بعد عودته للانتخابات.. ما حظوظ التيار الصدري بتشكيل الحكومة المقبلة؟

بعد عودة التيار الصدري الى المنافسة الانتخابية عقب الانسحاب، تجدد الحديث عن حصوله على أعلى…

بعد عودة التيار الصدري الى المنافسة الانتخابية عقب الانسحاب، تجدد الحديث عن حصوله على أعلى الأصوات في الانتخابات، ما يؤهله لترؤس أو تشكيل الحكومة المقبلة، إلا أن محللين سياسيين قللوا من قيمة هذا الحديث ووصفوه بـ”غير المنطقي”، وذلك لأسباب ومعطيات عديدة، أهمها الحجم الحقيقي ونقمة الناخبين على القوى السياسية ومشاركة قوى تشرين في الانتخابات، فضلا عن “التدخل الاقليمي والدولي”.

ويقول المحلل السياسي حيدر الموسوي في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “التيار الصدري، ليس لديه حظوظ قوية بالانتخابات، سواء قبل إعلان زعيمه مقتدى الصدر الانسحاب أو بعد عودته اليها، وما يتم الترويج له بشأن رئاسة الوزراء مجرد مناورة تقوم بها شخصيات في التيار، إذ كيف نتحدث عن منصب رئاسة الوزراء قبل إجراء الانتخابات، وما هي المعايير التي يفترض على أساسها أن يحصل على 100 مقعد أو هذا المنصب، فهذا كلام له أهداف سياسية وانتخابية فقط”.

ويضيف الموسوي، أن “هذا الكلام ليس منطقيا أو علميا، لأنه لا يمكن التكهن بالنتائج ومدى التفاهم والتحالفات بين القوى السياسية، لكن بالمجمل ان المشهد لن يختلف عن السابق، باعتبار أن العرف السياسي الذي سارت عليه العملية السياسية في العراق، هو أن تتم تسمية الرئاسات الثلاث بسلة واحدة وفق صفقة متفق عليها من جميع المكونات”.

ويوضح “تعتمد هذه الأمور على من سيحصل على الأصوات الأكثر، إضافة الى الفيتو الخارجي الذي له كلمة مهمة، والرأي الأفضل الذي يعتمد في تسمية الرئاسات الثلاث، حيث أن مقاليد الامور بالداخل العراقي بيد اللاعب الخارجي والتفاهمات الاقليمية والدولية، فهي الفاعل الاساسي في حسم هذه الامور، وبحسب المعطيات لا يمكن أن يكون منصب رئاسة الوزراء من نصيب التيار الصدري”.

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أعلن مساء الجمعة الماضي، في كلمة متلفزة، عن عودته للمشاركة بالانتخابات وإلغاء قرار انسحابه الذي اتخذه في 15 تموز يوليو الماضي، بعد تسلمه ورقة إصلاحية، من قبل سياسيين، مؤكدا أنها جاءت وفقاً لتطلّعاته الإصلاحية، وأن من شأنها إبعاد مشاركة الفاسدين وذوي المصالح الخارجية، على حد تعبيره.

وبعد اعلانه العودة للمشاركة في الانتخابات، تجدد حديث قياديين في التيار الصدري وجماهير التيار، عن رئاسة الوزراء وان الانتخابات ستؤدي الى حصول التيار على اعلى عدد اصوات يمكنه من تشكيل الكتلة الأكبر، بل ذهب الحديث باتجاه الحصول على 100 مقعد او اكثر، في حين يبلغ عدد مرشحي التيار الصدري للانتخابات اقل من 100 مرشح حسب القوائم التي نشرتها مفوضية الانتخابات.

وكان القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي، اشار في حديث متلفز امس الاول، الى ان ائتلاف دولة القانون لن يحصل على اكثر من 10 مقاعد نيابية، وان زعيم الائتلاف نوري المالكي لن يكون منافسا قويا، حسب كلامه، حيث بين ايضا ان “توجهنا ان يكون رئيس الوزراء المقبل صدري قح”.

وطيلة الفترة الماضية، كان الحديث عن تأجيل الانتخابات هو الأبرز بين القوى السياسية، وجرت العديد من الاجتماعات حول هذا الأمر، ومنها مع التيار الصدري قبل اعلان عودته، حيث وضع شرط تأجيل الانتخابات مقابل العودة للمشاركة في الانتخايات، وهو ما جوبه برفض بعض القوى السياسية الشيعية.

وفي مطلع العام الحالي، صدرت العديد من التصريحات من نواب تحالف سائرون المرتبط بالتيار الصدري، حول أن رئيس الوزراء المقبل سيكون “سائق بطة”، وذلك في إشارة الى ان نوع عجلة تويوتا تسمى محليا بـ”البطة” برزت خلال السنوات الاولى بعد عام 2003، والصقت بها تهمة “القتل والتصفية”، لكن نواب سائرون استشهدوا بها للتأكيد على ان المهمة المقبلة هي “محاربة وتصفية الفاسدين”.

الى ذلك، يبين المحلل السياسي يونس الكعبي، في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الانتخابات لا يمكن التكهن بنتائجها إلا بعد اتمام عملية الاقتراع، وهذه الفترة لغاية ذلك الموعد طويلة، ويمكن أن تحدث فيها الكثير من المتغيرات والتحالفات التي قد تختلف بين ليلة وضحاها”.

ويردف أن “طموح الكتلة الأكبر موجود لدى الجميع، ولكن يبقى الميدان هو الفاصل الاساسي وما ستقدمه الكتل من برامج لإقناع الناخبين، وما ستحصل عليه أي كتلة هو من يؤهلها للفوز برئاسة الوزراء، لكن بالنسبة للتيار الصدري، فله جمهور وقاعدة كبيرة، إلا ان الاحتمالات تبقى قائمة ومسألة الحصول على رئاسة الوزراء تحتاج الى النصف+ 1، خصوصا ان هذا الرقم لم يحصل عليه سوى التحالف الوطني سابقا، ولن تتمكن اي كتلة لوحدها ان تحصل على هذا الرقم”.

ويشير الى ان “التحالفات في المرحلة المقبلة صعبة جدا، كون غالبية الكتل السياسية انشطرت واصبحت اكثر من كتلة او مكون، وتغييرات كثيرة حصلت مؤخرا حتى بالنسبة للتحالفات القوية والكبيرة، إضافة الى دخول بعض أحزاب تشرين (نسبة الى تظاهرات تشرين الاول اكتوبر 2019)، وربما ستكون لها بصمة في البرلمان المقبل، بالتالي فان النتائج ربما لا تأتي على هوى ومزاج الكتل السياسية”.

ويستطرد “اضافة الى ما ذكر، فان الناخب الان ناقم على الكتل السياسية بسبب الاخفاق في تقديم الخدمات، وربما نشهد موجة اخرى قبل الانتخابات لا سيما من قبل الكتل المنسحبة التي لن تدع الموضوع يمر مرور الكرام، وبالتالي فان من سيحدد من سيكون على رأس الحكومة المقبلة هي نتائج الانتخابات اضافة الى التحالفات التي ستتشكل بعد الانتخابات”.   

وكان انسحاب الصدر، قد تزامن مع توجيه اتهامات لتياره بالفساد، بسبب شغله مواقع مفصلية في بعض الوزارات الخدمية كالكهرباء والصحة وغيرها، وذلك على خلفية أحداث وخروق كبيرة شهدها البلد، من قبيل الحرائق في المستشفيات وكثرة انطفاء الكهرباء.

وتعد هذه الانتخابات المبكرة، إحدى مطالب التظاهرات التي انطلقت في تشرين الأول أكتوبر 2019، وأجبرت رئيس الحكومة عادل عبد المهدي على تقديم استقالته، ومن ثم المجيء بحكومة مصطفى الكاظمي التي كان هدفها الأول هو الإعداد لانتخابات مبكرة، وتكون “حرة ونزيهة”.

وخلال الفترة الماضية، برزت العديد من الإشكالات بشأن الانتخابات، منها عمليات الاغتيال والاختطاف التي طالت ناشطين، كان آخرها اغتيال رئيس الحراك المدني في كربلاء ايهاب الوزني، التي دفعت بالعديد من القوى السياسية المنبثقة من تشرين وغيرها، الى الانسحاب من الترشح والمطالبة بتوفير أجواء آمنة لاجراء الانتخابات، فضلا عن تنامي الهجمات ضد المصالح الامريكية في العراق، الأمر الذي اعتبر “إخلالا بالأمن” مع قرب موعد الانتخابات.

وتشهد هذه الانتخابات مشاركة العديد من الناشطين والقوى المنبثقة من تظاهرات 2019، وهي حركات تشكلت قبل أشهر قليلة، وزجت بمرشحيها في الانتخابات، بعد ان فتحت بعضها أبواب التبرعات لغرض إكمال عملية التسجيل الرسمية في مفوضية الانتخابات ودفع الرسوم القانونية.

إقرأ أيضا