منظمة أوروبية تكشف تفاصيل جديدة عن معاناة المهاجرين.. وحقوق الانسان العراقية تدين ليتوانيا

مع بدء رحلات العراق الجوية اليوم وغدا، من مينسك عاصمة بيلاروسيا الى بغداد لاعادة عشرات…

مع بدء رحلات العراق الجوية اليوم وغدا، من مينسك عاصمة بيلاروسيا الى بغداد لاعادة عشرات المهاجرين العالقين على الحدود الليتوانية، لازال العديد منهم يقبع في المنطقة الحدودية بين بيلاروسيا وليتوانيا، دون ماء أو طعام، وتحت درجات حرارة متدنية، ما دفع مفوضية حقوق الانسان بالعراق الى إدانة ليتوانيا، لانتهاكها كافة المواثيق الدولية واتفاقية جنيف الخاصة باوضاع اللاجئين، في حين كشفت منظمة أوروبية عن استحالة وصول المساعدات لهم، مشيرة الى أن الحل الوحيد يكمن بتسليم اللاجئين أنفسهم الى أمن الحدود لأي من الدولتين، خصوصا مع رفض عدد منهم العودة للبلاد.

ويقول عضو مفوضية حقوق الانسان علي البياتي في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ما حدث لطالبي اللجوء العراقيين عند الحدود الليتوانية هو انتهاك لحقوق الانسان ومواثيق الاتفاقيات الدولية واتفاقية جنيف الخاصة باوضاع اللاجئين، وليتوانيا انتهكت هذه المواثيق، وكان الأجدر بها أن لا تستبعد أي مواطن يريد دخول حدودها بغض النظر عن الدولة التي جاء منها”.

ويضيف البياتي، أن “هناك استغلالا واضحا من قبل بيلاروسيا بسبب المشاكل بينها وبين الاتحاد الأوروبي لأسباب سياسية، وإهمال واضح من الجانب العراقي في رسم سياسة وخطة للتعامل مع ملف السياحة مع الدول الأخرى، حيث أن الارقام تشير إلى أنه كانت لدينا رحلة او اثنتان كل يوم الى بيلاروسيا”، مبينا أن “ليتوانيا أعلنت منذ بداية العام بان هناك اكثر من 4 الاف عراقي دخلوا أراضيها حصرا من بيلاروسيا، إضافة الى 130 شخصا دخلوا بولندا من خلال بيلاروسيا معظمهم من العراق”.

ويردف أن “بيلاروسيا قامت مؤخرا بانهاء حجز الجوازات في المطارات بعد ان كانت تحتجزها، ويبدو أنه تم استغلال هذا الملف لاغراض سياسية”، مضيفا أن “نتيجة ما جرى هو مقتل شخص عراقي وهو جعفر حسين الحارس، بالاضافة الى اعتداءات عديدة وبعضها بالكلاب البوليسية”.

وحول اسباب توافد العراقيين لخط الهجرة هذا، رغم الصعاب التي تواجههم، يوضح البياتي ان “اسباب ترك العراق والتوجه للبحث عن بلد اخر، تعود الى الظروف الحالية السياسية والاقتصادية والامنية، والسبيل الوحيد لايقاف الهجرة، هو تغيير الوضع وتحويل البيئة إلى جاذبة ومستقطبة وفيها الحقوق الكاملة للمواطنين”.

وكانت “العالم الجديد”، أول وسيلة إعلام عربية وعالمية، نشرت تفاصيل خط الهجرة من بغداد الى ليتوانيا، عبر دولة بيلاروسيا، وتقصت سير خط السفر الذي يبدأ من بغداد او اسطنبول وصولا الى مينسك (عاصمة بيلاروسيا)، ومنها الى ليتوانيا، فيما كشف وزير الداخلية الليتواني أجني بيلوتيتو، الذي ترجمته الصحيفة في وقتها، أن نقل العائلة يكلف 35 الف يورو، فيما يتم نقل الشاب بمبلغ 1500 يورو.

وتطور الملف، عقب الاعلان عن وجود قرابة 4 الاف عراقي داخل الحدود الليتوانية، ما دفع الاتحاد الاوروبي وحلف الناتو، الى الضغط على العراق للمساهمة بحل هذه الأزمة، وذلك بحسب مصادر كشفت سابقا لـ”العالم الجديد”، حيث اكدت ان العراق رفض الشهر الماضي أي تعاون كما رفض إعادة المواطنين العراقيين قسرا، ما أدى الى تلويح الاتحاد الاوروبي بفرض عقوبات على العراق لعدم تعاونه، وقد تتمثل بالغاء بنود من الاتفاقية المشتركة بين الطرفين.

وفي 4 آب أغسطس الحالي، توفي شاب عراقي عند الحدود البيلاروسية، بظروف غامضة، وقد أمرت السلطات البيلاروسية بفتح تحقيق بالحادث، خاصة وان الشاب توفي امام حرس الحدود البيلاروس، عقب عودته من ليتوانيا، بحسب شهادات السكان المحليين، وفق ما نقلت وسائل اعلام غربية.

وعقب الحادثة، اعلنت وزارة النقل العراقية، عن ايقاف الرحلات الجوية إلى العاصمة البيلاروسية “مينسك” من مطار بغداد، الى اشعار آخر.

ويوم امس، اعلنت وزارة الخارجية عن تنفيذ رحلة جوية من مينسك عاصمة بيلاروسيا الى بغداد على متنها اكثر من 80 مسافراً، اضافة الى رحلة اخرى ستجرى من المفترض يوم غد الاربعاء، وسيكون على متنها حسب المسجلين حتى الان 200 شخصاً، وبحسب الوزارة، فانه سيتم نقل جثمان المتوفي العراقي جعفر الحارس الذي توفي على الحدود البيلاروسية الليتوانية، إضافة الى تأكيد الوزارة على وجود تواصل تام مع السلطات البيلاروسية لمعرفة التطورات كافة في المناطق الحدودية والتنسيق من اجل اجلاء الراغبين.

وتتزامن هذه التطورات بعد انتشار مقاطع فيديو في وسائل التواصل الاجتماعي، حول الوضع الانساني للاجئين عند الحدود الليتوانية البيلاورسية، حيث تصل درجات الحرارة المتدنية، الى دون الصفر مئوية، وافتقارهم للماء والطعام، لاسيما وان معه نساء واطفال.

وحول هذا الأمر، يبين رئيس منظمة أوهارد الهولندية سعد سلطان، وهو عراقي الجنسية، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ما يجري عند الحدود البيلاروسية– الليتوانية، مرتبط بالدرجة الاساس باللاجئ العراقي، فهو من يرفض العودة او تسليم نفسه لأمن الحدود من الدولتين”.

ويوضح سلطان، أن “اللاجئين حاليا في المنطقة الحرام، أي المنطقة الفاصلة بين حدود بيلاروسيا وليتوانيا، وهذه المنطقة لا تدخلها دولة ولا منظمة دولية، والفيديوهات التي انتشرت عن وضعهم الانساني الصعب، هو بسبب تمركزهم في هذه النقطة، وعدم تسليم نفسهم لأمن الحدود الليتواني أو البيلاروسي”، مبينا أن “هؤلاء اللاجئين لو سلموا أنفسهم لأمن حدود اي من الدولتين، لتم وضعهم في معسكرات طالبي اللجوء ومنحهم معونات غذائية ومأوى”.

ويضيف أن “هؤلاء اللاجئين يرفضون العودة للعراق ويرفضون تسليم أنفسهم لأي من هاتين الدولتين، فهم يعتقدون ان ضغطا سيحدث على اوروبا لمنحهم بلد توطين ثالث، خاصة وانهم يعتبرون ليتوانيا معبرا وليس هدف اللجوء”، متابعا “لكن اغلبهم لا يعلم ان القوانين تغيرت بعد موجة الهجرة عام 2015، فهم حتى لو وصلوا الى المانيا فانهم ستتم إعادتهم الى ليتوانيا، وبالتالي فان هذه الأخيرة بلد غير قادر على استيعاب اي لاجئ”.

وحول توفير المساعدات الطارئة للاجئين الذين يعانون من ظروف انسانية صعبة، ينوه بالقول “تحركنا لتوفير المساعدات للاجئين في الحدود، لكن الامر شبه مستحيل، ولا يمكن لأي منظمة دولية او اوروبية ان توصل المساعدات اليهم، فالمنطق يحتم عليهم أن يسلموا نفسهم الى الامن الليتواني ويرسلهم الى مركز اللجوء، الذي تديره منظمة الهجرة الليواتنية بالتعاون مع الاتحاد الاوروبي، الذي يوفر الغذاء للاجئين”.

وبشأن عودة هؤلاء اللاجئين الى العراق، يشير الى أن “الموجودين في معسكر اللجوء في ليتوانيا يرفضون العودة للعراق، لانهم يخافون ان يتم التحقيق معهم داخل العراق حول ما قالوه هناك”، موضحا ان “اللاجئ العراقي وعند وصوله لأي بلد، فانه يتحدث بالسوء عن بلده ولا يترك أي شائبة إلا ويذكرها، وخاصة مسألة الجماعات المسلحة وغيرها، لذلك فهؤلاء اللاجئون متخوفون من التحقيق معهم بالعراق او الاطلاع على ملفاتهم ما سيضعهم بمأزق ويعتقدون انه ستتم ملاحقتهم داخل العراق، خاصة من الجهات التي تحدثوا عنها بالسوء”.

وكان وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، طلب من العراق عبر تغريدة في حسابه بموقع تويتر في 29 تموز يوليو الماضي، تبرير سبب استخدام مطار بغداد لنقل مهاجرين إلى بيلاروسيا، والذين ينتقلون بشكل غير قانوني إلى ليتوانيا.

وتحدث بوريل مع وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين حول طريقة التعامل مع العدد المتزايد من المواطنين العراقيين الذين يعبرون إلى ليتوانيا بشكل غير قانوني من بيلاروسيا، قائلا “هذه مسألة لا تهم دولة واحدة في الاتحاد الاوروبي فقط بل كتلة الاتحاد بكاملها، ونحن ندعم العراق”، كما اشار بوريل خلال حديثه لصحيفة “إل باييس” الإسبانية، الى انه تم إنشاء مسار ينتقل من خلاله المهاجرون العراقيون بالطائرة من بغداد إلى مينسك، ثم بالحافلة إلى الحدود الليتوانية التي يعبرونها بشكل غير قانوني. هذا هو رد بيلاروسيا على العقوبات.

وردا على كلام بوريل، أصدرت مستشارية الأمن القومي العراقي برئاسة قاسم الاعرجي، بيانا في حينها، قالت فيه إن العراق لا يشجع مواطنيه على الهجرة، ولكن بعض السياح العراقيين يتم التغرير بهم من قبل عصابات الهجرة غير الشرعية ويقررون الهجرة، كما أن مطار بغداد الدولي مخصص للسفر الشرعي فقط، وان بيلاروسيا (روسيا البيضاء) تسمح شرعيا وقانونيا للسياح العراقيين بدخول اراضيها فلا يمكن للدولة العراقية أن تمنع مواطنيها من السفر الى دولة بشكل شرعي ولا تستطيع أي دولة في العالم أن تقوم بمنع مواطنيها من ذلك، فيما عبرت عن رفضها بشكل مطلق الاستفسار الموجه بهذه الطريقة من قبل المفوض الاوروبي لأن أساسه غير شرعي، فلا يمكن للعراق أن يقبل باتهام مطاراته الدولية باجراء رحلات جوية غير شرعية، فهذا اتهام مرفوض جملة وتفصيلا.

إقرأ أيضا