلاء ايهاب الوزني، التي دفعت بالعديد من القوى السياسية المنبثقة من تشرين وغيرها، الى الانسحاب من الترشح والمطالبة بتوفير أجواء آمنة لاجراء الانتخابات، فضلا عن تنامي الهجمات ضد المصالح الامريكية في العراق، الأمر الذي اعتبر “إخلالا بالأمن” مع قرب موعد الانتخابات.

من جهته، يبين سليم حمزة، عضو تحالف أمل كردستان المعارض لأحزاب الاقليم الرئيسة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الوضع لم يتأثر كثيرا في إقليم كردستان بالخلافات التي تحدث بين أعضاء الاتحاد الوطني، وخاصة في مدينة السليمانية”.

ويردف حمزة، أن “الاقليم على أتم الاستعداد لاستقبال وإجراء الانتخابات مع توفر البيئة الملائمة، ولكن النتائج لن تكون نزيهة، فنحن بحاجة الى أن تكون الانتخابات نزيهة ونظيفة، والمفوضية تتحمل هذه المسؤولية”.

ويوضح “من المعلوم أن الكتل السياسية في جميع أنحاء العراق وليس في الاقليم فقط، تنقسم الآن الى قسمين: أحدهما مؤيد لاجراء الانتخابات، والآخر يشكك بإجرائها بهذه الطريقة، وفي ظل هذه الظروف من جائحة كورونا وانعدام الأمن والامان وانفلات السلاح وغيرها، مما قد يؤدي الى إرباك الانتخابات”.

وينبه الى أن “الوضع في الوسط والجنوب غير ملائم، وكذلك عدم مشاركة بعض الكتل السياسية، وهذه كلها معوقات تقف أمام إجراء الانتخابات”، مضيفا أن “هذه الانتخابات مقارنة بانتخابات السنوات السابقة ستكون أكثر تزويرا وأكثر خيانة، ولن تكون نتائجها مقبولة أبدا، فالكثير من الأحزاب السياسية ممن يمتلكون المال والسلاح مهيؤون وفي استعداد تام للقيام  باعمال التزوير من اجل الحصول على المناصب والاصوات”.

وفي مطلع تموز يوليو الماضي، أعلنت مفوضية الانتخابات عن المصادقة على قرعة مرشحي الانتخابات، وانطلاق الحملة الدعائية للمرشحين، من تاريخ المصادقة على القرعة ونشر اسماء المرشحين في الصحف الرسمية.

ويعد انطلاق الدعاية الانتخابية للمرشحين في هذا التوقيت، سابقة هي الأولى في الانتخابات التشريعية النيابية التي شهدها العراق سابقا، وغالبا ما تنحصر بمدة شهر واحد فقط، وهذا ما جرى في أغلب الانتخابات.

إقرأ أيضا