الفيزا الممنوعة.. “العالم الجديد” توثق إجراءات التأشيرة التركية.. “إذلال” ومخاطر أمنية (صور)

على الرغم من تصدر العراقيين بمختلف شرائحهم لسنوات عديدة قوائم المستثمرين في تركيا، ورفدها بملايين…

على الرغم من تصدر العراقيين بمختلف شرائحهم لسنوات عديدة قوائم المستثمرين في تركيا، ورفدها بملايين الدولارات سنويا من خلال السياحة والتجارة، إلا أن أنقرة وفي خطوة أثارت الاستغراب، قامت بتشديد إجراءاتها لمنح سمة الدخول “فيزا” بشكل يفوق شروط الحصول على تأشيرة الاتحاد الأوروبي “شنغن”، ما حدا ببعض المراقبين الى اتهام الحكومة التركية باختراق العراقيين أمنيا من خلال تلك الإجراءات.

الخطوات المستغربة لتركيا بشأن دخول العراقيين إليها (بعدما كانت حتى الأمس القريب من أسهل البلدان وصولا للعراقيين)، دفعت “العالم الجديد”، الى متابعة الأمر عن كثب عبر توجه مراسلها الى أحد مكاتب منح التأشيرة التركية لاكتشاف ما يجري، وسط صمت حكومي عراقي.

البداية كانت من أحد فروع مركز منح التأشيرة، حيث توجه المراسل، عند الثامنة من صباح اليوم المقرر لتقديم الطلب، ففوجئ بمنع الدخول بحجة أن الدوام يبدأ عند التاسعة، لينضم الى باقي المراجعين الممنوعين، حيث شاهد تكاثر العوائل والأطفال وازدياد معاناتهم، وهم يقبعون تحت الشمس الحارقة من دون مكان للجلوس أو الاستراحة.

ويقول زين حسام (38 عاما) وهو رب أسرة مكونة من زوجة وطفلين، إن “ما يجري هو إذلال بكل معنى الكلمة، فما ذنب هؤلاء الأطفال لماذا يرفضون إدخالهم على الأقل بدلا من البقاء تحت الشمس”.

ويضيف حسام في حديث لمراسل “العالم الجديد”: “حرصا مني على الوصول عند الموعد، خرجت مبكرا، ووصلت عند السابعة والنصف صباحا، ورغم تكرار محاولاتي الطلب من الحرس للدخول الى القاعة كان يتم رفض الطلب بحجة الفوضى”.

Image

ما زاد الوضع سوءا، أن الضفة الأخرى للشارع أمام المكتب الواقع في السيدية جنوبي العاصمة بغداد، تضم حديقة تابعة لشركة أهلية، وحين حاول المراجعون الاحتماء بحديقة تابعة لشركة أهلية، منعهم حراس الشركة، وقاموا بفتح صنابير المياه ومرشاتها، حتى وصلت المياه الى جدار الشركة، ما دفع المراجعين للبحث عن بقعة ظل في شارع خالٍ من أي موقع للاستراحة العامة.

وعلى رأس الساعة التاسعة، فتحت أبواب المكتب الذي تبين أنه عبارة عن فرع لشركة متعاقدة مع السفارة التركية، فدخلوا بانتظام، حيث فوجئوا بوجود قاعة مكيفة كبيرة وتوفر مقاعد استراحة كبيرة، لكنها وبأمر الشركة لم تفتح امامهم، ما دفع المواطنين الى الشعور بـ”الاهانة” حسب كلام سندس حامد (49 عاما).

وتُبين حامد لـ”العالم الجديد”، أن “الجميع تذمر من هذه المعاملة السيئة”، لافتة الى أن “كل هذا الازعاج ونحن غير متأكدين من حصولنا على التأشيرة، لأنها باتت معقدة جدا، فلماذا يطلبون بطاقة السكن بالاضافة الى تأييد السكن، كما أنهم يجبرون المراجع على شراء تأمين صحي لمدة عام بسعر 65 دولارا، وهذه سرقة علنية فحتى فيزا الاتحاد الاوروبي لا تشترط ذلك”.

عند الوصول الى الموظفة المعنية باستلام الطلبات في المبنى المكون من 3 طوابق مئات الموظفين، تبدأ الإجراءات الصادمة، ففي البداية أبلغت الحاضرين بأن المنظومة الالكترونية متوقفة (حيث لم تعد الا عند الرابعة مساءً)، وبطلب من مراسل “العالم الجديد”، بدأت الموظفة بتدقيق الأوراق ريثما يتم اصلاح المنظومة، حيث ظهرت شروط شبه تعجيزية تتمثل بجملة من المستمسكات التي يستحيل على كثير من العراقيين الحصول عليها، أبرزها جلب سند عقار باسم صاحب الطلب أو أحد ذويه من الدرجة الأولى كالوالدين والأبناء والأخوة، بالاضافة الى بطاقة سكن باسمه مطابقة لمحل العقار، وبخلاف ذلك عليه جلب تأييد سكن مطابق لأحدهما.

Image

مضافا الى ذلك، اعتماد فقرة جديدة مفادها أن المركز يتكفل بايصال جواز السفر على عنوان منزل المراجع، يظهر أن الهم الأول للحكومة التركية وسفارتها في بغداد ليس ضبط التأشيرة بقدر ما هو جمع قاعدة بيانات ومعلومات عن المواطنين العراقيين، على حد تعبير مواطن عراقي مقيم في تركيا.

ويضيف المواطن علي عباس (41 عاما) في اتصال هاتفي مع “العالم الجديد”، إن “أخذ البصمات العشرة بالاضافة الى بصمة العين في هذا المركز الواقع داخل العاصمة بغداد ومن دون إجراءات رادعة، يعد خرقا أمنيا كبيرا، كون تلك المعلومات مرتبطة بنظام الكتروني ترسل الى تركيا حتى مع رفض التأشيرة”.

ومن بين الشروط شبه التعجيزية، هو الحصول على تأييد عمل من المؤسسة التي يعمل فيها، مهما كان نوعها، بالاضافة الى بطاقة من المؤسسة ايضا، وهذا ما لا يتوفر لدى معظم المؤسسات الأهلية وحتى الحكومية.

هذه الاجراءات، واجهت جميع المراجعين الذين اصطحبوا أطفالهم ونساءهم بغية الحصول على التأشيرة، من أجل قضاء أسبوع في تركيا، أغلبهم مرتبطون بمجمايع سياحية تنظمها شركات السفر، لكن خيبة الأمل كانت واضحة على وجوههم.

ذهب المراسل الى عدد من مكاتب السفر التي تنظم رحلات المجاميع وحجز فنادقهم، فظهرت بلا حلول، إذ أبلغت المراجعين بأن هناك قرارات تصدر بشكل دوري، وهي التي تسبب عرقلة منح الفيزا، وطالبتهم بالانتظار فترة معينة حتى تتبين القرارات الجديدة.

الى ذلك، نفى مصدر أمني في حديث مقتضب لـ”العالم الجديد”، أي “اطلاع للوزارات الأمنية على تلك الإجراءات، أو مساسها بالوضع الأمني”.

وحاولت “العالم الجديد”، الحصول على تعليق من السفارة التركية في بغداد حول الأمر، إلا أنها لم تحصل على أي رد.

Image

وتأتي هذه الخطوات في ظل فترة ركود ومنع سفر بين البلدان، استمرت لنحو عام ونصف بسبب جائحة كورونا، وفي تموز يوليو الماضي فتحت تركيا ابوابها امام جميع دول العالم بهدف تنشيط السياحة مجددا لديها، وشهدت اغلب مدنها زخما كبيرا من السائحين سواء من دول الخليج او اوروبا او اسيا، لكنها بالمقابل بدأت بتشديد الاجراءات بحق العراقيين، وذلك وسط صمت رسمي عراقي، ودون اي تحرك من قبل وزارة الخارجية العراقية.

وبحسب آخر الاحصائيات التي تصدر من مختلف المؤسسات التركية، فان العراق يحتل المراتب الاولى باستيراد مختلف المواد من قبيل الملابس والاثاث والخضار، وذلك بالاضافة الى احتلاله المراتب الاولى ايضا في شراء العقارات.

إقرأ أيضا