صفحات السحر تلاحق “الصابئة”.. رئيس الطائفة ينسق مع “الداخلية” والأخيرة تعتقل متورطين

يقاسي أتباع الديانة المندائية الصابئية من أجل التخلص من إلصاق اسم ديانتهم بعشرات الصفحات الوهمية…

يقاسي أتباع الديانة المندائية الصابئية من أجل التخلص من إلصاق اسم ديانتهم بعشرات الصفحات الوهمية الخاصة بالسحر والشعوذة والأعمال الروحية على وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف استمالة المواطنين، حيث كشف رئيس الطائفة عن متابعة الأمر مع وزارة الداخلية التي تمكنت بالفعل من القبض على بعض المتورطين، مطالبا الحكومة بمتابعة جدية لهذا الملف، فيما عزا باحث اجتماعي أسباب انتشار تلك الظاهرة لـ”الجهل المقنع” والافتقار للرقابة الحقيقية.

ويقول رئيس طائفة الصابئة المندائيين في العراق والعالم الشيخ ستار جبار الحلو في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “رئاسة الطائفة لم تدع مكانا إلا ولجأت اليه للتبليغ عن هذه الصفحات الوهمية التي تضع صورنا وتستغل اسم الديانة لتمرير أعمالهما الدنيئة، وقد قدمنا طلبا لوزير الداخلية، وبعد فترة تمت استضافتنا وقد اخبرونا بانه تم القبض على اثنين من هؤلاء واتضح انهما مسلمان وليسا من الصابئة”.

ويصف الحالة بـ”تشويه لسمعة ديانة عريقة وابتزاز للناس واستغلالهم بالامور المادية وغيرها، إضافة الى باب الفساد والكذب والدجل”، مطالبا الحكومة بـ”أخذ إجراءات جدية لإنهاء هذه الظاهرة من خلال تعقبهم عبر ارقام هواتفهم ومعلوماتهم الشخصية، لكن ما نشاهده هو ازدياد هذه الصفحات بين فترة واخرى ونريد جدية من الحكومة في التعامل مع هؤلاء الدجالين”.

وتنتشر في العراق ظاهرة “الأعمال الروحانية” او “السحر والشعوذة”، بشكل كبير خلال العقدين الأخيرين، نظرا لضعف الرقابة، وخاصة في المناطق الشعبية، في ظل التطور الكبير بوسائل التواصل الاجتماعي واعتماد اغلب المواطنين عليها في حياتهم اليومية، سواء عبر الشراء او البيع او انجاز اعمالهم الاخرى عبرها، توجه اصحاب هذه “الاعمال الروحانية” لها وبدأوا بانشاء صفحات وتمويلها، وبمسميات مختلفة، من بينها استغلال اسم رئيس طائفة الصابئة المندائيين الشيخ ستار جبار الحلو، او “الساحر الصابئي” وغيرها من المسميات.

وتهدف هذه الأعمال، كما يزعم أصحابها الى “جلب الحبيب، أو تزويج العوانس، أو زيادة الرزق أو تسيير الأمور العامة” وغيرها من الأمور الحياتية الكثيرة.

وكان قاضي محكمة تحقيق مدينة الصدر، حارث عبد الجليل، قد أكد العام الماضي، بأن هذه الظاهرة تنمو في الأحياء الراقية والأحياء الشعبية على حد سواء مع الفارق من حيث انتشارها، فهي تنتشر في الأحياء الشعبية أكثر منها في الأحياء الراقية، محملا وسائل التواصل الاجتماعي مسؤولية انتشار ظاهرة السحر والشعوذة، ما سهل على الدجالين عرض خدماتهم عن طريق صفحات وحسابات افتراضية وهمية.

يشار الى أن هؤلاء الاشخاص يتفقون مع أي زبون على مبلغ معين، يتم دفعه عبر دفعتين، الأولى قبل بدء العمل، والثانية عندما يحصل على طلبه الذي جاء من أجله، وذلك في وقت تكون الدفعة الاولى غير قابلة للرد، حتى وان لم يحصل الزبون على مايريد.

وحول هذا الأمر، يكشف مصدر مسؤول في وزارة الداخلية خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في وزارة الداخلية، هي الجهة المعنية الأولى بهذه الأمور، وأن هناك عمليات رصد ومراقبة لجميع هذه الاعمال سواء على مواقع التواصل الاجتماعي او في الواقع”.

ويلفت المصدر، الى أن “لدينا حملات مستمرة لمكافحة هذه الظاهرة، وتم القاء القبض على العديد من هؤلاء، كما ان جميع صفحات التواصل الاجتماعي لديها أجهزة رقابية خاصة بها”.

ويردف أن “الشرطة المجتمعية أيضا تقوم برصد ومتابعة هذه الحالات التي دائما ما ينتج عنها موضوع ابتزاز وتهديد، وبالتالي فان الأمر مرصود ومراقب من قبل أجهزتنا الأمنية، كونها مخالفة للقانون”.

يذكر أن زبائن هذه المكاتب أو الصفحات، دائما ما يتعرضون لحالات ابتزاز، وخاصة النساء، حيث يقعن ضحية لهؤلاء الأشخاص، خاصة وأنهن يحاولن الحفاظ على أزواجهن من الخيانة عبر هذه الاعمال، او بعضهن يطلبن الزواج نظرا لتقدمهن في العمر، ما يؤدي الى استغلالهن بشتى الطرق.

من جانبه، يبين الباحث الاجتماعي محمد المولى في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “انتشار مكاتب الأعمال الروحانية، فهو بالحقيقة موضوع اجتماعي ونفسي وديني، فلو كانت هناك معرفة بهذه الأمور لما التجأ الناس اليها، لكن هناك جهلا إضافة الى وجود ممارسات مجتمعية تشجع هذا العمل، ومنها عدم وجود الرقابة وسهولة الوصول الى مثل هؤلاء الأشخاص الذين يمتهنون هذه الامور”.

وينوه الى أن “حقيقة هذه الأعمال عكس ما يروج لها، فهذه الأمور هي للنصب والاحتيال ليس بصيغة الجبر، حيث تتم باستغلال السذج مهما كانت عناوينهم ومكانتهم”، مضيفا “كان الناس الذين يرتادون تلك الأماكن يمتلكون العلم والدين والتمسك الاجتماعي، لما كانوا ذهبوا لهذه الطرق، وهذا هو الجزء الأهم”.

ويشير الى أنه “لو أردنا علاج هذه الحالات فرديا، فقد يكون بالجزء الاول مجتمعيا وفي الجزء الآخر نظام دولة، حيث لا يسمح أي نظام عالمي بالترويج لمثل هذه الامور، وبهذه الكيفية والطريقة المفتوحة، وبإمكان الصغير والكبير الوصول اليها والتعامل مع هذه الأرقام المعلنة واستغلال الجهل المقنع لتحقيق اهداف وغايات معينة”.

ويؤكد أن “دول العالم بأجمعها لا تسمح بأن تكون مواقع التواصل الاجتماعي مفتوحة كما هو الحال في العراق الذي يشهد غياب الجهاز الرقابي الذي ينبه وينذر بمخاطر ومساوئ هذه الأفعال، وبالتالي هذا الغياب ادى وسمح لانتشار مثل هكذا أفعال والترويج العلني لها، كما لا توجد اي عقوبة مقابل ذلك، بل تعدى الامر موضوع مواقع التواصل الاجتماعي حيث اصبح يعرض على التلفزيون بشكل طبيعي وشبه علني”.

وقد انتشرت في أغلب مناطق العاصمة، مكاتب لرجال من هذا النوع، وبشكل علني، مع وضع يافطات كبيرة وبعضها مكاتب كبيرة نظرا لزخم المراجعين، فيما برز آخرون في القناوت التلفزيونية عبر برامج خاصة بهم، وأصبحوا حديث وسائل التواصل وبدأت بعض البرامج باستضافتهم.

إقرأ أيضا