محللون: قصف سنجار رسالة تركية لمنع زيارة ماكرون.. وفرنسا تسعى لتعويض الغياب الأمريكي

أجمع محللون سياسيون على أن تكثيف القصف التركي على قضاء سنجار غربي محافظة نينوى، حال…

أجمع محللون سياسيون على أن تكثيف القصف التركي على قضاء سنجار غربي محافظة نينوى، حال دون زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للقضاء ذي الغالبية الإيزيدية، الأمر الذي عدوه “رسالة تركية” لمنع أي تدخل دولي بشؤون سنجار، في وقت تحاول فرنسا أن تجد موطئ قدم لها في الشرق الأوسط عبر بوابة العراق بعد تعثرها في لبنان.

ويقول المحلل السياسي رعد الكعبي في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “خطاب تركيا واضح، ولاحظناه عبر كلمة وزير الخارجية التركي خلال مؤتمر بغداد، حيث كانت غير مريحة تماما، وتطرق إلى قضايا تتعلق بالارهاب، حيث طالب الحكومة العراقية بان تتدخل للقضاء على حزب العمال الكردستاني”.

وحول إلغاء زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى سنجار بسبب معلومات عن نية تركيا استهداف المدينة، يضيف الكعبي، أن “تركيا تريد أن ترسل رسالة على انها جادة في قضية عدم التخلي عن الاراضي التي احتلتها بالداخل العراقي، وتريد من بعض الدول التدخل والضغط على الحكومة العراقية لطرد عناصر حزب العمال الكردستاني، لكن صراع تركيا مع فرنسا سيكون سياسيا ولن يتطور إلى امور أخرى”.

ويشير الى أن “فرنسا تتفهم تصرف تركيا بهذه الطريقة، خاصة وأنها تحاول أن تجد لها موطئ قدم في الشرق الأوسط والعراق هو البوابة لتحقيق ذلك بعد أن فشلت بالدخول عبر لبنان”، مبينا أن “فرنسا تريد أن ترسل رسالة ايضا بان الاتحاد الأوروبي يمكن أن يكون بديلا للولايات المتحدة الأمريكية لاعادة ترتيب الاوراق والملفات العالقة بالشرق الأوسط”.

ويلفت الى أن “لتركيا مصالح سياسية واقتصادية في العراق، في حين من الصعب أن تتواجد لفرنسا مثل هذه المصالح بذات المستوى، إلا أنها تملك طموحات ورغبة في دخول شركاتها للعراق، خصوصا وأن فرنسا تعاني من مشاكل اقتصادية خطيرة وتحاول ان تجعل العراق هو المنقذ لها”.

ووصل يوم امس الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى مدينة الموصل في محافظة نينوى، وذلك عقب ختام اعمال مؤتمر بغداد يوم امس الاول، وكان من المفترض ان يزور مدينة سنجار ايضا، إلا انه بحسب الانباء فان معلومات وردت عن نية تركيا تنفيذ ضربات في المدينة، ما حال دون ذهابه اليها.

وبحسب بعض وسائل الاعلام العربية، فان بغداد أوصت بعدم زيارة ماكرون لسنجار، وذلك عبر “نصيحة” قدمت له من مسؤولين كبار في الحكومة العراقية.

وكان ماركون، قال من كنيسة الساعة، التي زارها في مدينة الموصل، إن القصف الجوي التركي الذي يستهدف قضاء سنجار يحول دون عودة النازحين الإيزيديين إلى ديارهم، مؤكدا عزم بلاده افتتاح قنصلية في مدينة الموصل.

وسبق لتركيا ان استهدفت مدينة سنجار، خلال تواجد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي فيها في 16 آب أغسطس الحالي، وادى قصفها الى مقتل قيادي في الحشد الإيزيدي المرتبط بهيئة الحشد الشعبي.

وكان قضاء سنجار هو الهدف التركي المعلن، حيث تعتبره معقلا لعناصر حزب العمال الكردستاني، وهو ما دفع بالفصائل المسلحة العراقية لارسال ألوية عسكرية الى القضاء، وتمركزت فيه لصد اي عملية تركية محتملة داخل القضاء الذي يقع جنوب غربي نينوى، ويعد موطنا لتواجد أبناء المكون الإيزيدي في العراق، والذي تعرض الى إبادة على يد تنظيم داعش في آب اغسطس 2014، حيث اختطف التنظيم آلاف النساء والاطفال، فضلا عن قتل آلاف آخرين، ومؤخرا تم الاعتراف بما تعرض له المكون كـ”إبادة جماعية”، في العديد من بلدان العالم.

من جانبه، يبين المحلل السياسي هاشم الجبوري في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “معلومة القصف التركي على سنجار، التي أدت الى الغاء زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لها، كانت مفاجئة، لان تركيا تعلم بان رئيسا من كبار رؤساء العالم سيزور هذه المنطقة التي تقع في الشمال الغربي للعراق، وتتجه الى قصف المنطقة، فهذا يعتبر تذكيرا لماكرون بعدم الذهاب الى سنجار، ولا تبرير آخر له”.

ويوضح الجبوري، أن “التهديد الأمني الذي منع زيارة ماكرون الى قضاء سنجار كان مزدوجا، فالخوف من تاثيرات القصف المدفعي التركي العشوائي، بالاضافة الى كون القضاء منطقة متفجرة، يتنازعها نفوذ مختلف الأحزاب والجماعات المسلحة بينها حزب العمال الكردستاني”.

ويؤكد “فرضية ما حصل من تكثيف للقصف التركي”، مؤكدا أن “هناك أكثر من 26 قاعدة عسكرية تركية شمال العراق، ولكن التهدئة هي الغالبة هناك، كون العراق مقبلا على انتخابات مفصلية، وهذه التهدئة ستساعد على إجراء الانتخابات بشكل هادئ، كما ان المنطقة ما تزال منطقة نزاع بين تركيا ومعارضيها من حزب العمال الكردستاني، والحكومة العراقية تريد بسط نفوذها هناك، وبالتالي يمكن تسميتها منطقة عمليات عسكرية محتملة”.

وكانت بغداد وأربيل، قد وقعتا في 9 تشرين الأول أكتوبر 2020، اتفاقا سمي بـ”التاريخي”، يقضي بحفظ الأمن في قضاء سنجار من قبل قوات الأمن الاتحادية، بالتنسيق مع قوات البيشمركة المرتبطة في إقليم كردستان، وإخراج كل الفصائل المسلحة وإنهاء وجود عناصر العمال الكردستاني “PKK“.

وكشفت “العالم الجديد”، في تقرير سابق، أن الكاظمي أبلغ أردوغان خلال لقائهما في أنقرة في 17 كانون الأول ديسمبر الماضي، بعجزه عن تنفيذ اتفاق بغداد– أربيل للسيطرة على سنجار وطرد عناصر حزب العمال الكردستاني منها، ومنح الضوء الأخضر لأردوغان بالدخول الى سنجار، تحت مظلة تحالف الناتو، تحسبا لردود أفعال سلبية من قبل الفصائل المسلحة، في حال دخول تركيا بمفردها لسنجار، وذلك بحسب مصادر دبلوماسية كانت حاضرة للقاء الذي جرى في أنقرة، وتخللته مأدبة فاخرة على أنغام الطرب العراقي التراثي.

ومنذ مطلع العالم الحالي، صعدت تركيا من عملياتها في العراق بشكل كبير، ونفذت العديد من عمليات الانزال الجوي، فضلا عن إنشاء نقاط أمنية بعد دخول قواتها البرية لمناطق مختلفة من دهوك ونينوى، إضافة الى إعلان عن إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في الاراضي العراقية، وذلك بهدف ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، وخاصة في قضاء سنجار بنينوى.

إقرأ أيضا