فاجعة كركوك.. “تكبيرات” داعش تتسلل عبر “لاسلكي” الشرطة لأول مرة منذ سنوات

في حادثة تعد الأولى من نوعها منذ إعلان النصر على تنظيم داعش في 2017، تسللت…

في حادثة تعد الأولى من نوعها منذ إعلان النصر على تنظيم داعش في 2017، تسللت “شعارات” و”تكبيرات” لعناصر بتنظيم داعش عبر جهاز لاسلكي للإرسال كان بحوزة عناصر من الفرقة الخامسة/ شرطة اتحادية في كركوك، حيث تأكد على الطرف الآخر، مقتل منتسبي الفرقة الذين كان الجهاز بحوزتهم، ما اعتبر فاجعة مؤلمة، حمل خبراء أمنيون، مسؤولية حدوثها الحكومة، محذرين من تكرار سيناريو 2014 في ظل تسلل “إرهابيي داعش” عبر سوريا وتنامي نشاطهم.

 

ويقول العميد المتقاعد والخبير الأمني عدنان الكناني في حديث “العالم الجديد”، إن “ما جرى في كركوك، يتحمله قائد الفرقة وآمر اللواء وآمر الفوج، فواجب القوة أن تمسك الأرض، ولو كان مسكهم للأرض صحيحا لما أثر العدو بهذا الشكل خلال هجومه”.

ويضيف الكناني، أن “التعرض عندما يحصل، فانه يثير أسئلة حول كفاءة الجهد الأمني والاستخباري، ومصير العدو، ونجاعة القراءة للقائد الأمني، والنظرة الاستخبارية غير الدقيقة”، مبينا أن “الحكومة تتحمل المسؤولية الكاملة، وخاصة القائد العام للقوات المسلحة، إذ أن هناك إرباكا في الإجراءات الادارية، فالسياقات العسكرية تمنع تسلم أي ضابط في الصنوف الإدارية منصب قائد، لكننا نشاهد الآن طيار مروحية وفي الوقت نفسه يشغل موقعا إداريا رفيعا في القوة الجوية، أو ضابطا إداريا يصبح قائد فرقة، وهذا يتسبب بهدم للمؤسسة العسكرية”.

ويردف، أن “الكتل السياسية منحت رتبا عسكرية لشخصيات لا تستحقها، ما أثر على سياقات المهنة، وهذا سببه هيكلية القيادة العامة للقوات المسلحة، فهي المسؤولة عن إدارة الملف الأمني والعسكري، لكن القرار ترك بيد القائد العام للقوات المسلحة، وهو لا يفهم بالأمور العسكرية ويعتمد على مستشاريه، حيث يضعون له بعض النقاط وينفذها، وبعضها نابع من جهات حزبية أو أنها جاءت من خارج الحدود”. 

وتعرضت نقطة تابعة للواء 19 الفوج الثاني شرطة اتحادية، في منطقة “تل سطيح” بناحية الرشاد جنوب غربي كركوك، في ساعة متأخرة من ليلة امس الاول، الى هجوم من قبل عناصر داعش، ما أدى الى مقتل جميع من في النقطة، وبحسب مصادر أمنية كشفت “العالم الجديد”، أن “الحصيلة النهائية بلغت 15 قتيلا، 3 منهم تم نحرهم وقطع رؤوسهم ووضعها فوق جثثهمم”.

وتبين المصادر، أن “عناصر داعش فخخوا النقطة بالكامل، كما فخخوا الطريق الواصل اليها”، مؤكدة أن “العناصر الأمنية وجهت نداء لطلب الاسناد، لكن دون جدوى ولم تصل أي قوة لإسنادهم”.

وتفيد أن “عناصر داعش، وبعد ان قضوا على عناصر النقطة، رددوا شعاراتهم عبر جهاز الإرسال اللاسلكي المرتبط بمركز الاتصالات في الفرقة الخامسة ومنه الى قيادة العمليات”.

وتكشف المصادر، أن “قائد الفرقة وآمر اللواء، أكدوا عقب الهجوم، انهم كانوا في إجازة، ما أوقع المسؤولية على مساعديهم”، محملة قائد عمليات كركوك الفريق الركن علي الفريجي “المسؤولية الأكبر، كونه لم يقم بأي دور يلائم موقعه الحساس”.

وحول تردي الوضع الأمني وتنامي عمليات داعش، يبين الخبير الأمني فاضل أبو رغيف في حديث “العالم الجديد”، أن “تنظيم داعش مر بمرحلة سبات بعد خروجه من الأراضي العراقية ولمدة عام ونصف، ولكنه عاد لنشاطه من جديد لعدة أسباب، أولها من خلال التسلل عبر الحدود، وثانيها عبر دعم بعض التجار لهم في بعض الدول الأوربية والافريقية، وثالثها أن زعيم التنظيم عبدالله قرداش لديه أكثر من 6 آلاف عنصر في منطقتي غازي عنتاب والرحمانية الواقعتين عند الحدود التركية السورية، مما يسهل انتشارهم عبر المحافظات العراقية”.

ويردف “فضلا عن ذلك هناك أبناء المقتولين والمعتقلين والمجهولين، فهؤلاء بدأت في نفوسهم ثائرة الانتقام، كما أنهم يحاولون استغلال بعض المناسبات الدينية في العراق مثل الزيارة الاربعينية للمسلمين الشيعة وهناك مناسبة الانتخابات، ومثل هذه الأحداث يعتبرها التنظيم غنيمة من أجل فرض نفسه وإثبات سيطرته”.

ويؤكد أن “التنظيم انكسرت شوكته فيما يتعلق بدولة التنكيل، أي بمعنى أنها ماعادت لديه تلك القدرة لإعادة تنظيمه وانطلاقه مرة أخرى في أساسياته الأربعة البالية، وهي التفخيخ والانتحار والاغتيال والعبوات الناسفة، لذلك بدأ الان ينشط من جديد في مناطق مختلفة، لكنه ينشط بطريقة غير مستقرة، كون التنظيم لم يعد يملك تلك القدرة والانطلاقة التي كان يملكها ابان دولة التنكيل”.

ويشير الى أن “التنظيم الآن بدأ ينشط في بعض المناطق، ومنها المناطق المحصورة بين محافظتي صلاح الدين وكركوك وكذلك منطقة الوديان الثلاثة، وهي وادي زغيتون ووادي الشاي ووادي ام الخناجر، وكذلك مناطق غرب نينوى هي الأخرى بدأ ينشط فيها بالاضافة الى مرتفعات بادوش ومرتفعات قره دوغ ومرتفعات الشيخ يونس، إلا انه بات ضعيفا في مناطق كان بالامس القريب، قد نشط فيها وهي مناطق الانبار وخاصة صحراء الانبار والتي تعتبر اكبر صحراء في الوطن العربي تقريبا، والتي تبلغ حوالي مساحتها 30 الف كلم، حيث ان التنظيم كان يحتل مركز الصدارة فيها”.

وانتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي، العديد من المحادثات بين العناصر الامنية في كركوك، أكدوا خلالها أن الاشتباكات استمرت لساعتين بين عناصر النقطة وداعش، ولم يصل أي إسناد لها، فيما طالبت العديد من الصفحات الخاصة بالمنتسبين في المحافظة بمحاسبة قائد العمليات الفريجي.

وقد حصلت “العالم الجديد” على فيديو يظهر تعرض عناصر النقطة الامنية بعد الهجوم، للنحر، ولكنها امتنعت عن نشره لاسباب انسانية.

الى ذلك، يلفت الخبير الامني هيثم الخزعلي في حديث “العالم الجديد”، أن “الحدود العراقية السورية غير منضبطة وتشهد تسلل العديد من الإرهابيين عبرها، ومنها إلى تلال حمرين، وصولا إلى منطقة مطيبيجة وبعدها التوزع إلى ديالى وكركوك وبغداد”.

ويلفت الخزعلي، الى أن “لدى هذه الجماعات الإرهابية حواضن ما تزال تعمل معهم، إضافة الى التخبط بالإجراءات والقرارات المتخذة وعزل القيادات الكفوءة، وكما حصل في الطارمية، حيث أمر القائد العام للقوات المسلحة بسحب القطعات الأمنية واهداء النصر لداعش”، محذرا من “سيناريو مماثل لما جرى في 2014، وان كان بنسبة أخف، في حال الانسحاب الامريكي المفاجئ، وذلك بعد تصاعد هذه العمليات وتسلل المزيد من عناصر داعش عبر الاراضي السورية”.

وسبق لـ”العالم الجديد”، أن سلطت الضوء على ما يجري في كركوك، وكشفت عن أغلب صنوف القطعات الأمنية المنتشرة فيها وعددها، وأسباب الخروق الأمنية التي عزاها مصدر أمني الى “الفساد”، حيث أكد في وقتها أن “أغلب هذه القطعات تعاني من سيطرة بعض القادة الفاسدين، ومهمتهم جمع الأتاوت من مواطني القرى، وقيادة عمليات تهريب للمواشي والنفط وغيرها من الامور، ما أدى الى إرباك وترك مواقع المسؤولية، إضافة الى وجود مقاتلين فضائيين (وهميين)، وهو الامر الاخر الذي ساهم بضعف هذه القطعات”.

إقرأ أيضا