مختصون: الجامعات الحكومية تغطي أقل من 50% من حاجة الطلبة

أرقام صادمة كشف عنها مختصون بشأن واقع التعليم العالي في العراق، تمثلت بحاجة البلد الى…

أرقام صادمة كشف عنها مختصون بشأن واقع التعليم العالي في العراق، تمثلت بحاجة البلد الى 80 جامعة حكومية لاستقبال الخريجين من الاعدادية، في وقت لا يملك البلد سوى 37 جامعة فقط، إضافة الى انتقادات كبيرة وجهت للسماح بنسب عالية من النجاح وإيقاف الرسوب بـ”حجة الظروف الحالية”، ما أثر على قدرة الجامعات الحكومية على استعياب الطلبة، فضلا عن تراجع الصناعات المحلية التي أدت الى تقليل الاقبال على المدارس المهنية.

ويقول عضو لجنة التعليم النيابية رياض المسعودي في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ما ذكرته وزارة التخطيط حول أعداد الخريجين والجامعات الحكومية واقع حال، لأسباب معروفة وهو النمو السكاني الذي بلغ 3.2 بالمئة سنويا، وهذه الزيادة يجب أن تقابلها زيادة باعداد الجامعات والمعاهد افقيا باعداد البنايات، وعموديا بخطة القبول، لاسيما وأن الاعداد تتراوح حاليا بين 450 الى 550 الف طالب من خريجي الاعدادية بشقيها العلمي والادبي”.

وكان وزير التخطيط كشف خالد بتال، كشف يوم امس، ان التعليم الجامعي الحكومي، لم يعد قادرا على استيعاب الطلبة المتخرجين من الدراسة الاعدادية، حيث تتضاعف أعدادهم كل عام، وذلك في وقت بلغت حصة التعليم الجامعي الاهلي الى حوالي 30 بالمائة من الطلبة المقبولين سنويا، والهدف هو ان نرفع هذه النسبة الى 50 بالمائة؜، لكن بلا تهاون في تحقيق الرصانة العلمية المطلوبة للجامعات الاهلية.

ويضيف المسعودي “من المفترض أن يتخرج ما يقارب 750 الف طالب من الاعدادية سنويا، لكن هناك أكثر من 40 بالمائة من الطلبة لا يصلون الى السادس”.

ويؤكد أن “الخلل الان هو عدم وجود توسيع في بناء الجامعات واستحداثها، حيث ان أعداد الجامعات في العراق تبلغ الان 37 جامعة، فيما تبلغ الحاجة الفعلية للبلد 80 جامعة، ما يجعل العجز كبيرا”، لافتا الى أن “العراق الان خارج المعايير الدولية التي تؤكد أن 15 الى 20 طالبا لكل تدريسي، بينما يصل العدد في بعض الجامعات الى 90 طالبا”.

وينتقد “اهتمام الحكومة بتنمية الحجر بدلا من البشر، حيث أن إنفاقها على الوزارات الامنية بلغ 27 ترليون دينار، مقابل ترليونين ونصف فقط للتعليم”.

وشهد التعليم في العراق ارباكا كبيرا، بدءا من تظاهرات تشرين الاول أكتوبر 2019، حيث شهدت مشاركة اغلب طلبة المدراس والجامعات، فضلا عن الاضراب عن الدوام الذي جرى خلالها، وصولا الى بدء تفشي فيروس كورونا في ربيع 2020، ما أدى الى إغلاق المدارس والجامعات، وكان الدوام فيها متذبذبا حسب معدل الاصابات بالفيروس في العراق.

واعتمدت أغلب الجامعات على التعليم الإلكتروني، حسب الضوابط التي تعلنها لجنة الصحة والسلامة الوطنية، وتلخص التعليم بانشاء مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي او برامج الفيديو، ومن خلالها يتم شرح المحاضرة من قبل التدريسي، وهذا الأمر شابه الكثير من الخرق، نظرا لتجاهله من قبل بعض الطلبة أو أنهم يسجلون دخول دون التفاعل او الاستماع للمحاضرة.

وفي السنوات الأخيرة، افتتحت في العراق مئات الكليات الاهلية وبمختلف الاختصاصات، وبدأت باستقبال خريجي الدراسة الاعدادية اصحاب المعدلات المتدنية، او الذين يرغبون بدراسة اختصاص معين لكن معدلهم اقل من المسموح به في الجامعات الحكومية.

الى ذلك، يبين عميد كلة الاعلام السابق هاشم حسن في حديث لـ”العالم الجديد” أن “الامر الذي تحدثت به وزارة التخطيط، ناتج عن غياب الخطط الاستراتيجية للتربية والتعليم العالي، وعلاقة ذلك بحركة التنمية في المجتمع، حيث أن كل بلدان العالم تضم أناسا حدودهم للابتدائية والمتوسطة وبعدها ينخرطون في مدارس مهنية، لتغطية حاجة التنمية للملاكات الوسطية، وهذه كانت تستقطب أكثر من ثلث الطلبة في العراق، اضافة الى انه كان لدينا علمي وادبي ومن لا يحصل على معدل لن يتمكن من الذهاب للكليات، بل يذهب للمعاهد الفنية المخصصة لخدمة حركة الصناعة والتنمية بكل فروعها”.

ويلفت حسن، الى ان “غالبية المسؤولين بالدولة لا يملكون شهادات متوسطة وثانوية وجامعية، لذلك عملوا بشكل خطير جدا على معادلة الشهادات الثانوية، اضافة الى ان حملة شهادات الثانويات المهنية كانوا سابقا لا يتم قبولهم في الكليات، اما الان فقد تم السماح لهم، وهذه الفوضى انتجها البرلمان خلال السنوات الماضية، وهي السبب المباشر بتدمير التربية والتعليم العالي”.

ويشير الى ان “موضوع عدم وجود الرسوب ايضا مسبب اخر في هذه المشكلة، حيث ان سياسة الوزارة هي ان ينجح الجميع بحجة ظروف كورونا والتدريس الالكتروني، وهذه لها اسباب انتخابية والكل يريد كسب رضى الشباب، وهو ما تسبب بالتضخم الكبير في الجامعات”.

ويردف “لدينا عشرات الالاف من الخريجين، خصوصا خريجي كلية القانون الذين لا يعرفون قانونا واحدا وغيرها من الاختصاصات الأخرى، والسنة الماضية ما يقارب 5 الاف طالب حصلوا على معدلات 100 بالمائة، وعليه 100 كلية طب لا تكفي لهم ناهيك عن الاعداد المخيفة في الكليات الاهلية”.

ويختم حديثه بأن “المسؤول الاول والاخير لتخريب التعليم في العراق هو تولي أشخاص جهلة للمواقع القيادية، وخاصة البرلمان العراقي واللجنة القانونية فيه التي سنت قانونا أسس لمعادلة الشهادات، والذي منح الشرعية لأي شهادة قادمة من الخارج”.  

وانتشرت في العراق، ظاهرة الحصول على شهادات عليا من بعض البلدان، ابرزها لبنان وتركيا وايران، فضلا عن دول اوكرانيا وروسيا والهند، مقابل مبالغ تعتبر منخفضة، بعد تعثرهم في الحصول عليها داخل العراق نتيجة لمعدلاتهم المنخفضة.

وكان الدكتور سمير الدراجي، وهو تدريسي في كلية طب الاسنان بالجامعة المستنصرية، اكد في اذار مارس الماضي لـ”العالم الجديد”، أن بعض الجامعات المرغوبة داخل العراق ترفع مستويات معدلات القبول فيها لاستيعاب عدد أقل من الطلاب، في حين تعمل بعض الكليات الاهلية بعكس هذا النظام، حيث أنها تخفض من معدلات القبول فيها لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الطلاب، كما ان ما نلاحظه أن من لا يجيدون القراءة الصحيحة أو الاملاء الصحيح هم بمراكز مسؤولية في النظام التعليمي بالعراق، فهؤلاء وصلوا عن طريق الأموال أو المحسوبية والمنسوبية، خاصة وأن الشهادة، مهما علت فهي ليست مقياس لثقافة الانسان او رقيه، لكن المشكلة فيما يجري بالتعليم العراقي، هي أن بعض المتنفذين بالدولة العراقية هم من يستثمر بالتعليم عبر فتح كليات او المدارس الأهلية.

إقرأ أيضا