التقارب السعودي الإيراني.. هل يسهل مخاض الحكومة العراقية المقبلة؟

رجح محللون سياسيون أن يؤدي التقارب السعودي الايراني الأخير، الى تسهيل عملية تشكيل الحكومة العراقية…

رجح محللون سياسيون أن يؤدي التقارب السعودي الايراني الأخير، الى تسهيل عملية تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، من خلال الحسم السريع للمناصب الرفيعة المتمثلة بالرئاسات الثلاث، وذلك وسط أنباء عن تفاهمات عميقة بين جارتي العراق بسبب التغييرات السياسية في المنطقة التي كانت كفيلة بتليين مواقفهما المتصلبة السابقة.

ويقول المحلل السياسي وائل الركابي في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قضية تشكيل الحكومات هو بالأساس شأن داخلي والسياسية الخارجية ترسمها الحكومة العراقية بما لا يتعارض مع الدستور، وبالتالي فكل أنواع التقارب الدولية أو الإقليمية مثل التقارب السعودي الإيراني، قد لا تعتبر نصرا للعراق، لكن من جانب آخر، فإن دور اللاعب الخارجي لا يخفى أبدا في تأثيره على اختيار رئيس للوزراء”.

ويضيف الركابي، أن “الدور الأمريكي والإيراني كان واضحا في السنوات الماضية باختيار رئيس للحكومة، واليوم قد يشكل التوافق السعودي الإيراني، مدخلا لانتاج رئيس حكومة توافقي يختلف عما جرى سابقا”، لافتا الى أن “التركيز في التوافقات الدولية لا يشمل منصب رئيس الوزراء فحسب، بل أيضا رئيسي البرلمان والجمهورية، بمعنى أنه قد يشمل السلة الثلاثية، خصوصا بعد بروز الأدوار التي لعبها صاحبا المنصبين منذ 2018 ولغاية الآن”. 

يشار الى أن العراق استضاف في 9 نيسان أبريل الماضي، أولى جولات الحوار السعودي الإيراني في العراق، بحضور رئيس المخابرات السعودية خالد حميدان ونائب أمين المجلس الاعلى للأمن القومي الايراني سعيد عرفاني، وتبع هذا اللقاء في بغداد، توجه مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد الى طهران، ضمن إطار مفاوضات ايرانية مع الامارات، وذلك بحسب ما نقل مصدر عن وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف خلال لقائه زعماء القوى السياسية في بغداد يوم 26 نيسان أبريل الماضي.

وفي 31 آب أغسطس الماضي، أعلن السفير الإيراني لدى بغداد إيرج مسجدي، عزم بلاده إجراء جولة مفاوضات رابعة مع السعودية في العراق، مؤكدا أنه من خلال تعاون الحكومة العراقية، أجرينا 3 جولات مفاوضات مع السعودية في العراق.

وكان رئيس الجمهورية برهم صالح، أعلن في أيار مايو الماضي، أن العراق استضاف أكثر من جولة حوار بين السعودية وإيران خلال الفترة الماضية. 

وغالبا ما يدور الحديث في العراق، عن تدخل السعودية وايران وامريكا، باختيار الرئاسات الثلاث، فضلا عن تحكم كل دولة بمجريات العملية السياسية في البلد، من الشخصيات المرتبطة بها، والتي تطبق أجندتها في الداخل. 

ومر اختيار رئيس الحكومة بعد استقالة عادل عبدالمهدي، بمرحلة مخاض عسيرة، تمثلت بتكليف رئيس الجمهورية لكل من محمد علاوي وعدنان الزرفي، اللذين اعتذرا بعد تكليفهما بتشكيل الحكومة نتيجة لضغوط سياسية، حتى استقر القرار على اختيار مصطفى الكاظمي في نيسان أبريل الماضي، وبموافقة جميع القوى السياسية بمختلف توجهاتها وحضورهم لحظة التكليف. 

من جانبه، يبين المحلل السياسي أحمد ريسان في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الدول المحيطة بالعراق مثل إيران والسعودية، هي المتحكمة بالبلد، وذلك بسبب عدم وجود قادة عراقيين حقيقيين يعبرون بالبلد الى بر الأمان، ما يفسح المجال أمام هذه الدول الجارة بأن تكون يدها هي الطولى للتحكم بالبلد لمصالحها الخاصة”. 

ويردف أن “التقارب السعودي الإيراني، سواء حصل أو لم يحصل، فان منصب رئاسة الوزراء بالعراق لن يحسم إلا خارج البلاد، والدليل أن مصطفى الكاظمي تسنم منصبه بمباركة الأطراف الدولية، ولو كان هناك اعتراض من أحد منهم فإن الكاظمي لن ينال المنصب”، مؤكدا أن “التوافق كان موجودا على نوري المالكي وحيدر العبادي وعادل عبدالمهدي، فهذه الدول هي من تتحكم باللعبة، وتعتبر العراق أرضا لتصفية الحسابات”.     

الى ذلك، يكشف مصدر دبلوماسي رفيع في حديث لـ”العالم الجديد”، عن أن “المملكة العربية السعودية بدأت تخسر نفوذها السياسي والاقتصادي في العديد من بلدان المنطقة لصالح دول سنية أخرى منافسة وعلى رأسها قطر وتركيا”.

ويوضح المصدر، أن “السعودية شعرت بعزلة قسرية في محيطها السني، ما ألجأها الى إيران الشيعية في إقرار ضمني بقوتها في المنطقة، معتبرة أن التفاهم معها أفضل بكثير من الاتفاق مع غريمتيها السنيتين، يقابله رغبة في إيقاف خساراتها المتتالية في اليمن ولبنان وغيرها”، مشيرا الى أن “السعودية قد تساعد إيران في استخدام نفوذها في العراق لتحقيق الاستقرار السياسي الذي يعد تحديا أمام النفوذ الإيراني”.

ويشهد منصب رئيس الحكومة، صراعا كبيرا في الآونة الأخيرة بين القوى السياسية، وأبرزها التيار الصدري، الذي طالب به بعد توقعه أن يشكل الكتلة الأكبر، لكن سرعان ما تراجع زعيمه مقتدى الصدر عن هذا المطلب، في ظل مساع اخرى للمنصب، منها زعيم تيار الحكمة الوطني، الذي رشح رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي مجددا للمنصب. 

ويأتي هذا الصراع، في وقت أشرت فيه شخصيات سياسية مسعى الكاظمي للحصول على ولاية ثانية، سواء عبر التحالف مع الصدر او القوى الكردية.

يشار الى أن وزير الخارجية فؤاد حسين، علق في مقابلة مع صحيفة النهار اللبنانية أمس الأول الأحد، حول الحوار السعودي الإيراني على أرض العراق، بأن “جزءاً كبيراً من الصراعات الداخلية العراقية له علاقة بالصراعات الإقليمية، لذا لإدارة الصراع في الداخل نحتاج إلى إدارة الصراع على الحدود، ومن هذا المنطلق بدأنا نبادر ونطرح أفكاراً”.

إقرأ أيضا