استخدام موارد الدولة بالدعاية الانتخابية.. عرف سائد وقانون لا يعاقب

استخدام موارد الدولة والمال العام، أصبح من الأمور الشائعة في الدعاية الانتخابية، خاصة من قبل…

استخدام موارد الدولة والمال العام، أصبح من الأمور الشائعة في الدعاية الانتخابية، خاصة من قبل الأحزاب الكبيرة والمسؤولين، وبحسب مختصين، فان هذه المخالفات بدأت تبرز وتتنامى منذ الدورة الانتخابية الثانية في العام 2010، حيث ثبتت القوى السياسية أقدامها في العملية السياسية، وسط خلو القانون من “عقوبات” لهذا النوع من المخالفات.

ويقول رئيس مفوضية الانتخابات الأسيق والخبير في الشؤون الانتخابية عادل اللامي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الخروق موجودة، كأن يستخدم البعض موارد الدولة في حملته الانتخابية او استخدام النفوذ بالتصويت الخاص وأخذ الجنود بباصات للتصويت لكيان معين، ولكن يجب تقديم دليل ملموس لكي تستطيع مفوضية الانتخابات التحقيق بهذا الموضوع او بناءً على شكوى مقدمة“.

ويضيف اللامي، أن “من يستغل المال العام واجهزة الدولة هم من كبار المسؤولين والحزبيين، فكل المفوضيات السابقة، خصوصا ممن تم اختيارهم من قبل كتل حزبية بالبرلمان، كانت تجامل غالبا في هذه المخالفات ويغضون الطرف عنها“.

ويبين “عندما أدرنا الانتخابات في العام 2005، أصدرنا عقوبات لكنها لم تطبق على مسؤولين، لانهم لم يمسكوا بمفاصل الدولة بعد في حينها، وكانت الحكومات مؤقتة، كما لم تكن اللجان الاقتصادية للاحزاب مشكلة بعد، لكن هذا حصل في الدورة الانتخابية الثانية عندما أمسكت السلطة الحزبية الحكومة لاربع سنوات من 2006– 2010، وظهرت انواع مختلفة من المخالفات والعقود الوهمية واللجان الاقتصادية“.    

يشار الى ان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، شدد في 15 حزيران يونيو الحالي، على رفضه التام استغلال الوزارات لأغراض انتخابية، متوعدا كل من يلجأ الى ذلك بإحالته إلى التحقيق، بعد ان كشف عن شكاوى تخص اجراءات بعض مفاصل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وشبهات باستغلالها لأغراض انتخابية على حساب قوت الفقراء، وذلك من خلال دعم بعض المرشحين بما يخص رواتب الرعاية الاجتماعية، متوعدا بالتحقق من هذه الشكاوى.

ومن المفترض أن تجري الانتخابات في 10 تشرين الاول اكتوبر المقبل، بحسب قرار مجلس الوزراء، الذي صدر بناء على مقترح من مفوضية الانتخابات، التي أكدت انها غير قادرة على اجراء الانتخابات في الموعد الذي حدده المجلس وهو حزيران يونيو المقبل.

الى ذلك، يبين الخبير القانوني طارق حرب في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قانون الانتخابات منع استخدام عقارات الدولة والحكومة ودور العبادة لاغراض وحملات انتخابية، ومنع استخدام نفوذ الوظيفة واستخدام موارد الدولة ايضا“.

ويستدرك حرب، أن “هذا القانون في نفس الوقت لم يعاقب على هذا الفعل اي انه لم يعتبره جريمة، بل منعه فقط دون عقوبات”، واصفا ذلك بأنه “شيء خطير، ولا أعلم كيف وافق عليه مجلس النواب وكيف كتبه الخبراء والمفوضية، فكما هو معلوم فان هذه الحالات في بعض الدول تؤدي إلى شطب اسم المرشح واستبعاده من الانتخابات، في حين قانون الانتخابات العراقية لم يعاقب عليه، وهو ما يتسبب بتفشي وشيوع ظاهرة استغلال المال العام، بشكل فظيع“.

وفي مطلع تموز يوليو الماضي، أعلنت مفوضية الانتخابات عن المصادقة على قرعة مرشحي الانتخابات، وانطلاق الحملة الدعائية للمرشحين، من تاريخ المصادقة على القرعة ونشر اسماء المرشحين في الصحف الرسمية.

ويعد انطلاق الدعاية الانتخابية للمرشحين في هذا التوقيت، سابقة هي الأولى في الانتخابات التشريعية النيابية التي شهدها العراق سابقا، وغالبا ما تنحصر بمدة شهر واحد فقط، وهذا ما جرى في أغلب الانتخابات.

وفي حزيران يونيو الماضي، كشفت “العالم الجديد”، أن قائدا أمنيا برتبة لواء في وزارة الداخلية، وهو في ذات الوقت رئيس لناد رياضي مرتبط إداريا بوزارة الشباب والرياضة، عرض على كتلة سياسية تقديم الدعم وتحشيد أصوات الناخبين في منطقة ناديه الرياضي، مقابل منحه منصب مدير عام.

وفي التقرير السابق ايضا، قام مرشح بزيارة أحد الاندية الرياضية المرتبطة بوزارة الدفاع، واستمع لمطالبهم والتي تلخصت بفك ارتباطهم من إحدى تشكيلات الوزارة واعادة ارتباطهم بأمانة سر الوزارة مباشرة، فأخذ المرشح على عاتقه تقديم مطالعة الى وزير الدفاع جمعة عناد، والأخير وافق عليها مباشرة، ما دفع أعضاء النادي البالغ عددهم  أكثر من 500 شخص، الى الالتفاف حول المرشح ودعمه.

من جانبه، يوضح عضو اللجنة القانونية النيابية سليم حمزة في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قانون الانتخابات منع استخدام الأموال العامة في الدعاية الانتخابية او لاغراض سياسية وشخصية“.

ويؤكد حمزة، أن “كل مخالفة ترتكب الآن تقلل من شرعية الانتخابات، ولكن الإلتزام بالقوانين والضوابط سيزيد الثقة بالعملية السياسية ككل”، لافتا الى أن “على هذه الانتخابات علامة استفهام، بسبب ظروف البلد الحالية، كما انها تعوض ما مضى من عدم الثقة بالعملية الديمقراطية“.

وتعد هذه الانتخابات المبكرة، إحدى مطالب التظاهرات التي انطلقت في تشرين الأول أكتوبر 2019، وأجبرت رئيس الحكومة عادل عبد المهدي على تقديم استقالته، ومن ثم المجيء بحكومة مصطفى الكاظمي التي كان هدفها الأول هو الإعداد لانتخابات مبكرة، وتكون “حرة ونزيهة“.

إقرأ أيضا