مبيعات الدولار ترتفع.. “تعويم العملة” يفشل في ضبط مزاد العملة

السيطرة على مزاد بيع العملة، يعد أحد الأهداف التي بشر بها البنك المركزي والحكومة العراقية،…

السيطرة على مزاد بيع العملة، يعد أحد الأهداف التي بشر بها البنك المركزي والحكومة العراقية، لتبرير قرارهما بتغيير سعر صرف الدينار أمام الدولار، لكن وبعد مضي 9 أشهر على تنفيذ القرار المثير للجدل، زادت مبيعات الدولار عن مستواها السابق، من دون أن يبرر ذلك أي مسؤول رسمي، في حين طالب خبراء اقتصاديون وزارة التجارة بتحديد الجهة التي تصدر موافقات الاستيراد “الكثيرة” التي يعود اليها السبب في “تهريب” الدولار الى الخارج، عازين الأمر الى ارتفاع حجم “الكتلة النقدية”.

وتقول الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الحكومة خفضت سعر الدينار العراقي بمعدل 23 بالمائة، ما أدى الى ارتفاع سعر الدولار وتضخم الأسعار بمعدل 25 بالمائة، بالتالي فان هذا التغيير له أثر كبير على الوضع الداخلي، وخلق حركة تضخمية مستمرة، وكانت الحجة المستعملة من قبل الحكومة العراقية أن ما حدث من خفض سعر الدينار وارتفاع سعر الدولار هو من أجل تقليل تهريب الدولار الى خارج العراق”.

وتضيف سميسم “في الفترة الأولى قلت معدلات التهريب فعلا، لأن البنوك أصبحت تضطر لإعطاء كميات أكبر من الدينار بهدف الحصول على الدولار، ومع مرور الوقت استطاعت هذه البنوك أن تسحب الدينار العراقي من الأسواق، وبالتالي تمكنت من الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الدولار”.

وتلفت الى أن “القضية تحتاج إلى إعادة رقابة من قبل وزارة التجارة، كون مزاد العملة النافذ يمنح الأموال على ضوء أوراق استيراد مصدقة من قبل الوزارة لأجل فتح اعتمادات جديدة، فنحن لا نعرف من الذي يصدر الموافقات لهذه المصادر، وهذا هو السؤال الأهم من أجل السيطرة على سيل الدولار الذي يتم تهريبه”.

يشار الى أن مبيعات البنك المركزي من الدولار، والتي يمنحها بناء على إجازات استيراد وتذهب لحسابات خارج العراق، كانت بمعدل يومي يتراوح بين 150 الى 200 مليون دولار، لكن تلك المبيعات لازالت مرتفعة بعد إقرار تغيير سعر صرف الدينار أمام الدولار، حيث تصل في الأيام الأخيرة الى نحو 230 مليون دولار يوميا، بدلا من خفض شراء الدولار وتحويله لخارج العراق

وبعد قرار تغيير سعر الصرف، بايام سجل البنك المركزي أدنى مستوى في مبيعات الدولار منذ سنوات، وذلك بواقع 14 مليون دولار فقط.

وبحسب العديد من السياسيين، فان مزاد بيع العملة في البنك المركزي، يعتبر بوابة لـ”تهريب العملة” الى خارج العراق، عبر أوراق استيراد وبنوك وهمية، إذ جرت محاولات عديدة لفتح ملف مزاد البنك المركزي، واغلبها باءت بالفشل وانحصر الحديث عنها في الاعلام فقط من قبل سياسيين سابقين وحاليين.

ومن وجهة نظر مختلفة، يبين الخبير الاقتصادي همام الشماع في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “زيادة مبيعات البنك المركزي من الدولار، تأتي بسبب ازدياد الكتلة النقدية، فقد كانت تبلغ 42 ترليون دينار وذلك قبل اعلان وزير المالية في العام الماضي بانه لن يدفع رواتب وعدم وجود إيرادات، فاقترض من البنك المركزي حوالي 37 ترليون دينار”.

ويوضح ان “المجموع الكلي للكتلة النقدية ارتفع الى نحو 80 ترليون دينار، وبما أن هذا المبلغ موجود في التداول، فانه تحول الى الطلب على الدولار أو شراء العقارات، وهو ما تسبب بالارتفاع الحالي لأسعار العقارات في بغداد وعموم العراق”.

ويردف “ارتفاع الكتلة النقدية أدى الى زيادة السحب على الدولار، وذلك بسبب انعدام ثقة المواطن باستقرار سعر الصرف، لذا فهو يتجه الى الدولار”.

وأكد البنك المركزي العراقي، أمس الأول الجمعة، أن قرار تغيير سعر الصرف لم يتخذ على أساس وجود مشكلة مالية، معربا عن أمله بأن يستقر السعر الجديد لاعادة النشاط الاقتصادي دون محاولة تغييره.

وكان نائب محافظ البنك المركزي إحسان الياسري، تحدث أمس الأول في تصريح صحفي، عن أسباب تغيير سعر صرف الدينار أمام الدولار، وفيما أغفل الحديث عن مزاد العملة الذي من المفترض أن يشهد انخفاضا، لتتم السيطرة على تهريب الدولار الى خارج البلد، قال إن تغيير سعر صرف الدولار خطوة مدروسة من عدة جهات ولم يتخذ قرار التعديل إلا بعد دراسات مستفيضة من وزارة المالية وبين البنك المركزي، الذي توصل بدوره الى السعر الحالي (1450 دينارا مقابل الدولار) تضاف له عمولة البنك المركزي، وأيضاً عمولة المصرف، فاصبحت هناك ثلاثة أسعار: سعر (السياسة المالية) 1450 و(البنك المركزي) يبيع 1460 للمصارف، وبدورها (المصارف) تبيع للجمهور 1470، مؤكدا أن سعر الصرف أداة مالية ليس لها علاقة بالمشكلة الآنية.

وكانت هيئة النزاهة، قد كشفت أواخر عام 2019، تفاصيل قضايا جزائية متعلقة بملف “مزاد العملة”، وتحدثت عن “ثلاثة حيل” مختلفة استخدمتها مصارف حكومية، بينها استخدام حسابات أشخاص من دون علمهم وإيداع صكوك لآخرين لا يمتلكون رصيدا، وبحسب بيان الهيئة آنذاك فإن القضايا شملت مصارف أهلية وحكومية، ادعى بعضها استيراده لبضائع داخل العراق، لكنه لم يدخل أي مادة إلى العراق منذ عام 2004.

إقرأ أيضا