فائض الموازنة.. بين “كفاءة الصرف” و”التخبط” الحكومي

مع اقتراب السنة المالية من نهايتها، وارتفاع اسعار النفط العالمية لأكثر من 50 بالمائة عن…

مع اقتراب السنة المالية من نهايتها، وارتفاع اسعار النفط العالمية لأكثر من 50 بالمائة عن السعر الذي أقر في الموازنة الاتحادية، تبرز مسألة حدوث فائض مالي في الموازنة، لكن مستشار رئيس الحكومة المالي رهن هذا الأمر بـ”كفاءة الصرفيات”، مبينا ان الفائض اذا وجد فسيكون رصيدا افتتاحيا للعام المقبل، إلا ان خبيرا اقتصاديا هاجم الحكومة وأكد انها لا تأخذ أسعار النفط بعين الاعتبار ما سيؤدي الى فجوة بين الموازنة والسوق العالمية.

ويقول مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “في حال حصول فائضات نقدية في نهاية السنة المالية 2021 فيعد هذا المبلغ بمثابة رصيد افتتاحي للسنة المالية 2022، وهو ايراد نقدي مرحل من السنة السابقة ويسجل في ايرادات الموازنة العامة الاتحادية للعام المقبل في حال إقرارها”.

وبشأن مدى إمكانية حدوث فائض في موازنة العام الحالي، يضيف صالح، أن “هذا الامر يعتمد على درجة كفاءة الصرف في الموازنة العامة، فاذا كانت كفاءة الصرف وسد الالتزامات المقرة في قانون الموازنة تساوي 100 بالمائة او قريبة من تقديراتها، عند ذلك تعد مثل هذه الأرصدة بمثابة فائض نقدي وفرته الموازنة، وبخلاف ذلك لا يعني الامر سوى ترحيل الالتزامات غير المصروفة وواجبة الصرف بموجب قانون الموازنة الى السنة المالية المقبلة”.

وأقرت الموازنة الاتحادية لعام 2021 في آذار مارس الماضي، بناء على تخمين سعر برميل النفط 45 دولارا، وبعجز خفض الى 29 ترليون دينار، وذلك بعد سلسلة من المفاوضات والجدل بين مجلس النواب والحكومة، حيث أرسلت الموازنة في نسختها الأولى من مجلس الوزراء بعجز قيمته 72 ترليون دينار.

وكان صالح،، أكد لـ”العالم الجديد”، في تموز يوليو الماضي، ان العجز الذي قدر بـ29 ترليون دينار (نحو ملياري دولار) في موازنة العام الحالي، والذي بني على فرضية أن سعر برميل النفط يبلغ 45 دولارا، قد بات من الماضي، وذلك بعد ان سجل نفط البصرة الخفيف المصدر لآسيا 75.51 دولاراً للبرميل، وارتفع خام البصرة الثقيل إلى 71.03 دولاراً للبرميل، حيث سجل الخام الخفيف أعلى الاسعار مقارنة بالنفوط الأخرى لدول منظمة اوبك.

يشار الى ان عضو اللجنة المالية النيابية ناجي السعيدي، كشف الاسبوع الماضي، عن وجود فائض في الموازنة، وانه سيستخدم في إطلاق علاوات وترفيعات الموظفين.

الى ذلك، يبين الخبير الاقتصادي ضياء محسن في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الفائض في الموازنة، يعتمد على مشاريع ستقوم بها الدولة، وبناء على قراءة الموازنة السابقة نلاحظ وجود عجز ولكنه في الحقيقة هو عجز افتراضي في كل موازنات العراق منذ 2005 ولغاية العام الحالي، حيث يتم افتراض وجود عجز وبنهاية العام قد يكون هذا العجز موجودا او قد يتحقق هناك فائض”.

ويتابع “يوجد هناك فائض، لان الموازنات تصدر في الشهر الرابع او الخامس من كل عام، وهذا لا يعطي مجالا للوزارات او فسحة لإكمال موازناتها خصوصا الاستثمارية، وبالتالي فهي تقوم بتحويل هذه المشاريع للعام المقبل”، موضحا ان “الاستمرارية بترحيل المشاريع خطر كبير، فعلى سبيل المثال يتكون مشروع بناء شقق سكنية من 10 الاف شقة، لكنه لم يكتمل منذ اربع سنوات، فهذا الامر سيقابله نمو بالسكان بحدود 3 الى 5 بالمائة، من دون مراعاة لتلك الزيادة”.

ويلفت الى أن “الحكومة لا تخطط لخمس او 10 سنوات مقبلة، لاسيما وان موارد العراق كافية دون عجز، لكن المشكلة تكمن في الصرفيات غير المبررة المدرجة ضمن الموازنة العامة”، مبينا ان “ارتفاع اسعار النفط، لم تأخذه الحكومة بنظر الاعتبار، حيث ان وزير المالية ما زال يصر على احتساب اسعار النفط في الموازنة المقبلة بسعر 50 دولارا للبرميل، وهذا سيؤدي الى حدوث فجوة بين سعره في الموازنة وسعره بالسوق”.  

وتعد موازنة العام الحالي، هي “الأصعب” في العراق، نظرا للخلافات التي شهدتها، بداية من الخلاف الأبرز بين القوى السياسية وحكومة إقليم كردستان حول حصته المثيرة للجدل مقابل تسديده ايرادات النفط والمنافذ الحدودية، فيما شهدت الموازنة اعتراضات حول سعر صرف الدينار مقابل الدولار، إذ مرر بـ1450 دينارا، بعد ان كان 1190 دينار لكل دولار.

وشهد العراق أزمة مالية، بدأت منذ شهر حزيران يونيو 2020، حيث جرى اول اقتراض للحكومة لتمويل رواتب الموظفين والمشاريع لمدة 3 أشهر، وتجددت الأزمة في أيلول سبتمبر الماضي، عندما عجزت الحكومة عن صرف الرواتب وتأخرت 45 يوما، ما دفع مجلس النواب الى الموافقة على القرض الثاني للحكومة.

إقرأ أيضا