دمج “الإحيائي” و”التطبيقي”.. هل يجدد فساد طباعة المناهج الدراسية؟

فجّر قرار مجلس الوزراء بإعادة نظام التعليم الثانوي الى العلمي والأدبي فقط، الحديث مجددا عن…

فجّر قرار مجلس الوزراء بإعادة نظام التعليم الثانوي الى العلمي والأدبي فقط، الحديث مجددا عن ملف طباعة الكتب وشبهات الفساد التي يضمها في طياته، خاصة وأن القرار شدد على تخصيص مبالغ لإعادة طباعة المناهج، الأمر الذي استغربته لجان نيابية ومختصون، وأكدوا أن تغيير النظام التربوي ليس بحاجة الى تبديل المناهج.

وتقول عضو لجنة التربية النيابية اشواق كريم في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “نظام الإحيائي والتطبيقي ضمن الصف السادس الإعدادي، لم يثبت نجاحه خلال الفترة الماضية، بل سبب إرباكا للطلاب، ما جعلنا نطالب بإعادة النظام التدريسي السابق العلمي والادبي”.

وتضيف كريم “بالنسبة للمناهج لم يحصل تغيير جذري فيها، بل ان ما حصل هو تحديد مواد للتطبيقي والأدبي مثلا، وقد تم تحديد مادة الاقتصاد لها وتم رفعها من الإحيائي وهكذا، لذا عندما نعود الى العلمي والأدبي فان المواد ستعود كالسابق، وهذه العملية لا تستوجب تغيير المناهج”.

وتلفت “نحن بدورنا خلال هذه الدورة النيابية، أشرفنا على ملف طباعة المناهج وكان تحت رقابة لجنة التربية، وفي عام 2019 حددنا أن الطباعة تكون بالمطابع العراقية ووفرنا مبالغ كبيرة وقتها، فبعد أن كانت تكلف 200 مليار دينار، أصبحت تكلفتها 80 مليار دينار، وهذا الأمر سيبقى مستمرا حتى في الأعوام المقبلة”.  

وكانت الأمانة العامة لمجلس الوزراء، أعلنت أمس الأول الأحد، أن العمل بتطبيق النظام العلمي والأدبي سيبدأ في العام الدراسي (2022– 2023) بدلاً عن (2021– 2022) مع تعديل المناهج الدراسية وتوفير التخصيصات المالية لطباعة الكتب.

وكانت وزارة التخطيط، أعلنت في حزيران يونيو الماضي، عن قيام الجهاز المركزي للإحصاء بتنفيذ مسح إحصائي لتقييم نظام تنوع التعليم الإعدادي الإحيائي والتطبيقي في العراق، شمل أربع محافظات هي العاصمة بغداد ونينوى والبصرة وكركوك، وشمل أساتذة جامعات ومدرسين، وطلابا، وأولياء أمور، إذ تبين أن نسبة اساتذة الجامعات الراغبين بالغاء التعليم الاعدادي الاحيائي والتطبيقي بلغت 78 بالمائة، فيما بلغت نسبة الهيئات التدريسية الراغبة بالغاء هذا النظام 79 بالمائة، مقابل 21 بالمائة مع الإبقاء عليه، فيما أيد 69 بالمائة من أولياء الامور الغائه ايضا.

يشار الى أن الموازنة الاتحادية للعام الحالي، تضمنت فقرة خاصة بطباعة الكتب المدرسية، حيث نصت الفقرة الرابعة من المادة 14 في قانون الموازنة، على أن يكون لوزارة التربية دعوة القطاعين العام والخاص داخل العراق لتنفيذ طبع الكتب المدرسية لسد احتياجاتها وفقا للمواصفات والمعايير الفنية المحددة من الوزارة، وتكليف التشكيلات التخصصية التابعة لها او القطاع العام لتجهيزها بالأثاث والمستلزمات التربوية، والتعاقد بصيغة اعتماد مستندي معزز، وفقا للمواصفات الفنية المعدة من قبلها مع إلغاء قرار 790 لسنة 2018.

وأثار ملف طباعة الكتب المدرسية الكثير من اللغط، خاصة بعد تسريب وثائق تشير الى تعاقد وزارة التربية مع شركة لبنانية بأسعار مضاعفة عن كلفة طبع الكتب المدرسية داخل العراق، وقد تدخلت في وقتها هيئة النزاهة وجهاز المخابرات بهذا الملف، وذلك خلال فترة استيزار محمد اقبال الصيدلي للوزارة.

من جانبه، يبين النائب السابق، ورئيس حركة كفى رحيم الدراجي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “إعادة نظام العلمي والأدبي، خطوة إيجابية لأن المنهاج مجرب وقد خرج منه علماء مشهود لهم، كما يجب أن يكون هذا القرار مصحوبا بقرار إلغاء الجامعات والمدارس الأهلية التي أصبحت مصدرا لاستنزاف الأموال العراقية، وبالنتيجة فالمواطن أصبح مجبرا على إرسال ابنه اليها لأن الواقع التعليمي الحكومي أصبح الإهمال فيه واضحا”.

ويؤكد “لا يختلف اثنان في العراق على الفساد الموجود في ملف طباعة الكتب، وقلنا في أكثر من مرة وأوضحنا حجم الفساد الموجود فيها خصوصا بمنهاج اللغة الإنكليزية الذي يشوبه فساد كبير”، مناشدا هيئة النزاهة والهيئات الرقابية بـ”تسليط الضوء على هذا الموضوع”.

ويستطرد “هناك كتب في المخازن لم يتم توزيعها على الطلبة لغاية الآن، إضافة الى أن الكثير من المناهج هي ليست بحاجة الى إعادة طباعتها، كما أن عدد الطلبة الذاهبين الى المدارس والكليات الأهلية أصبح يفوق عدد الذاهبين الى الحكومية، كما أن أكثر الكتب المطبوعة الآن يتم تهريبها الى المدارس العراقية في خارج البلد، وباشراف من مسؤولين عراقيين الذين يمتلكون هذه المدارس في الخارج”.

وتشهد دول الجوار التي تضم جاليات عراقية كبيرة، افتتاح مدارس عراقية اهلية معترف بها من قبل وزارة التربية العراقية، وهذه المدارس تتراوح أجورها بين 700 – 1200 دولار للطالب في المرحلة الابتدائية، وترتفع تدريجيا مع تقدم الطالب في المراحل الدراسية. 

وكشفت مصادر صحفية في الأعوام الماضية، عن بلوغ كلفة طباعة الكتب ما يقرب من 200 مليار دينار (نحو 160 مليون دولار في حينها)، تحال لمطابع أجنبية وبأسعار مرتفعة جدا، دون وجود أي رقابة أو متابعة.

الى ذلك، يوضح الخبير التربوي محمد المولى في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الخطوة صحيحة لإرجاع الامور الى مسارها الطبيعي، لكن يجب أن تطبق في هذه السنة الدراسية، وليس المقبلة”.

وحول صدور تغيير النظام التعليمي بشكل متكرر خلال سنوات بسيطة في العراق، يشير المولى الى أن “الكل يحاول أن يصل الى الأفضل، لكننا لم ننظر الى الأمور اللوجستية التي هي الأساس في بناء العملية التربوية، بل نظرنا الى القرارات والاقتراحات، وكانت كلها سريعة وآنية ولم تنظر للمستقبل بشكل حقيقي، لذا صدرت قرارات متعددة بشأن نظام التربوي خلال فترات وجيزة”.

وينوه الخبير التربوي، الى أنه “يمكن طباعة كمية رديفة وقليلة من الكتب لتعزيز الكمية الموجودة حاليا، إذ أن طباعة الكتب سيكون من مستلزمات إعادة الدمج بين الإحيائي والتطبيقي، والجزء المهم هنا هو أن هذه الكتب تابعة للمجموعة التطبيقية، لذلك سيكون هناك نقص قليل، وليس بالشكل الكبير، لكنه سيتلاءم مع عدد الطلبة وستكون هناك كتب شبه كافية ويتم تعزيزها بشكل قليل جدا، لا أن تطبع المناهج من جديد”.

يذكر أن اللجنة المالية في الدورة النيابية السابقة، كشفت في العام 2018 أن وزارة التربية تخالف قانون الموازنة، وما زالت تطبع المناهج خارج العراق، وأكدت أن الملف فيه فساد كبير وخطير، وهذا الملف مستمر منذ سنين، دون أي محاسبة أو متابعة من الجهات المختصة. 

وللإطلاع على التقرير السابق لـ”العالم الجديد” عن “خفايا” الفقرة الخاصة بطباعة الكتب في الموازنة الاتحادية للعام الحالي، يرجى الضغط هنا

إقرأ أيضا