عودة المفسوخة عقودهم من الحشد.. صدفة توقيت أم استثمار انتخابي؟

مديح وذم وتهكم، هكذا واجه العراقيون إعلان تحالف الفتح عن إعادة 30 ألفا من المفسوخة…

مديح وذم وتهكم، هكذا واجه العراقيون إعلان تحالف الفتح عن إعادة 30 ألفا من المفسوخة عقودهم من منتسبي الحشد الشعبي، وفيما اعتبر الإعلان بهذا التوقيت القريب جدا من الانتخابات، شكلا من أشكال الدعاية الانتخابية، يضاف الى تسخير قرارات الدولة ومواردها من قبل المرشحين والقوى السياسية المتنفذة، يصف التحالف أي كلام عن الدعاية بـ”الوهم”، مؤكدا أن هذا الموضوع تبناه التحالف وضمنه في برنامجه وعمل عليه قبل وقت طويل.

ويقول الناشط منتظر بخيت في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “من الملاحظ الان بعد إعلان عودة المفسوخة عقودهم من الحشد الشعبي، أن كل مكتب من مكاتب النواب وضع اسمه والشعار الخاص به على وثيقة عودتهم الصادرة من وزارة المالية وروج لها، وبالتالي فهذه محاولة للتسويق بأنهم هم من جلبوا هذه الحقوق، وهذا مغاير للواقع، كون هذا القرار ضمن فقرات الموازنة ولا يوجد أي إنجاز كبير فيه“.

ويضيف بخيت، أن “هذا الأمر ليس بغريب، كون غالبية المرشحين من النواب الحاليين لا يوجد لديهم شيء للترويج عنه، بل هم يعتاشون على هذه الأمور ولم نلاحظ أي منهم قد شرع قانونا أو خدم شريحة أو استجوب وزيرا، لذا لم يتبق لهم سوى هذا الأمر ليتغنوا به”، لافتا “كان من المفترض أن يتم تجميد صلاحيات كل المسؤولين التنفيذيين المرشحين للانتخابات، حيث أن اكثر من محافظ مرشح بدأ بتسيير آليات السبيس وتعبيد الطرق، وهي كلها من أموال المحافظة، بل إن بعض المشاريع في معظم المحافظات تأجلت طيلة الفترة الماضية، وأطلقت الآن قبل الانتخابات“.

ويؤكد أن “المفسوخة عقودهم من الحشد، يعلمون ان الموضوع قد تم منذ فترة ضمن الموازنة، ولاحظنا خلال الإعلان اليوم أن رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض وعلى جانبه رئيس هيئة أركان الحشد ابو فدك، وكأنهم يعلنون عن تطهير العراق من الفساد، والأمر لا يحتاج لكل هذه الدعاية“.

وصباح يوم أمس، أعلن رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض بمؤتمر صحفي مشترك مع رئيس هيئة أركان الحشد عبد العزيز المحمداوي (أبو فدك) عن موافقة وزارة المالية لإعادة 30 ألف شخص من المفسوخة عقودهم من هيئة الحشد الشعبي، وذلك بعد أن تم نشر كتاب الوزارة في وسائل التواصل الاجتماعي.

يشار الى أن فقرة إعادة المفسوخة عقودهم، ضمنت في الموازنة الاتحادية للعام الحالي، والتي أقرت في شهر آذار مارس الماضي، وهو ما أكدته وزارة المالية في كتابها الموجهة لهيئة الحشد الشعبي، والذي أطلقت فيه التخصيصات اللازمة لإعادة المفسوخة عقودهم.

وشهد هذا الاعلان موجتين متضاربتين، فالأولى هي الترويج للتحالف ونوابه ومرشحيه، وتقديم الشكر لهم لمساهتمهم بإنجاز هذا الأمر، فيما جاءت الموجة الثانية مقللة من أهميته، لكون القرار يتضمن في الموازنة، بالاضافة الى إبداء الاستغراب من توقيت الاعلان الذي يأتي قبل إجراء الانتخابات بقرابة أسبوعين.

يذكر أن قضية المفسوخة عقودهم من الحشد، تعود لسنوات عديدة، وجرت العديد من المحاولات لإعادتهم الى الخدمة، أسوة بالمفسوخة عقودهم من القوات الأمنية الأخرى، وبحسب النواب، فان أسباب فسخ العقود سواء في الحشد أو الأجهزة الأمنية الأخرى مختلفة، منها الهروب من المعارك عام 2014 عندما اجتاح تنظيم داعش 3 محافظات، بالاضافة الى الغيابات وغيرها من الاسباب

الى ذلك، تبين النائب عن تحالف الفتح أشواق كريم في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “موضوع إعادة المفسوخة عقودهم من الحشد الشعبي، هو من ضمن أولويات تحالف الفتح حتى قبل بدء الحملة الانتخابية“.

وتلفت كريم، الى أن “التحالف كانت له وقفة مشهودة خلال إقرار قانون الموازنة للعام الحالي لتضمين هذه الفقرة فيها”، مؤكدة ان “الفتح لم يستخدم هذه المادة للدعاية الانتخابية، ومن يقول هذا فهو واهم“.

وتتابع أن “موضوع إعادة المفسوخة عقودهم، تبناه تحالف الفتح بشكل رسمي، وضمنه في برنامجه الانتخابي، واكد انه في حال فوز التحالف، فسيكون هذا الامر من أبرز ما سيعمل عليه“.

ومن المنشورات التي رصدتها “العالم الجديد” في وسائل التواصل الاجتماعي لبعض الناشطين، هي ما كتبه الناشط والصحفي علاء كولي “المالية توافق على إعادة المفسوخة عقودهم من الحشد، الى عددهم 30 الف.. اي والله 30 الف… وجماعة عقود مفوضية الانتخابات 6 آلاف نفر صارلهم 12 سنة محد مسوي حل الهم.. لازم ذولة (……).. مع الاحترام الشديد لشريحة (….) هسه لو مسجلين مقاتلين وياهم هم كان حصلنا شي“.

ولغاية الان لا تزال العديد من الشرائح تتظاهر امام المؤسسات الحكومية، للمطالبة بالتعيين او صرف الرواتب، ومنها شريحة المهندسين وحملة الشهادات العليا وموظفي العقود في مفوضية الانتخابات، ورغم تلقيهم العديد من الوعود إلا ان شيئا لم يتحقق لغاية الان.

من جانبه، يبين الناشط محمود الحسيني في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الاعلانات عن التعيينات أو غيرها من الأمور، تنطلق من قبل المرشحين في هذه الفترة لكسب الجمهور، وخاصة المرشحين المتنفذين بالأحزاب الكبيرة، فهؤلاء لديهم نفوذ في بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية“.

ويلفت الى أن “هناك مؤسسات كاملة وضعت إمكانياتها لخدمة بعض المرشحين، فكثيرا ما نرى آليات حكومية لتعبيد شوارع او إطلاق تخصيصات مالية لشريحة معينة أو إعلان مشاريع خدمية، وهذا كله ايضا يدخل في باب الترويج الانتخابي”، متابعا ان “وزارة الكهرباء، وبناء على معلومات مؤكدة، قامت بتوزيع محولات كهربائية مجانا بايعاز من بعض النواب الحاليين والسابقين التابعين لكتل متنفذة، ومرشحين الان في الانتخابات“.

يشار الى أن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، شدد في 15 حزيران يونيو الماضي، على رفضه التام استغلال الوزارات لأغراض انتخابية، متوعدا كل من يلجأ الى ذلك بإحالته إلى التحقيق، بعد ان كشف عن شكاوى تخص اجراءات بعض مفاصل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وشبهات باستغلالها لأغراض انتخابية على حساب قوت الفقراء، وذلك من خلال دعم بعض المرشحين بما يخص رواتب الرعاية الاجتماعية، متوعدا بالتحقق من هذه الشكاوى.

وفي حزيران يونيو الماضي، كشفت “العالم الجديد”، أن قائدا أمنيا برتبة لواء في وزارة الداخلية، وهو في ذات الوقت رئيس لناد رياضي مرتبط إداريا بوزارة الشباب والرياضة، عرض على كتلة سياسية تقديم الدعم وتحشيد أصوات الناخبين في منطقة ناديه الرياضي، مقابل منحه منصب مدير عام.

وفي التقرير السابق أيضا، قام مرشح بزيارة أحد الاندية الرياضية المرتبطة بوزارة الدفاع، واستمع لمطالبهم والتي تلخصت بفك ارتباطهم من إحدى تشكيلات الوزارة واعادة ارتباطهم بأمانة سر الوزارة مباشرة، فأخذ المرشح على عاتقه تقديم مطالعة الى وزير الدفاع جمعة عناد، والأخير وافق عليها مباشرة، ما دفع أعضاء النادي البالغ عددهم  أكثر من 500 شخص، الى الالتفاف حول المرشح ودعمه.

الى ذلك، يبين الناشط محمد الياسري في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ما يحصل الآن ليس بجديد على أحزاب السلطة وعناصرها الذين يمسكون بمناصب تنفيذية، وطالما استخدموا الوسائل الحكومية للترويج عن أنفسهم وكانهم قد أمسكوا بالمناصب وكأنهم متفضلون على الشعب“.

ويردف الياسري “طوال المراحل السابقة لم نر أي تحرك فعلي لهؤلاء السياسيين، وما يجري الان يدخل ضمن خانة استخدام الموارد الحكومية لاغراض خاصة”، مبينا ان “موضوع المفسوخة عقودهم من الحشد كان متعطلا بشكل متعمد طيلة الفترة الماضية، حيث أن البرلمان والموازنة تضمنت عودتهم، ولكن إعادة 30 ألف موظف يعني 150 الف صوت على الأقل لو احتسبنا عوائلهم واصدقائهم والمقربين منهم، وهذا الموضوع يصب بمصلحة تحالف الفتح، لذلك الترويج له بهذا الشكل الكبير“.

ومن المقرر أن تجري الانتخابات في 10 تشرين الاول أكتوبر المقبل، بحسب قرار مجلس الوزراء، الصادر بناء على مقترح من المفوضية التي أكدت انها غير قادرة على إجراء الانتخابات في الموعد الذي حدده المجلس، وهو حزيران يونيو الماضي.

وتعد هذه الانتخابات، إحدى مطالب التظاهرات التي انطلقت في تشرين الاول أكتوبر 2019، وأجبرت رئيس الحكومة عادل عبد المهدي على تقديم استقالته، ومن ثم المجيء بحكومة مصطفى الكاظمي التي كان هدفها الاول هو الاعداد لانتخابات مبكرة، وتكون “حرة ونزيهة“.

يذكر أن المفسوخة عقودهم من الحشد الشعبي، تظاهروا كثيرا في العاصمة بغداد، وقطعوا الطرقات في منطقة الجادرية القريبة من مدخل المنطقة الخضراء، فضلا عن تظاهرهم أمام مبنى وزارة المالية، واقتحام بوابتها، احتجاجا على عدم موافقتها على إطلاق تخصيصاتهم المالية.

إقرأ أيضا