المواكب الحسينية قائمة بكافة شعائرها.. وكربلاء تستعين بـ”جيش طبي”

إجراءات صحية مشددة فرضت على أصحاب المواكب الحسينية هذا العام، نظرا لتفشي فيروس كورونا، لكن…

إجراءات صحية مشددة فرضت على أصحاب المواكب الحسينية هذا العام، نظرا لتفشي فيروس كورونا، لكن أعداد المشاركين في فعاليات إقامة الشعائر الحسينية لن تتأثر بالضوابط الجديدة التي اقتصرت على “التباعد وارتداء الكمامات” فقط، في ظل نشر عشرات المستشفيات والفرق الصحية الجوالة لمتابعة حالات الزائرين في مدينة كربلاء، فضلا عن تلقيح أكثر من 5 آلاف عامل في المطاعم.

ويقول سلام كريم، عضو هيئة المواكب الحسينية في منطقة الكاظمية، التابعة للوقف الشيعي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المواكب تنصب بعد استحصال موافقات من قبل هيئة المواكب، وذلك عبر تقديم استمارة فيها بيانات الموكب من حيث المنطقة ومكان النصب والمناسبة التي يتم نصب الموكب على أساسها، بالاضافة الى الأوراق الثبوتية لصاحب الموكب (كفيل) والمساعدين الذين معه“.

ويضيف كريم، أن “الموافقة على نصب الموكب تصدر بعد يومين من تقديمها، وذلك بعد إكمال الموافقات الأمنية، المتمثلة بموافقة الأمن الوطني والهيئة العامة للمواكب ومركز الشرطة في المنطقة، وذلك لغرض تسيير دورية من عناصر الشرطة لحماية المواكب لمدة عشر ايام”، موضحا أن “من ضمن الواجبات المفروضة على أصحاب المواكب هي الالتزام بالإجراءات الوقائية المتمثلة بالتباعد الاجتماعي وارتداء الكفوف والكمامات والحرص على تفريق الاجتماعات الشبابية الكبيرة، على أن يتحمل صاحب الموكب كافة الإجراءات القانونية في حال لم يتم الالتزام بالواجبات اعلاه“.

ويستطرد “كما هو الحال على مر السنين، فان المواكب ستستمر بتوزيع الاطعمة وإقامة الاستعراضات والشعائر الحسينية بشتى انواعها”، مؤكدا “لم يتم تحديد اعداد المتواجدين في الموكب، إلا أنه تم التشديد على التباعد الاجتماعي والالتزام بالاجراءات الوقائية كافة“.

وتبدأ المواكب الحسينية بالانتشار في المناطق ذات الكثافة الشيعية، سواء في بغداد او محافظات الوسط والجنوب، مع اقتراب اليوم العاشر من شهر محرم “عاشوراء”، وهو اليوم الذي حدثت فيه واقعة الطف التي شهدت مقتل الامام الحسين وأخيه العباس وأهل بيته وصحبه، وتم فيه سبي نسائه وبناته في كربلاء.

وتتمثل المواكب، بنصب طاولات وقدور كبيرة، وتعمد الى تقديم انواع المأكولات والشراب لزائري كربلاء، فضلا عن القيام بعمل “التشابيه” وهي مشاهد تمثيلية تجسد واقعة الطف، فضلا عن شعيرة “الزنجيل”، وهي خروج مجموعة من الشباب يضربون اجسادهم بسلاسل حديدية صغيرة ومتوسطة الحجم، للتعبير عن حزنهم بواقعة الطف، ويرافقهم قرع طبول.

وتشهد وسائل التواصل الاجتماعي في العراق، نشر العديد من الإشاعات حول خطورة تلقي لقاح كورونا، فضلا عن ترويج بعض المواطنين لعدم وجود الفيروس من الأساس، وبحسب فيدوهات ظهرت مؤخرا، فان بعض المواطنين يطالبون برمي الكمامات وسحقها بالاقدام، ويؤكدون انه لا وجود للفيروس.

الى ذلك، يبين محمد سهيل، وهو صاحب موكب حسيني في العاصمة بغداد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذا العام ستكون الخدمة مختلفة عن السنوات السابقة، فبحسب التعليمات التي صدرت الينا من قبل هيئة المواكب ووزارة الصحة، فاننا سنتبع الطرق الوقائية كالتعفير والتعقيم المستمر، اضافة الى ارتداء الكمامات والكفوف“.

ويردف “أما بالنسبة للأطعمة والمشروبات التي ستقدم للمشاركين فالتوجيهات المشددة تؤكد على ضرورة أن تكون مغلفة وتوزع في الصحون والاكواب ذات الاستخدام الواحد، إضافة الى عدم وضع الاكل والشرب في أماكن مكشوفة”، مبينا “في حالة اقامة مجالس حسينية ضمن المواكب، فيجب المحافظة على التباعد، أي أن تكون المسافة بين شخص واخر لا تقل عن متر واحد، بالاضافة الى اجراء فحص كورونا لاعضاء الموكب للتأكد من عدم اصابتهم“.

وتزامن شهر محرم، للعام الثاني على التوالي مع جائحة كورونا، وكانت محافظة كربلاء قررت العام الماضي اغلاق حدودها والحد من إقامة المواكب الحسينية، لكنها سرعان ما تراجعت عن قرارها، واكتفت بتطبيق الشروط الصحية فقط، من ارتداء الكمامات والتعقيم بصورة مستمرة، وذلك بعد أن دخل مئات الآلاف من الزائرين للمحافظة رغم قرار غلق حدودها

وحول هذا الأمر، يبين مدير إعلام دائرة صحة محافظة كربلاء سليم كاظم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الدائرة وضعت خطة صحية خلال هذه المناسبة، تتلاءم مع حجمها ومختلفة عن السنوات السابقة، على اعتبار أن هناك تطورا بفيروس كورونا، خاصة بعد تسجيل إصابات بالسلالة المتحورة منه (دلتا)، وتعاملنا مع هذا الموضوع بما يتناسب مع حجم الزيارة“.

ويؤكد “سنعمل على زيادة وعي المواطنين بمخاطر الوباء من خلال الالتزام بالاجراءات الوقائية التي تقيهم من الاصابة، وسنؤكد على ضرورة تلقي اللقاحات المضادة لكورونا، كما سنتولى إجراء فحص كورونا لكل مواطن يطلب ذلك والحالات المشتبه بها، إضافة الى ان المراكز الصحية في مداخل المحافظة (باب بغداد والعباسية الغربية والشرقية)، فانها ستتابع أي حالة يشتبه اصابتها بفيروس كورونا، إضافة الى نشرنا 55 عجلة إسعاف قريبة من مناطق الزخم البشري و8 مستشفيات حكومية جوالة“.

ويستطرد “عملنا على تأمين 50 فرقة صحية لمراقبة مياه الشرب والاطعمة المقدمة للزائرين بالتنسيق مع أصحاب المواكب، وهذه لديها جولات ميدانية على أصحاب المحال والعمال لتلقيحهم، حيث أعطينا اللقاح لغاية الان أكثر من 5 آلاف عامل في المطاعم، وذلك خلال الجولات الميدانية، ونسقنا مع وزارة الصحة لاستدعاء فرق طبية لمعالجة حالات التسمم في حال حدوثها، اضافة الى ان خدماتنا مستمرة بالتنسيق مع المحافظة والعتبات، إضافة الى ان وزارة الصحة جهزت دائرة صحة المحافظة بحصة إضافية خارج الحصص الشهرية من الأدوية والمستلزمات الطبية“.

يشار الى أن إحدى “الملايات” (نساء ينشدن القصائد الرثائية في الحسين بن علي وأهل بيته)، تحدثت لـ”العالم الجديد”، عن اتفاق صحي جرى بين زميلاتها اللواتي يقمن مجالس العزاء الحسينية النسوية داخل المنازل، مشددة على ارتداء الكمامات لكل مشاركة في المجلس، إضافة الى توفير المعقمات وعدم اصطحاب الاطفال، فضلا عن تقليل العدد المعتاد الذي كان يتجاوز 50 امرأة في الغرفة الواحدة، وعدم توزيع الثواب (الطعام) داخل المجلس الحسيني، بل يجب أن يكون الطعام مغلفا ليسمح لكل واحدة بأن تأخذه معها، تحسبا من ان تكون إحدى الحاضرات مصابة او لديها أعراض.

من جانبها، تبين عضو الفريق الاعلامي لوزارة الصحة ربى فلاح حسن، خلال حديثها لـ”العالم الجديد”، أن “هناك فرقا صحية ستتابع عملية الزيارة ومدى الالتزام بالإجراءات الصحية والوقائية التي اعلنت عنها وزارة الصحة، اضافة الى تعفير الاماكن والتعقيم سيكون بشكل متواصل“.

وتشير الى أنه “سيتم فحص الوافدين لكربلاء، خاصة ممن لديهم علامات او اعراض مثل ارتفاع درجات الحرارة وغيرها، وهذه كلها ستكون ضمن الفرق الصحية المتواجدة خلال ايام الزيارة، لتسييرها بشكل صحي، بعيدا عن الاعمال التي من شأنها زيادة الاصابات”، داعية المواطنين الى “الالتزام بالتعليمات المعلنة والاجراءات الوقائية والتباعد الاجتماعي لمنع تفاقم الاصابات خلال فترة الزيارة“. 

وفي 8 آب أغسطس الحالي، ألغت العتبة الحسينية إقامة المحفل الخاص بتبديل الراية الذي يقام سنوياً ليلة الأول من شهر محرم الحرام بعد صلاة العشائين، إيذانا ببدء شهر الحزن، حسب ما جاء في بيان لها، حيث أكدت ايضا ان “تبديل الراية المباركة سيكون دون اي دعوة جماهيرية او شخصية، ولكن سينقل عبر وسائل الإعلام“.

يذكر أن تبديل الراية هو تقليد سنوي في مستهل شهر محرم من كل عام، يتم من خلاله استبدال العلم المرفوع فوق قبة مرقد الامام الحسين بن علي في كربلاء بعلم جديد، وسط حضور ديني وشعبي.

إقرأ أيضا