“بنـاء المـدارس”.. التزام حكومي ببنود الموازنة أم “تلميع” وجوه؟

تضاربت الرؤى حول إقرار الحكومة لمشروع بناء المدارس الجديدة وتصاميمها، قبل 20 يوما من تحولها…

تضاربت الرؤى حول إقرار الحكومة لمشروع بناء المدارس الجديدة وتصاميمها، قبل 20 يوما من تحولها الى تصريف أعمال، ففيما أثنت كتل سياسية داعمة للحكومة على الخطوة بوصفها مثبته بقانون الموازنة، وأن تأخيرها حتى هذه الفترة كان لاستكمال الاجراءات الادارية والفنية، اعتبرتها كتل مناوئة “دعاية انتخابية”، ومحاولة لـ”تلميع الوجه”.

ويقول رياض المسعودي عضو اللجنة المالية النيابية، والنائب عن تحالف سائرون بزعامة مقتدى الصدر في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “العراق بحاجة إلى ما بين 7- 10 الاف مدرسة كحد أدنى، وأن ما تم إطلاقه من قبل الحكومة العراقية من مشروع بناء مدارس جديدة، إنما هو مشروع معد مسبقا وقد تم إقراره في الموازنة الاتحادية للعام الحالي”.

ويضيف المسعودي، أن “القانون يجب تنفيذه، حيث أن المشروع ستتم إحالته إلى الشركات الصينية التي تبنته”، مبينا “لا يوجد ربط بين توقيت إطلاقه في هذه الفترة وتوقيت انتهاء عمر الحكومة الحالية، إذ أن إطلاقه الان هو بسبب توفر القدرة المالية ضمن حدود الموازنة، لكي لا تدخل الحكومة في دوامة الديون والقروض، كما أن الوقت مناسب جدا، كونه قريبا من نهاية السنة المالية، بالإضافة إلى أنه تم استكمال الإجراءات الادارية اللازمة، من إحالة وتصاميم وتحديد مواقع، وبالتالي فانها تمثل بداية صحيحة لتنفيذ مشاريع تربوية وتعليمية حقيقية”.

وقدرت وزارة التربية في العام 2018 حاجة التعليم الى أكثر من 20 الف مدرسة في عموم البلاد، وسط انتشار صور نظام التعليم الثنائي والثلاثي وحتى الرباعي في المدرسة الواحدة، ومدارس الطين التي بلغت بحسب إحصائية لوزارة التخطيط ما يقرب من 11 ألف مدرسة، الأمر الذي يظهر حجم المأساة والفساد الذي تسبب بأمية تجاوزت الـ20 بالمئة، ونحو 3 ملايين طفل متسرب من المدارس.

وبشأن تزامن إطلاق المشروع مع قرب انتهاء عمر الحكومة، يوضح أن “المشروع هو مقاولة (تعاقد)، وسيتم تنفيذه واستكماله رغم انتهاء عمر الحكومة الحالية، فالشركة ستبقى مستمرة في التنفيذ، فهي عملية تعاقد مع توفر المبالغ المرصودة لها”، مبينا أن “عدم إطلاق مثل هكذا مشاريع قبل هذه الفترة، يعود إلى تأخر إقرار الموازنة لهذا العام، فقد انتهت الحكومة من الأمر الأهم وهو دفع الرواتب، ومن ثم التفتت لتنفيذ المشاريع”. 

وكان رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، ترأس أمس الأول الاثنين، اجتماع اللجنة العليا لبناء المدارس، وفيه تم بحث إقرار التصاميم الأمثل والأنسب للأبنية، وتسهيل عمل اللجنة من جهة توفير الأراضي، وتجاوز المعوّقات الإدارية والروتينية التي تقف أمام المشروع، فضلا عن إقرار مبدئي بسحب المدارس من المحافظات التي لم تهيّئ الأراضي اللازمة لبناء المدارس الخاصة بها، وجعل أولوية البناء للمحافظات التي أكملت فرز قطع الأراضي وانتهت من تهيئتها.

ويأتي إطلاق هذا المشروع، قبل 20 يوما فقط من تحول الحكومة الى تصريف أعمال مع بدء الانتخابات المبكرة في العاشر من تشرين الأول أكتوبر المقبل، كما تزامن مع مشاريع أخرى أطلقتها الحكومة قبل أيام، منها تمويل استثمارات الشباب عبر إطلاق صندوق بقيمة 30 مليار دينار.

يشار الى أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء، كانت قد أعلنت في تشرين الثاني نوفمبر 2020، عن عقد اللجنة العليا لبناء المدارس برئاسة الكاظمي لأول اجتماعاتها، وقررت فيه توجيه الدعوات إلى الشركات الصينية الراغبة ببناء المدارس، والمرشحة من قبل السفارة الصينية في بغداد.

من جانب آخر، يشير محمد الصيهود، القيادي بائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، في حديث لـ”العالم الجديد”، الى أن “هذه المشاريع ليست حقيقية، إذ أن الحكومة تحدثت سابقا عن مشاريع عديدة ولم تقدم أي شيء ملموس، وبالتالي فالذي لم تستطع أن تقدمه طيلة الفترة الماضية لن تقدمه في أسبوعين أو ثلاثة، سواء في مجال البناء أو الخدمات أو أي أمور أخرى تتعلق بالمدارس”.

ويصف الصيهود ما قالته الحكومة بشأن بناء المدارس وإقرار التصاميم، بأنه “مجرد دعاية وليس لها أساس قانوني، فهذه الأفعال وهمية، وهي تهدف لتلميع وجهها أمام الشعب ومجلس النواب المقبل، لكن ما يجري لن ينطلي على الشعب العراقي ولا على الكتل السياسية”.

وتضمنت مشاريع بناء المدارس في العراق على هدر مالي كبير، إذ كشف تحقيق استقصائي للزميل أسعد الزلزلي ونشرته “العالم الجديد” في العام 2018 عن هدر ما يقرب من مليار دولار على بناء مدارس وهمية فساد مشاريع الأبنية المدرسية في العراق، فيما كشفت لجنة النزاهة بمجلس النواب في 16 آب أغسطس الماضي، عن وجود تزوير وشبهات فساد في العقد المبرم منذ سنة 2017 لبناء 89 مدرسة في الأهوار بالمحافظات الجنوبية.

يشار الى ان العراق يزخر بالاف المشاريع التي وضع لها حجرا أساسا وتم إهمالها بعد ذلك، فيما شابت شبهات الفساد مئات المشاريع وخاصة المتعلقة ببناء المدراس، وأبرزها مشروع بناء المدارس الحديدية.

وكان السياسي وائل عبداللطيف، اعتبر في حديث سابق لـ”العالم الجديد”، المشاريع الجديدة في هذه الفترة، عبارة عن “استعراضات” من قبل وزراء ومحافظين، وأمرا لا طائل منه، وهي تحركات إعلامية واضحة.

وأعلن الكاظمي، في الفترة الأخيرة عن المزيد من الخطوات الاقتصادية، كان آخرها وضع حجر الأساس لمحطة قطار الموصل، خلال زيارته محافظة نينوى الشهر الماضي.

إقرأ أيضا