المرشحات الحسناوات.. دعاية أم كفاءة؟

“يمكن أنتخب مرشحة حلوة.. احتمال تكون أفضل من السياسيين السابقين”، يتحدث الشاب تحسين عبدالله، الذي…

“يمكن أنتخب مرشحة حلوة.. احتمال تكون أفضل من السياسيين السابقين”، يتحدث الشاب تحسين عبدالله، وهو يمشي الى جانب صديقه في حي الكرادة وسط العاصمة بغداد، متطلعا نحو صورة معلقة لإحدى المرشحات “الحسناوات”.

ويوضح عبدالله لمراسل “العالم الجديد”، أن “النواب طوال السنوات الماضية لم يقدموا شيئا ملموسا للشعب، ولم نشاهدهم سوى في أيام الدعاية الانتخابية”، متهكما بالقول “لا يوجد فرق حقيقي سواء فازت هذه المرشحة أو تلك، لكن الفرق هو أن نشاهد وجها جميلا جديد في البرلمان”.

كلام عبدالله، حظي بتأييد صديقه الذي كان أكثر جدية، حيث أكد أن “المرشحات الجميلات، سواء كن دعاية استخدمتها الكتل السياسية أم لا، أضفن نوعا من الجمال على العملية الانتخابية التي لا تخلو من صراعات وخلافات وتهديدات”، مستدركا “دعونا نتمسك بهذا الجمال لهذه الأيام”.

ومنذ بدء الدعاية الانتخابية قبل شهرين، برزت العديد من المرشحات بإطلالات جميلة، حيث شاركن في السباق الانتخابي ضمن قوى سياسية محددة، وظهرن فجأة في فيديوهات وهن يقمن بنشاطات إنسانية كتوزيع المساعدات للنساء وغير ذلك.

جدير بالذكر أن أعداد المرشحات في الانتخابات المقبلة تراجعت الى أقل من النصف بنحو 1000 مرشحة مقارنة بالانتخابات السابقة التي جرت في 12 ايار مايو 2018، خيث تجاوزت فيها أعداد المرشحات 2000 مرشحة.  

وكانت تجربة الزج بمرشحات حسناوات ضمن الكتل السياسية، قد برزت في انتخابات العام 2018، ورافقتها ظواهر غريبة من قبيل تقبيل صور المرشحات في الشوارع كأسلوب ساخر لا يخلو من إهانة لمكانة المرأة وهو ما جوبه باستنكار من وزارة المرأة، ولم ينته الأمر عند هذا الحد، بل سرعان ما تم تسريب فيديوهات وصور تتعلق بالحياة الشخصية لبعض المرشحات، فسرت على أنها تسقيط وانتقاص بالاستفادة من مكانة المرأة في مجتمع تغلب عليه الذكورية، ما أدى الى انسحاب بعضهن من السباق الانتخابي.

الى ذلك، يعتبر الناشط محمود الحسيني خلال حديثه لمراسل “العالم الجديد”، أن “بعض المرشحات يتمتعن بالجمال وصغر السن، إلا أن الترويج لأنفسهن واضح فيه قلة الخبرة حتى في طريقة التعاطي مع الناس، إذ وصل الأمر الى اتخاذ أساليب طفولية رافقت الترويج والدعاية”.

ويبين الحسيني، أن “الأمر يعود بالفائدة على الجهات السياسية والأحزاب والتحالفات التي جاءت بهؤلاء النسوة الى قوائمها، على اعتبار أنهن يجلبن النظر والاهتمام، خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي”، مؤكدا أن “تلك المرشحات سوف يكن نوعا من أنواع الدعاية للحزب الذي ينتمين اليه، على اعتبار ان وجوههن وهيئاتهن ستقترن باسم الكتلة، فتترسخ في أذهان الناخبين، وبالتالي فانهن سيكن نوعا من أنواع الدعاية، بعيدا عن الكفاءة والمهنية”.

لكن القيادي في تحالف عزم محمد نوري العبدربه، والذي شهد تحالفه زج العديد من المرشحات الحسناوات، يؤكد في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الأحزاب السياسية لا تعمل على أساس الشكل والجمال، فلو كان هذا هو المعيار لكان الجميع يسعى اليه، لكن عملية الاختيار والتقديم تتم حسب الكفاءة والمقبولية والمهنية”.

ويضيف أن “لمعظم النساء أشكالا مقبولة، ومن الطبيعي أن يكون هناك نساء حسناوات وأخريات اعتياديات، لكن موضوع التعمد باختيار الجميلات لأهداف الدعاية أمر عار عن الصحة، ولا يوجد أي حزب أو جهة تتعامل وفقا لهذا المعيار”.

وخلال الشهرين الماضيين، غزت وسائل التواصل الاجتماعي حملات كبيرة للترويج لمرشحين كان من ضمنهم مرشحات جميلات، عبر صفحات عديدة تحمل أسماء “جمهور، محبو، أصدقاء، المرشحة…”، وركزت هذه الحملات على صور المرشحات بأماكن وأوضاع مختلفة، أبرزت ملامحها وأناقتها.

فيما يرى الناشط سلام التميمي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “موضوع المرشحات الجميلات في الانتخابات، هو ظاهرة جديدة تلازم الدعايات الانتخابية، والغرض منها ترسيخ اسم القائمة التي ترشح عنها نساء جميلات في أذهان المواطن وجذب أنظار الشباب”.

ويلفت التميمي، الى أن “هذه الأمور هي دخيلة على الانتخابات العراقية، حيث طالما عرفت الانتخابات بخلوها من هكذا وجوه نسائية، لكن هذا يثبت أن الحيل السياسية التي كانت تستخدمها الأحزاب التقليدية أصبحت لا تنطلي على الجمهور العراقي، وبالتالي أصبحت تبحث عن أمور أكثر دهاء ومكرا وهي من خلال هذه الأمور المعتمدة على المرشحات الجميلات”.

وينوه الى أن “هذا الأمر ليس مقتصرا على الانتخابات، وإنما حتى الاعلانات التلفزيونية والبرامج السياسية والثقافية والنشرات الجوية، أصبح من الضرورة أن تقدمها مثل هذه الوجوه، ولكن ما يجب التركيز عليه من هذه الحيلة الجديدة هو ما لاحظناه، حيث وضعت صورة رئيس القائمة الى جانب أي مرشحة جميلة، لكي تترسخ هذه الصورة في أذهان المشاهدين”.

ومن المقرر أن تجري الانتخابات في 10 تشرين الاول اكتوبر المقبل، بحسب قرار مجلس الوزراء، الصادر بناء على مقترح من المفوضية التي أكدت انها غير قادرة على إجراء الانتخابات في الموعد الذي حدده المجلس، وهو حزيران يونيو الماضي.

وتعد هذه الانتخابات، إحدى مطالب التظاهرات التي انطلقت في تشرين الأول أكتوبر 2019، وأجبرت رئيس الحكومة عادل عبد المهدي على تقديم استقالته، ومن ثم المجيء بحكومة مصطفى الكاظمي التي كان هدفها الأول هو الإعداد لانتخابات مبكرة، وتكون “حرة ونزيهة”.

إقرأ أيضا