اتفاقية عسكرية.. هل سلم العراق مفاتيح أجهزته الأمنية لتركيا؟

بعد قصف تركي طال مناطق في محافظتي دهوك ونينوى، راح ضحيته عسكريون ومدنيون عراقيون، برغم…

بعد قصف تركي طال مناطق في محافظتي دهوك ونينوى، راح ضحيته عسكريون ومدنيون عراقيون، برغم تواجد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي في قضاء سنجار بنينوى، وصل وفد كبير الى تركيا برئاسة وزير الدفاع، ليس لمناقشة القصف و”انتهاك السيادة”، بل من أجل إبرام اتفاقية أمنية وعسكرية مشتركة لغرض تطوير “الترسانة الحربية” لدى البلدين، الأمر الذي أثار استغراب نواب في البرلمان العراقي، واتهموا الحكومتين الاتحادية وحكومة إقليم كردستان بالتواطؤ.

ويقول النائب محمد البلداوي في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “وزير الدفاع جمعة عناد كان عليه ان يصل الى تركيا ويتفق معهم على إخراج قواتهم ووقف الانتهاكات، قبل أن يذهب الى عملية التسليح وابرام اتفاقيات عسكرية”.

ويضيف البلداوي، أن “تركيا إذا لم تكن تحترم سيادة العراق وحدوده ومقوماته، فيجب أن يكون هناك ضغط باتجاه إخراج قواتها، لا أن نعطيهم الذريعة ونسلمهم مقادير القوة العسكرية العراقية بأيديهم، لاسيما في مجال التسليح”، متابعا “ما يجري هو أمر غريب، فكيف يمكن للعراق أن يذهب للتعاقد مع دولة تنتهك سيادته، ويسلمها مقادير أمنه”.

ووقع العراق أمس الأول السبت، مع تركيا اتفاقية تعاون في مجال الصناعات الدفاعية، على هامش معرض إسطنبول الدولي للصناعات الدفاعية، الذي حضره وزير الدفاع جمعة عناد بعد يومين من قصف طائرات تركية لمدينة سنجار خلال تواجد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي فيها، ما أدى لمقتل قيادي في الحشد الايزيدي المرتبط بهيئة الحشد الشعبي، حيث استهدف القصف عجلته الخاصة.

وبحسب وسائل الإعلام التركية، فان الاتفاقية وقعها كل من رئيس الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل دمير، ورئيس هيئة التصنيع الحربي في العراق محمد صاحب الدراجي، وتشمل الاتفاقية مأسسة التعاون التركي العراقي بما يمهد لتنفيذ فعاليات تعاون في مجال الصناعات الدفاعية، وتأمين البلدين كافة احتياجات المؤسسات الأمنية من المعدات والخدمات المتعلقة بالدفاع، والعمل المشترك من أجل صيانة وتحديث المنظومات الحربية في ترسانة الدولتين، والتعاون في نقل التكنولوجيا والتعليم والمعلومات والوثائق.

يشار الى أن القصف التركي، لم يتوقف طيلة الأيام الماضية، فبعد يوم واحد من استهداف مركز مدينة سنجار، استهدفت الطائرات مستشفى ميدانيا في محافظة نينوى، وأدى الى مقتل وجرح عدد من المواطنين، ومن ثم تجدد القصف يوم امس في دهوك ليؤدي الى مقتل سائحين عراقيين كانا في المحافظة.

من جانبه، يبين النائب محمد البياتي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك وجهات نظر عديدة حول الوجود التركي، فالبعض يرى بأن حزب العمال الكردستاني معارضة مسلحة لتركيا، وهي بدورها تحاربه لأن العراق لا يستطيع في هذا الوقت القيام بذلك، ولكن في المقابل كان هناك من يرى أن تركيا دولة محتلة لأراضي العراق ومنتهكة لسيادته”.

ويلفت الى أن “قضية الاتفاقية العسكرية بين العراق وتركيا، تندرج ضمن سياق اعتيادي، فلدى العراق اتفاقات ويشتري السلاح من أي دولة بالعالم، ولكن الاحتلال التركي للأراضي العراقية، تبين أنه بعلم وموافقة حكومة العراق وموافقة حكومة اقليم كردستان التي تعتبر نفسها صاحبة الرأي والموافقة، وهي التي أعطت الضوء الأخضر لدخول هذه القوات”.

ويردف أن “واقع العراق السياسي والأمني مرير، حيث ان الدولة تريد ان ترضي تركيا بهذه الاتفاقيات، كما تريد ان ترضي امريكا او الصين او غيرها بامور اخرى، حيث ان العراق اصبح يتأثر بالدول الاقليمية والكبيرة واصبحنا نرضي الاخرين لنستطيع ان نعيش بسلام”.   

ومنذ مطلع العالم الحالي، صعدت تركيا من عملياتها في العراق بشكل كبير، ونفذت العديد من عمليات الانزال الجوي، فضلا عن إنشاء نقاط أمنية بعد دخول قواتها البرية لمناطق مختلفة من دهوك ونينوى، إضافة الى إعلان عن إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في الاراضي العراقية، وذلك بهدف ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، وخاصة في قضاء سنجار بنينوى.

وجاء هذا التصعيد في العمليات، بعد أن وقعت بغداد وأربيل، في 9 تشرين الأول أكتوبر 2020، اتفاقا سمي بـ”التاريخي”، يقضي بحفظ الأمن في قضاء سنجار من قبل قوات الأمن الاتحادية، بالتنسيق مع قوات البيشمركة المرتبطة بإقليم كردستان، وإخراج كل الفصائل المسلحة وإنهاء وجود عناصر العمال الكردستاني “PKK“، لكن وبحسب ما كشفت “العالم الجديد”، في تقرير سابق، فان الكاظمي أبلغ أردوغان خلال لقائهما في أنقرة في 17 كانون الأول ديسمبر الماضي، بعجزه عن تنفيذ اتفاق بغداد– أربيل للسيطرة على سنجار وطرد عناصر حزب العمال الكردستاني منها، ومنح الضوء الأخضر لأردوغان بالدخول الى سنجار، تحت مظلة تحالف الناتو، تحسبا لردود أفعال سلبية من قبل الفصائل المسلحة، في حال دخول تركيا بمفردها لسنجار، وذلك بحسب مصادر دبلوماسية كانت حاضرة للقاء الذي جرى في أنقرة، وتخللته مأدبة فاخرة على أنغام الطرب العراقي التراثي.

إقرأ أيضا