هل ستفقد الأحزاب الشيعية الكبيرة معادلة الحكم بعد الانتخابات؟

مع تشكيل كل حكومة، تتحول الكتل “السنية” و”الكردية” الى بيضة قبان لحسم مسألة الكتلة الأكبر…

مع تشكيل كل حكومة، تتحول الكتل “السنية” و”الكردية” الى بيضة قبان لحسم مسألة الكتلة الأكبر (شيعية) المعنية بترشيح رئيس للحكومة، إلا أن المرحلة القادمة قد تشهد معادلة سياسية مغايرة من خلال استمالة أحد هذين المكونين السياسيين لمرشح شيعي ودعمه من اجل الحصول على المنصب التنفيذي الأول، لسحب البساط من أقدام الكتل الشيعية التقليدية، وسط ما تعيشه من تشرذم وخلافات عميقة.

ويقول القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني محسن السعدون، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “تشكيل الحكومة المقبلة يتوقف على نتائج الانتخابات، ولا أحد يستطيع أن يقول بأنه سوف يحقق نتائج معينة، لأن صناديق الاقتراع هي من تقرر“.

ويضيف السعدون، أن “الحزب الديمقراطي ينتظر نتائج الانتخابات، ونحن نمتلك في العادة أكثر المقاعد على مستوى الأحزاب الكردية الأخرى”، مبينا “بعد الانتخابات ستكون هناك تحالفات مع الجهة التي تضمن تطبيق الدستور العراقي لتكوين حكومة تخدم الصالح العراقي، بعيدا عن قضايا الفساد وقضايا اخرى مثل تحقيق المصالح والمكاسب الشخصية“.

وبشأن تحالف الكتل الكردية مع القوى الشيعية لتشكيل الحكومة، ينوه السعدون، الى أن “الخلافات بين الاقليم وبغداد هي خلافات دستورية، لذا ستكون موجودة في مفاوضات تشكيل أي حكومة، وهي مسائل تتعلق بالنفط والموازنة والرواتب”، مبينا “بالتأكيد أن اختيار رئيس الحكومة الجديد، سيكون بناء على مفاوضات بين الكتل السياسية، وبالنسبة لنا فان القضية تتعلق بالحقوق، وسنطرحها في أي مفاوضات”.

وخلال الانتخابات الماضية في 12 ايار مايو 2018، جرى جدل كبير بشأن الكتلة الأكبر، وحصر التنافس بين تحالف سائرون بزعامة مقتدى الصدر وتحالف الفتح بزعامة هادي العامري، وفي نهاية المطاف، جرى تشكيل الحكومة بآلية “التوافق” دون الاعلان عن الكتلة الأكبر.

وفي العام 2010، جرى جدل كبير حول الكتلة الأكبر، وذلك بعد فوز ائتلاف اياد علاوي بالانتخابات وحصوله على أكبر عدد من المقاعد النيابية، فيما تمكن مناوئه نوري المالكي من تشكيل تحالف يضم قوائم أخرى، الأمر الذي اعتبرته المحكمة الاتحادية، المعنية بحسم الخلافات الدستورية، مصداقا لمفهوم الكتلة الأكبر التي شكلت الحكومة.

وعادة ما تتجه الكتل الشيعية الى التنافس حول تشكيل الكتلة الأكبر، وذلك بعد ضم لتحالفها بعد إعلان نتائج الانتخابات، القوى السنية أو الكردية، للحصول على أكبر عدد من المقاعد داخل قبة البرلمان، ما يسفر عنه التوجه لتشكيل الحكومة.

الى ذلك، يبين القيادي في ائتلاف الوطنية عدنان الجميلي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “موضوع تشكيل الحكومة المقبلة، قد يشهد تفاهمات بين القوى السياسية في الوقت الراهن، لكنها لن تكون مبنية على المكونات (سنة وشيعة وكرد)، بل ستكون بناء على تقارب وجهات النظر، أي قائمة هي الأقرب لنا نتحالف معها“.

ويلفت الجميلي، الى أن “الانتخابات المقبلة هي من أصعب الانتخابات التي شهدها العراق، ولن يتمكن أحد من الحصول على الكتلة الأكبر، فالكتل السياسية لن تحصل على نفس عدد المقاعد التي حصلت عليها بالانتخابات السابقة، وهناك من يحلم بالحصول على 50 مقعدا أو أكثر، لكنها مجرد أحلام، وأكبر القوائم لن يتجاوز عدد مقاعدها 15 مقعدا، بما فيها الكتلة الصدرية“.

ويتابع أن “عملية تشكيل الحكومة ستكون معقدة وتتطلب تحالفات كثيرة، كون الكتل السياسية لن تحصل على عدد مقاعد كبير، ما سيؤدي الى ان تكون مدة التفاهمات طويلة وتأخذ وقتا أطول”، مبينا أن “القوى السنية من جانبها، فان سترى من هو الأقرب لها وتتحالف معه“.

وتجدد اللغط حول الكتلة الأكبر، عقب استقالة رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي، على خلفية تظاهرات تشرين الأول أكتوبر 2019، وفي حينها أبلغ تحالف سائرون رئيس الجمهورية برهم صالح، بأحقيته في ترشيح رئيس حكومة جديد، لأن الكتلة الأكبر، لكن الخلافات استمرت وقد كلف صالح شخصيتين لتشكيل الحكومة، إلا أنهما انسحبا عقب التكليف، حتى وقع الاختيار على مصطفى الكاظمي، لتشكيل الحكومة، وقد كلفه صالح بحضوركافة زعماء القوى السياسية، وبآلية “التوافق” ايضا.

من جانبه، يبين السياسي والوزير السابق وائل عبداللطيف في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “منصب رئاسة الوزراء ليس مقتصرا على الكتل الشيعية، ولو أن الكتل الكردستانية تحالفت مع إحدى الكتل الأخرى، فستكون هي المسؤولة عن تشكيل الحكومة، ومن الممكن أن تصبح رئاسة الوزراء من نصيبهم“.

ويشير عبداللطيف، الى أن “تحالف أي كتلة شيعية مع الكتل الكردية أمر وارد جدا، لأن الكتل الشيعية ليس منسجمة هذه المرة، وانسجامها جرى مرة واحدة في أعوام 2005 و2006 فقط، حيث اتحدت في حينها، لكن العقد أنفرط عام 2010″، مبينا أن “الذي حصل في عام 2010 هو خروج عن السياق الدستوري والقانوني بضغط أمريكي إيراني، وحصل في وقتها أن المحكمة الاتحادية، أكدت على أن الكتلة النيابية الأكبر هي التي تتشكل بعد الانتخابات، وهذا الأمر غير صحيح لأن إرادة الناخب هي التي تحدد الكتلة النيابة الأكثر عددا“.

وحول شروط القوى الكردية والسنية للتحالف مع القوى الشيعية لتشكيل الكتلة الأكبر المسؤولة عن تشكيل الحكومة، يوضح عبداللطيف “عندما نراقب زيارات السياسيين من بغداد الى أربيل، فهي تؤشر، بالدليل على أن خلفها حسابات خارج السياقات الاعتيادية للاستجابة الى المطالب الكردية، وان المطالب الكردية استحصلت وما تبقي هو المادة 140″، موضحا أن “الاقليم اليوم حسم الامر بانه لن يعطي أي إيرادات من النفط والمنافذ الحدودية، ويرحب بكل ما يأتيه من الحكومة الاتحادية“.

ويستطرد “لا نصدق أن ذهاب السياسيين بصفة رسمية الى كردستان ولقائهم بزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، يجري دون أن تملى عليهم شروط الاقليم بتشكيل الحكومة، ونفس الامر ينطبق على القوى السنية، لأن بارزاني يعتبر نفسه شريك في حكم العراق، لذلك يريد أن يتولى إدارة بعض الوزارات مع اختيار الوزارات السيادية والاخرى الخدمية، حيث يتم إرضاء الجميع حسب مقدار ثقله الانتخابي، وهذه تعتبر من ضمن شروط تشكيل الحكومة“.

يشار الى أن زعيم ائتلاف دولة القانون نوري الماكي الى أربيل، زار أربيل في آب أغسطس الماضي، والتقى فيها زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، وذلك عقب لقاءات عديدة أجراها بارزاني مع قادة قوى شيعية عديدة، أبرزها ممثلون عن تحالف سائرون المرتبط بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

وكان السياسي والنائب السابق، عزت الشابندر، قد نوه في حزيران يونيو 2020 وعقب تولي مصطفى الكاظمي رئاسة الحكومة بنحو شهر، الى هذا الأمر عبر تغريدة على حسابه في تويتر، جاء فيها: “‏إذا كانَ عهدُ السيّد عادل عبد المهدي هو آخر عهود الشيعة بعد العام 2003 حيث حفر زعماء تغَانُم السلطةِ قبورَهُم بأيديهم فإنّ أخشى ما أخشاه أن يكون السيّد الكاظمي هو آخِر رئيسٍ للوزراء قبل الفوضى”.

وخلال الفترة الماضية، برز حديث عن تبادل رئاستي الجمهورية والبرلمان بين المكونين السني والشيعي، وسط الكشف عن مفاوضات بهذا الشأن، فيما لا تزال القوى الشيعية متمسكة لغاية الان بمنصب رئيس الحكومة.

إقرأ أيضا