بعد عمليات تركيا في سنجار.. هل سينفد “ضبط النفس”؟

بعد التطور الذي شهدته العمليات التركية في العراق، وتسبب بمقتل قيادي في هيئة الحشد الشعبي…

بعد التطور الذي شهدته العمليات التركية في العراق، وتسبب بمقتل قيادي في هيئة الحشد الشعبي بسنجار، ألمح قياديون ميدانيون الى نفاد صبرهم مع استمرار هذا النوع من العمليات التي قد يمتد تأثيرها الى الساحة المحلية والاقليمية، فيما انتقدت لجنة الأمن النيابية صمت الحكومة وهيئة الحشد على قضية الاغتيال، ولم تتم إدانتها حتى ببيان رسمي.

ويقول آمر تشكيلات الحشد الشعبي في سنجار بمحافظة نينوى محمود الاعرجي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ما جرى من استهداف تركي لآمر الفوج 80 بالحشد العشائري، وهو شخصية إيزيدية قاوم الإرهاب ضمن تشكيلاتنا في هيئة الحشد، فانه يعتبر انتهاك سافر“.

ويطالب الأعرجي، الحكومة العراقية بـ”وضع حد لهذه الانتهاكات والتدخلات الخارجية، خاصة وأن ما جرى من استهداف كان بحضور رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، والكثير من القيادات الأخرى في قضاء سنجار”، موضحا أن “الاستهداف تم لشخصية تابعة للمؤسسة الامنية العراقية“.

واستهدفت الطائرات التركية يوم الاثنين الماضي، عجلة يستقلها القيادي في الحشد الإيزيدي المرتبط بهيئة الحشد الشعبي سعيد حسن سعيد وشخصين آخرين، وذلك في مركز قضاء سنجار بمحافظة نينوى، وبالتزامن مع وجود رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي والوفد الوزاري المرافق له، حيث أجروا زيارة في يومها الى سنجار وتفدقوا أوضاع الإيزيديين فيها.

وفي اليوم التالي، استهدفت الطائرات التركية مستشفى في نينوى، وأدى الهجوم الى سقوط قتلى وجرحى، وجاءت هذه الاستهدافات عقب هجوم صاروخي طال قاعدة زيلكان التركية في نينوى يوم الخميس الماضي، بنحو 5 صواريخ كاتيوشا، أدت الى مقتل جندي تركي، بحسب وزارة الدفاع التركي، التي أعلنت أيضا أنها ردت على مصدر القصف بشكل مباشر.

ويوم 17 تموز يوليو الماضي، استهدفت عبوة ناسفة رتلا عسكريا تركيا، في منطقة زيلكان ايضا، ما أسفر عن إصابة جنديين تركيين وثالث من افراد قوات الاسايش الكردية، بالاضافة الى اضرار مادية بعجلات الرتل، وكان هذا الاستهداف هو الأول من نوعه ضد القوات التركية المتمركزة في إقليم كردستان وقرب نينوى، إذ غالبا ما تجري مواجهات بينها وبين عناصر من حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه كمنظمة ارهابية، وتكون المواجهات مباشرة.

ولغاية الآن لم تصدر أية بيانات إدانة من قبل الحكومة العراقية أو هيئة الحشد الشعبي، على القصف التركي الأخير، خاصة وأنه تزامن مع زيارة رئيس الحكومة.

من جانبه، يبين القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني سعدي بيرة في حديث لـ”العالم الجديد” أن “المادة 110 من الدستور العراقي، حملت الحكومة مسؤولية حماية الدولة وسيادتها، خصوصا ان الاستهداف الاخير في سنجار، حدث أثناء تواجد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي“.

ويتابع بيرة، أن “هذا امر غير مناسب وغير قابل للتفاوض، ومن حق الدولة العراقية اتخاذ اجراءات رادعة بسبب هذا الموضوع“.

ويبين، أن “الوجود التركي يشكل تأثيرا كبيرا على الوضع الأمني هناك في حال لم تجر مراقبة هذا الامر، خصوصا في المناطق الحدودية، وسيكون من الصعب ضبط النفس فيها مستقبلا“.

وكانت بغداد واربيل، وقعتا في 9 تشرين الأول أكتوبر 2020، اتفاقا سمي بـ”التاريخي”، يقضي بحفظ الأمن في قضاء سنجار من قبل قوات الأمن الاتحادية، بالتنسيق مع قوات البيشمركة المرتبطة بإقليم كردستان، وإخراج كل الفصائل المسلحة وإنهاء وجود عناصر العمال الكردستاني “PKK”.

وكشفت “العالم الجديد”، في تقرير سابق، أن الكاظمي أبلغ أردوغان خلال لقائهما في أنقرة في 17 كانون الأول ديسمبر الماضي، بعجزه عن تنفيذ اتفاق بغداد– أربيل للسيطرة على سنجار وطرد عناصر حزب العمال الكردستاني منها، ومنح الضوء الأخضر لأردوغان بالدخول الى سنجار، تحت مظلة تحالف الناتو، تحسبا لردود أفعال سلبية من قبل الفصائل المسلحة، في حال دخول تركيا بمفردها لسنجار، وذلك بحسب مصادر دبلوماسية كانت حاضرة للقاء الذي جرى في أنقرة، وتخللته مأدبة فاخرة على أنغام الطرب العراقي التراثي.

ومنذ مطلع العالم الحالي، صعدت تركيا من عملياتها في العراق بشكل كبير، ونفذت العديد من عمليات الانزال الجوي، فضلا عن إنشاء نقاط أمنية بعد دخول قواتها البرية لمناطق مختلفة من دهوك ونينوى، إضافة الى إعلان عن إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في الاراضي العراقية، وذلك بهدف ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، وخاصة في قضاء سنجار بنينوى.

الى ذلك، يلفت عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية كاطع الركابي في حديث لـ”العالم الجديد”، الى أن “القصف والاعتداءات التركية على الأراضي العراقية مستمر منذ عدة سنوات، وفي عدة مرات وجهنا الحكومة العراقيّة باتخاذ موقف يتناسب مع الاعتداءات التركية على الأراضى العراقية وايقافها، إلا أنها لحد الان لم تبادر بأي رد فعل، سواء كان على الطريقة الدبلوماسية أو على الطرق الأخرى التي تسلك عادة أثناء الخلافات بين الطرفين“.

ويضيف الركابي “في الوقت الذي ننظر فيه إلى تركيا على أنها الدولة الجارة الإسلامية، والتي لدينا معها تبادل تجاري ضخم ومصالح اقتصادية كبيرة، لكنها في الوقت نفسه مع الأسف، لم تهتم لهذه المصالح والعلاقة”، مبينا أن “الاعتداءات التركية لم تقتصر على المدفعية والطائرات، بل امتدت لدخول القوات التركية الى الأراضي العراقية جبرا، وقتل العسكريين العراقيين وتجريد الغابات العراقية ونقل أخشابها إلى الاراضي التركية، والحكومة العراقية لم تحرك ساكنا تجاه هذه الاعتداءات، ولهذا نقول يجب عليها أن تتخذ الموقف المناسب تجاه هذه الاعتداءات، سواء كان من خلال جامعة الدول العربية او المؤتمر الإسلامي او الامم المتحدة في سبيل تثبيت الحق العراقي“.

ويتابع الركابي، أن “الحكومة التركية كانت تعلم بتواجد رئيس الوزراء في هذه المنطقة أثناء وقوع القصف والاعتداءات، وكأن هناك إصرارا من قبلها على استهداف الاراضي العراقية، إلا ان الحكومة لم تتخذ اي موقف تجاه هذا الأمر، حتى على مستوى تصريح يتناسب مع هذه الاعتداءات“.

وكان قضاء سنجار هو الهدف التركي المعلن، حيث يعتبر معقلا لعناصر حزب العمال الكردستاني، وهو ما دفع بالفصائل المسلحة العراقية لارسال ألوية عسكرية الى القضاء، وتمركزت فيه لصد اي عملية تركية محتملة داخل القضاء الذي يقع جنوب غربي نينوى، ويعد موطنا لتواجد أبناء المكون الإيزيدي في العراق، والذي تعرض الى إبادة على يد تنظيم داعش في آب اغسطس 2014، حيث اختطف التنظيم آلاف النساء والاطفال، فضلا عن قتل آلاف آخرين، ومؤخرا تم الاعتراف بما تعرض له المكون كـ”إبادة جماعية”، في العديد من بلدان العالم.

إقرأ أيضا