مركز فرنسي: قمة بغداد لن تعود عليها بالفائدة

قلل باحث فرانكفوني بارز من الانعكاس الايجابي على الوضع الداخلي لقمة بغداد المنعقدة اليوم السبت،…

قلل باحث فرانكفوني بارز من الانعكاس الايجابي على الوضع الداخلي لقمة بغداد المنعقدة اليوم السبت، بمشاركة زعماء وقادة دول الجوار الإقليمي بمشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مؤكدا على أن القمة لن تكون ذات فائدة في تعزيز بناء الدولة.

ويقول عادل بكوان مدير المركز الفرنسي الجديد لأبحاث العراق في حديث لصحيفة الليبراسيون الفرنسية، إن “الاحتلال العسكري الاميركي لأفغانستان عام 2001 ثم العراق عام 2003، تسبب بنشوء مبدأين رئيسين: تنظيم الفساد وعسكرة الدولة، إذ أنفق الأمريكيون مليارات الدولارات على تدريب جيش أفغاني لم يتشكل قط، لأنه ببساطة شديدة، كان يتألف من ميليشيات ومرتزقة، وهذا ما حدث بالضبط في العراق”.

ويضيف بكوان، وهو باحث فرنسي عراقي، أن “المشهد العراقي منقسم إقليميا، وممزق اجتماعيا وسياسيا، بما في ذلك في تحالفاته الجيوسياسية، خصوصا أن الطبقة الحاكمة كانت منفصلة تماما عن الواقع الاجتماعي في البلاد، ويفتقر لحركة وطنية موحدة”.

ويلفت الى “مسؤولية الأمريكيين المباشرة في عسكرة وفساد الدولة، ففي 9 نيسان أبريل 2003، استولى الجيش الأمريكي على بغداد، وفي 10 ايار مايو، أرسل جورج بوش الابن، بول بريمر (الحاكم المدني) لإعادة بناء العراق، وبعد ذلك بيومين، وقع الأخير على مرسوم أول لتفكيك نظام صدام حسين بأكمله، عبر حل الجيش العراقي وأجهزة أمن الدولة بعد ذلك باسبوع، ثم أعاد تشكيل الجيش من خلال دمج جميع الأحزاب السياسية الشيعية التي كانت لديها تنظيمات مسلحة، تمولها إيران والولايات المتحدة ضد صدام حسين، وقد عادوا إلى العراق ليشكلوا جيشا من رجال الميليشيات الذين حافظوا على استقلاليتهم التنظيمية، وهذا هو السبب في أن الدولة العراقية اليوم محاصرة من قبل المليشيات، إنها دولة مليشيا”.

وبعد اغتيال أسامة بن لادن، الذي يعتبر مسؤولاً عن أحداث 11 أيلول سبتمبر 2001، اعتبرت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما بأن خطر الإرهاب لم يعد موجودا على حد تعبير بكوان، الذي لفت الى أن “من الخطأ الاعتقاد بأن انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط بدأ مع دونالد ترامب، لأن أوباما هو الذي بدأ العملية من دون أن يأخذ في الاعتبار ما تركه وراءه من فراغ كبير والذي ملئ بسرعة من قبل قوتين إقليميتين، هما إيران والجهاديون الدوليون الذين وصلوا بأعداد كبيرة، وانتهى بسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)”.

ويستطرد بكوان صاحب كتاب “العراق.. قرن من الإفلاس”، إن “الأمريكيين عادوا في 2014 بناء على طلب الحكومة العراقية، لقيادة تحالف دولي ضد الإرهاب لتحرير البلاد من الجهاديين، من خلال الطيران الحربي، حيث لم يكن لديهم قوة قتالية على الأرض، وعندما وقع بايدن مؤخرا اتفاقا استراتيجيا مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ينص على انسحاب القوات الأمريكية المقاتلة في 31 كانون الاول ديسمبر المقبل، كانت مجرد هدية مقدمة إلى الكاظمي الذي يمكنه أن القول بأن لديه ورقة ضغط على المليشيات، لكن في الواقع، لم تعد الولايات المتحدة موجودة في العراق، بل هو نوع من الدوغمائية والاستعراض ليس إلا”.

وحول مساعي رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لإعطاء الدولة العراقية مكانة على الساحة الدولية، يؤكد أن “الميليشيات الشيعية الموالية لإيران تسيطر بشكل كامل على جنوب البلاد، فيما يعود داعش بقوة الى المناطق السنية، وعلى الجانب الآخر، تستثمر تركيا عسكريا في هجوم لم يكن بهذه الكثافة على المناطق الشمالية الكردية، حيث لم تكن البلاد منقسمة إلى هذا الحد من قبل، وتنتظرنا أحلك السيناريوهات”، مستغربا من “دعوة رئيس الوزراء العراقي لتنظيم مؤتمر دولي لتأكيد مكانة العراق في ظل هذه الظروف”.

وعلى صعيد الفائدة المتوخاة للعراق من هذه القمة يبين بكوان، إن “التمكن من الجمع بين كل هذه الدول هو نصر دبلوماسي، لكن عندما لا تستطيع الاتحاد داخليا، فلا يمكن للجهات الفاعلة الخارجية أن تلعب دورا واضحا”، متسائلا “كيف يمكن تحسين اقتصاد البلاد في ظل هدر 4 تريليونات دولار بسبب الفساد، وهذا لا علاقة له بالأتراك والفرنسيين والبريطانيين والسعوديين والقطريين، إذ لا يمكن أن نطلب من هذه الدول التدخل لتحقيق التماسك الاجتماعي للعراقيين، فالأمر متروك لهم لتحمّل المسؤولية ووضع عقد اجتماعي جديد، وميثاق لتوحيدهم”.

وانطلقت أعمال مؤتمر “بغداد التعاون والشراكة” اليوم السبت، الذي يهدف إلى تخفيف التوترات في الشرق الأوسط والتأكيد على دور العراق كوسيط، بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وأمير قطر تميم بن حمد.

فيما يترأس الشيخ محمد بن راشد، رئيس وزراء الإمارات وفد بلاده، ويمثل الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، الكويت. كما يمثل السعودية وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان، ويمثل إيران وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان، بالإضافة إلى وزير خارجية تركيا، مولود جاويش أغلو.

ويأمل العراق من خلال المؤتمر في الحصول على دعم لاستعادة الاستقرار الأمني والاقتصادي وتعزيز دوره الإقليمي.

للاطلاع على المقال باللغة الأصلية للصحفية هالة قضماني اضغط العنوان أدناه:

«En Irak, les scénarios les plus noirs nous attendent»

إقرأ أيضا