بالوقت الضائع.. 7 مشاريع “مجهولة” تدعمها الحكومة من صندوق الـ30 مليار دينار

في أيامها الأخيرة وبشكل مفاجئ، رعت الحكومة العراقية مبادرة لدعم مشاريع الشباب عبر هيئة الاستثمار…

في أيامها الأخيرة وبشكل مفاجئ، رعت الحكومة العراقية مبادرة لدعم مشاريع الشباب عبر هيئة الاستثمار الوطنية، بصندوق قيمته 30 مليار دينار، الأمر الذي أثار استغراب نواب من مختلف الكتل السياسية، مؤكدين أن المشروع طرح في الدورة النيابية السابقة لكنه واجه مشاكل اقتصادية عديدة ولم يتم تفعيله، فيما تساءلوا عن طبيعة “المشاريع الشبابية” التي تم اختيارها وآليتها.   

وتقول عضو لجنة الاقتصاد النيابية النائب عن ائتلاف النصر ندى شاكر جودت في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “موضوع دعم استثمارات الشباب ليس بالجديد، بل طرح من الدورة النيابية السابقة، وكان تحت عنوان مشاريع الشباب الصغيرة او المتوسطة، ونحن بدورنا استضفنا رئيس البنك المركزي وبعض الوزراء بشأنه آنذاك، إلا أن هناك مشاكل كثيرة تواجه عمليات الاستثمار في هذا الجانب”.

وتضيف جودت، ان “الحديث مستمر حول الاستثمار وتشغيل الشباب، إلا ان العراق لم يقم بأي خطوة من هذه الخطوات بسبب المشاكل التي تواجه الاستثمار، ومنها أن فتح باب الاستثمار على مصراعيه لا يسمح بقيام أية صناعة او زراعة او اي نشاط اقتصادي، حيث لا توجد حماية للمنتج المحلي، وبالتالي فان المشاريع بالأساس موجودة، لكن العلة تكمن في حمايتها”.

وتؤكد أن “هذا الموضوع عبارة عن منح قروض للشباب، بشرط أن يدعمهم شخص يحمل صفة مطور، كي يسهم بتطوير صناعة محددة، لكن الذي يجري الان هو وجود عزوف وتخوف من قبل هؤلاء المطورين، حيث ان هذه الصناعات المنتجة بات نجاحها غير مضمون، بسبب استمرار فتح باب الاستيراد، حيث أن أسعار معظم البضائع المستوردة أقل من المحلية”.

وتشير بالقول “لا نعرف أين كانت الحكومة طيلة الفترات السابقة حتى أطلقت هذه المشاريع والمبادرات في أيامها الأخيرة، حيث لا تفصلنا عن الانتخابات سوى أيام وستفرز صناديق الانتخابات عن أمور جديدة وتنتهي الحكومة الحالية، ولا مجال لتنفيذ ما أطلقته بالوقت الضائع”.   

وكانت هيئة الاستثمار الوطنية، قد أعلنت أمس الاول السبت، عن اطلاقها مبادر لدعم الشباب تحت شعار “استثمر في الشباب” برعاية رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، بصندوق قيمته 30 مليار دينار، مع وجود 8 مشاركين من الشباب قدموا مشاريعهم في قطاعات “الصناعة، التقنية، الصحة، التجارة والتعليم” وقد حظي 7 منها بدعم من الشركات الاستثمارية والمصارف التابعة للقطاع الخاص، وتم الاتفاق على عقد لقاءات مباشرة بين المستثمرين الشباب والداعمين لمشاريعهم لوضع الخطوات النهائية لتنفيذها على أرض الواقع، وذلك كما ورد في نص بيان الهيئة.

وتأتي هذه المبادرة في ظل اقتراب موعد الانتخابات، في العاشر من تشرين الاول اكتوبر المقبل، حيث تتحول الحكومة الى مرحلة تصريف الاعمال وتكون مقيدة الصلاحية خصوصا في بعض مجالات الصرف المالي والتعيينات الحكومية، لغاية انتخاب حكومة جديدة.

وقد بحثت “العالم الجديد” في المواقع الرسمية لهيئة الاستثمار الوطنية، عن أي دعوة وجهت للشباب لغرض تقديم مشاريعهم استعدادا لاطلاق المبادرة لكنها لم تجد اي شيء يذكر بهذا الخصوص، فضلا عن البحث في المواقع الحكومية الاخرى ومنها مكتب رئيس الوزراء، الا ان معظم الجهات المعنية لم تتطرق اليه قبل عقد المؤتمر.

ويواجه قطاع الصناعة في العراق بشكل عام، تدهورا كبيرا منذ العام 2003 ولغاية الآن، في ظل توقف أغلب المعامل والتوجه للاستيراد، وقد قدر اتحاد الصناعات العراقية قبل سنوات، نسبة المشاريع المتوقفة بـ40 ألف مشروع، ودائما ما تتضمن البرامج الحكومية المتعاقبة موضوعة تنشيط الاقتصاد والصناعة المحلية، لكن دون تحقيق أي وعد، بل تستمر عجلة التبادل التجاري مع دول المنطقة مع إهمال الصناعة المحلية.

وفضلا عن القطاع الحكومي، فان مشاريع القطاع الخاص، شهدت انهيارا كبيرا نتيجة عدم توفر البنى التحتية، من قبيل استمرار انقطاع التيار الكهربائي او الحماية اللازمة، خاصة في ظل الاحداث الامنية التي يعيشها البلد بصورة مستمرة، ما انعكس سلبا على الشارع العراقي الذي تحول الى مستهلك للبضائع المستوردة.  

الى ذلك، يبين النائب عن تحالف سائرون رياض المسعودي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق يعاني من مشكلة سياسية حقيقية بسبب المناكفات المعروفة، وبالتالي لا توجد شفافية بالعمل وهذا متفق عليه، حيث لا يزال العراق يراوح مكانه بشأن الاتجاه للشباب ودعمهم، وهذا الأمر بحاجة الى قاعدة بيانات وهي غير متوفرة”.

ويلفت الى أن “الحكومة اليوم في موقف لا يساعدها ابدا على تبني مثل هكذا خطوات استراتيجية، لأنها ستكون بعد ايام قليلة حكومة تصريف اعمال ومجريات الانتخابات ستفرز حكومة جديدة، وهذه الحكومة الجديدة ستكون لديها قرارات اخرى كون نظام العراق ليس مؤسساتيا بل هو نظام حزبي”.

ويستطرد ان “العراق اليوم غير مؤهل استثماريا، وما يعلن عنه الان لا يعدو أن يكون طروحات، كما هو الحال على سبيل المثال في قانون التجنيد او غيره”، موضحا “اجمالا لا تمتلك حكومة الكاظمي اية رؤية سياسية او اقتصادية لإدارة البلاد، ولم تكن موفقة في الملفات التي جاءت وشكلت من اجلها”.

ويتابع “هذا المشروع الذي اعلن عنه، هو جزء من السياسات غير الصحيحة للحكومة، خصوصا ان هيئة الاستثمار الحالية لم تكن فعالة طيلة الفترة الماضية، بل ذهبت باتجاه الغاء الكثير من اجازات الاستثمار، لكن يبقى السؤال الاهم هو، انها هل جلبت استثمارات حقيقية واستراتيجية بعيدة الأمد في بعض القطاعات، وبكل تأكيد فان الاجابة ستكون كلا”.

يشار الى ان العراق يزخر بالاف المشاريع التي وضع لها حجرا أساسا وتم إهمالها بعد ذلك، كما أن الموازنة الاتحادية لعام 2021، لم تتضمن إنشاء مشاريع جديدة، فيما ركزت على إكمال المشاريع السابقة التي توقفت بسبب الأزمات المالية.

وكان السياسي وائل عبداللطيف، اعتبر في حديث سابق لـ”العالم الجديد”، المشاريع الجديدة في هذه الفترة، عبارة عن “استعراضات” من قبل وزراء ومحافظين، وأمرا لا طائل منه، وهي تحركات إعلامية واضحة.

إقرأ أيضا