البيان العسكري ضد تهديدات إيران.. هل ينطوي على تأثيرات سياسية؟

على غير عادتها، أصدرت رئاسة أركان الجيش العراقي، ردا سريعا على التهديد العسكري الايراني بقصف…

على غير عادتها، أصدرت رئاسة أركان الجيش العراقي، ردا سريعا على التهديد العسكري الايراني بقصف مواقع الجماعات الكردية الايرانية المعارضة بإقليم كردستان العراق، في وقت التزمت الصمت تجاه العمليات العسكرية التركية، الأمر الذي عزته جهات مقربة من طهران، الى ضغوط سياسية محلية وخارجية “معادية” للأخيرة.

ويقول المحلل السياسي هاشم الجبوري في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ايران تعلم جيدا أن هناك أراضي داخل إقليم كردستان العراق، تستخدم لتدريب المجاميع والقوات الكردية الايرانية المعارضة، وكذلك تلاحظ تركيا ذات الأمر بالنسبة لحزب العمال الكردستاني المعارض لها”.

ويضيف الجبوري، أن “وجود القوات الكردية التركية والايرانية، هو السبب للعمليات العسكرية التي يشنها البلدان الجاران، ولكن النشاط الايراني بدأ يزداد في الآونة الأخيرة، وقد جاء رد رئاسة أركان الجيش العراقي على التصريحات الايرانية نابعا من وجود تحفظ وحساسية لدى وزارة الدفاع من بعض الخطوات الايرانية، وخاصة العسكرية”.

ويرجح صدور البيان العسكري العراقي، الى “تأثير سياسي كردي على القرار الصادر من رئاسة الأركان العراقية، كون صدوره غير متوقع”، مؤكدا أن “الصبغة السياسية طاغية عليه”.

وأصدرت رئاسة أركان الجيش العراقي، صباح أمس الثلاثاء، بيانا تضمن التالي: “العلاقات الثنائية التي تربطنا مع الجارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، هي علاقات وثيقة مبنية على التعاون وحسن الجوار، وقد شهدت تطوراً ملحوظاً بين البلدين في الآونة الأخيرة على جميع الأصعدة، خاصة في الجانبين الأمني والعسكري، وعلى هذا الأساس نعرب عن استغرابنا  للتصريحات غير المبررة التي نسبت أخيراً إلى رئيس هیئة الأرکان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد حسين باقري، بشأن وجود تحركات معادية من الأراضي العراقية تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتؤكد رئاسة أركان الجيش العراقي، أن العراق يرفض بشدة استخدام أراضيه للعدوان على جيرانه، وأنه متمسك بحسن الجوار والعلاقات الأخوية مع دول الجوار”.

ويستطرد الجبوري “كان على ايران أن تكون أكثر حكمة، وتبدأ الحوار مع الحكومة العراقية أو حكومة إقليم كردستان في البداية، ولو فشل هذا الحوار، يصبح من حق ايران القول بأنها تقصف دفاعا عن نفسها”، لافتا بالقول “كلما تم قصف مواقع في إقليم كردستان، يخرج بعض المسؤولين الأكراد ويقولون إن حماية الحدود من واجب الحكومة الاتحادية، وهنا على حكومة الإقليم السماح للقوات المسلحة الاتحادية بالدفاع عن الأراضي الحدودية والتواجد فيها بأي موقع تريد للدفاع عن شرف الوطن”.

يشار الى أن رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية محمد حسين باقري، طالب في 19 أيلول سبتمبر الحالي، الحكومة العراقية وإقليم كردستان بضرورة التعامل مع الجماعات المعارضة للنظام الإيراني، مؤكدا أن العمليات العسكرية الإيرانية ضد هذه الجماعات ستستمر، وأن ايران لن تتسامح مع أي أذى داخل هذه الحدود.

وكان الحرس الثوري الايراني، استهدف مواقع حزب الحياة الحرة (بيجاك) بإقليم كردستان العراق في 8 أيلول سبتمبر الحالي، بطائرات مسيرة، وقد نشر موقع “انتخاب” الايراني عن الحرس الثوري أن “وحدة الصواريخ في قوة الجو، وبالتعاون مع وحدة المسيرات في القوة البرية للحرس، استهدفت مقرا لتدريب الجماعات المسلحة الإرهابية العملية بسبعة صواريخ أرض أرض قصيرة المدى”.

ويتزامن هذا القصف، مع قصف تركي مستمر يستهدف مواقع حزب العمال الكردستاني “بي كا كا” الذي تصنفه تركيا على أنه “منظمة إرهابية”، حيث صعدت تركيا منذ مطلع العالم الحالي، من عملياتها في العراق بشكل كبير، ونفذت العديد من عمليات الإنزال الجوي، فضلا عن إنشاء نقاط أمنية بعد دخول قواتها البرية لمناطق مختلفة من دهوك ونينوى، إضافة الى إعلانها عن إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في الأراضي العراقية، وذلك بهدف ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، وخاصة في قضاء سنجار بنينوى.

وطيلة الفترة الماضية، لم يصدر اي موقف من الحكومة الاتحادية بشأن القصف التركي او الايراني (قبل بيان رئاسة الاركان) وذلك وسط مناشدات عديدة من نواب وشخصيات وأحزاب كردية في العراق للحكومة الاتحادية بالتحرك رسميا، كونها هي المسؤولة عن سيادة البلد، وفق ما صرحوا سابقا لـ”العالم الجديد”.

الى ذلك، يبين كاظم الحاج المحلل السياسي المقرب من الفصائل المسلحة الموالية لايران في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “التمايز بالتعامل مع دول الجوار بات واضحا بالنسبة للحكومة الحالية، بشأن الضربات الايرانية والتركية للاقليم”.

ويشير الحاج، الى أن “الجانب التركي يحتل الاراضي العراقية بصورة واضحة وبأعماق مختلفة وينتهك السماء العراقية بعمق أكثر من 250 كيلومترا، ولم نر أي رد حكومي، لكن عندما ترد ايران على  تهديد إرهابي بعد ان اتخذت الطرق الرسمية في تبليغ الحكومة الاتحادية، وكذلك حكومة إقليم كردستان، بان هذه المجاميع الارهابية تشكل تهديدا لأمن واستقرار ايران، يصدر هكذا بيان”.

 

وينوه الى أن “هناك تجاهلا من قبل الحكومة الاتحادية لأمن ايران، وعندما تقوم الأخيرة بحماية حدودها أو أمنها الداخلي، نرى ردة فعل غير مسبوقة على مستوى التدخلات الأخرى”، مشيرا الى أن “هذا الأمر يتماشى مع ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية وبعض التكتلات السياسية المعروفة بتوجهها داخل العملية السياسية لمعاداة ايران”.

وينبه الى أن “الجانب الايراني متفهم لطبيعة الأوضاع السياسية في الداخل، وهو على اطلاع واضح في كيفية مخرجات العملية السياسة، والتأثير الخارجي، خصوصا باتجاه الحكومة الايرانية والتأثير الأمريكي حتى على مستوى الكتل المتحالفة أو الصديقة لايران”.

 

ويضم حزب بيجاك جناحا سياسيا وآخر عسكريا على غرار نظيره التركي حزب العمال الكردستاني، ويسمى الجناح العسكري “قوات شرق كردستان”، فضلا عن ان قناعته تتمثل بإقامة نظام سياسي علماني وديمقراطي في إيران، يمنح الأكراد حكما ذاتيا في المحافظات الغربية، وحقّ إنشاء الأقاليم للقوميات الإيرانية غير الفارسيّة الأخرى مثل الآذريّين والعرب، إلى جانب مساحة أكبر من المساواة بين الجنسين، وذلك وفقا لأدبيات الحزب التي اطلعت عليها “العالم الجديد”.

وكانت “العالم الجديد”، قد سلطت الضوء سابقا، على مواقف الاحزاب الكردية العراقية الرئيسة “الديمقراطي الكردستاني” و”الاتحاد الوطني الكردستاني” حول وجود حزب العمال الكردستاني في الاقليم، ما يعرضه الى قصف مستمر من القوات التركية، وفي حينها جرى تضارب في المواقف بين الحزبين حول شرعية وجود العمال الكردستاني في الاقليم.

إقرأ أيضا