عنف رجال الأمن في الشوارع.. مطالبات بـ”التأهيل” وتحذيرات من ردود أفعال “إجرامية”

في ظل الحديث عن ظاهرة الانتهاكات الإنسانية داخل المعتقلات والسجون العراقية، تبرز ظاهرة أخرى ملازمة،…

في ظل الحديث عن ظاهرة الانتهاكات الإنسانية داخل المعتقلات والسجون العراقية، تبرز ظاهرة أخرى ملازمة، وهي اعتداء رجال الأمن في الشوارع على مدنيين لأسباب وصفت بـ”التافهة”.

وفي واحدة من مظاهر العنف التي يقوم بها بعض منتسبي الأمن، يروي أبوعلي، الرجل المسن، كيفية تلقيه اعتداءً غير مبرر على يد رجل أمن، أدى الى سقوطه أرضا، بالقول، إن “رجل الأمن صرخ بوجه صاحب التك تك الذي كان يقلنا أنا وزوجتي لمنعه من الوقوف، لكني أبلغته بأن الأمر لن يستغرق سوى دقائق فقط لإنزالنا أمام عيادة الطبيب، فما كان من منتسب الأمن إلا أن دفعني وأخذ يضرب العجلة بقوة”.

ويضيف أبوعلي، في حديثه لـ”العالم الجديد”، أن “الأمر كان آخر ما كنت أتوقعه، خاصة أنا وزوجتي كبار في السن، فبدلا من أن يساعدنا المنتسب، قام بالتهجم علينا لسبب تافه، فنحن لم نرتكب جريمة كبيرة”.

وحول ظاهرة سلوك رجال الأمن، توضح عضو مفوضية حقوق الانسان فاتن الحلفي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك تصرفات سلبية غير مسؤولة من قبل بعض المنتسبين وقد تسيئ للمؤسسة الأمنية برمتها، لأن هذا الفرد محسوب عليها، ودائما ما نرسل مخاطبات للوزراء والجهات الأمنية المعنية حول هذا الأمر”.

وتضيف أن “المفوضية عملت دورات سابقا في قسم الوعي والنشر لديها، للمنتسبين في وزارتي الداخلية والدفاع، وتركزت على اعتماد معايير حقوق الانسان في التعامل مع المواطن العراقي، فضلا عن كيفية التعامل مع المواطن وفق هذه المعايير، لكن مع الأسف نرى بين فترة وأخرى تصرفات تسيئ للمجتمع بأكمله”.

وتؤكد على أن “هذه التصرفات يمكن أن تثير النزعات الهجومية أو الإجرامية في نفوس المواطنين، حيث أن لكل فعل ردة فعل، وهذا ما نخشاه في أن تكون هناك فجوة بين المواطن والمنتسب”.

وتبين “في الوقت الذي يتم فيه منع المواطن من الاعتداء على المنتسب أو الموظف خلال تأدية واجبه، فلا يحق أيضا للمنتسب الاعتداء على المواطن أو التعامل معه بطريقة لا أخلاقية”.

حادثة أبوعلي ليست الوحيدة، ففيما عبر هو عن امتعاضه وغضبه وقابل إساءة رجل الأمن بالصمت، نظرا لفارق العمر، جرت حادثة أخرى قرب مرآب العلاوي وسط العاصمة بغداد، حيث اعتدى رجل أمن على صاحب عجلة نقل عام “كيا”، بعد مشادة حول مكان الوقوف أيضا، وانتهت بضرب رجل الأمن لصاحب العجلة ضربا مبرحا.

سلوكيات رجال الأمن السلبية في العراق، غير غائبة عن الجهات المعنية، فبعد حقوق الانسان، أكد النائب محمد البياتي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “واجبات رجال الأمن نوعان أولهما القتالي والثاني مدني يقتضي التعامل والتفاهم والمعايشة مع المواطنين، وبهذا الخصوص هناك مشكلة، حيث أن مثل هؤلاء يجب أن يكونوا مؤهلين عبر دورات قانونية للتعايش مع المدنيين”.

ويلفت البياتي، الى أنه “بعد التغيير في عام 2003، كثر موضوع التطوع العشوائي دون النظر الى الشهادة والثقافة والخلفيات الاجتماعية، لذا صار لزاما تأهيل جميع أفراد القوات المسلحة التي تتعامل بشكل مباشر من المواطن، والخروج من هذه المشكلة الحقيقية التي تكمن في عدم تفاهمهم وانسجامهم مع المدنيين”.

وحول ردة فعل المواطن التي قد تقترب من الإجرام نتيجة لعنف رجل الأمن، يؤكد أن “مثل هذه الأفعال العنيفة من قبل رجال الأمن، بكل تأكيد ستولد أفعالا إجرامية من قبل المواطنين، وهذه المشاكل حصلت بأكثر من محافظة وكانت نتائجها سلبية”.

يشار الى أن العديد من النزاعات العشائرية، حدثت بسبب اعتداء رجل أمن على مواطن، ما يؤدي الى تطور الأمر لتدخل عشائر الطرفين، فضلا عن انتشار شكاوى كثيرة في وسائل التواصل الاجتماعي بشأن سلوكيات رجال الأمن المنتشرين في المدن.

في الأثناء، يبين النائب جاسم البخاتي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذه التصرفات لاحظناها أيام المظاهرات فيما يتعلق بردود الفعل غير المحمودة، وتمت معالجتها من خلال تشكيل أفواج متدربة ومتفهمة، ونتمنى هنا أن يتم التعامل بنفس الطريقة مع المجتمع من خلال سلوك المنتسبين واستيعابهم للأخرين، حيث أن رد الفعل غير المحمود دائما ما يصاحب عناصر القوات الأمنية”.

ويشير الى أن “هذه المشكلة تتكرر كثيرا ويتطلب من وزارة الداخلية إعادة النظر بهذا الموضوع عبر إدخال هؤلاء بدورات وورش لتطوير إمكاناتهم وجعلهم يتعاملون بهدوء مع المواطنين، رغم استغلال بعض المواطنين للحرية الممنوحة لهم بشكل خاطئ، وهذا الأمر غير مقبول أكيد، لكن على القوات الأمنية الابتعاد عن السلوكيات العنفية ايضا”.

يذكر أن رجال الأمن، واجهوا التظاهرات التي انطلقت في تشرين الأول أكتوبر 2019، بعنف كبير، أدى الى مقتل ما يقارب 600 متظاهر وإصابة 25 ألفا آخرين، نتيجة لاستخدام شتى أنواع الأسلحة، فضلا عن المطاردة بالهراوات.

إقرأ أيضا