زيارة غير مؤكدة.. هل يعثر الصدر بحجر قاآني؟

رغم نفي مصادر عدة لخبر وصول قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الايراني، إسماعيل قاآني الى…

رغم نفي مصادر رسمية عدة لخبر وصول قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني إسماعيل قاآني، الى بغداد، إلا أنه جدد الحديث عن حجم الأجندات الدولية في الشأن الداخلي العراقي، وسط تكهنات بسعي إيراني للملمة شتات القوى الشيعية التي تشهد تشرذما وعدائية واضحة عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية، والتي أسفرت عن فوز التيار الصدري بحصة الأسد فيها.

ويقول المحلل السياسي محمد نعناع في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “زيارة قائد الحرس الثوري اسماعيل قاآني المفترضة الى بغداد، مريبة وليست ذكية، في حال حصولها، ففي هذا الوقت الانتخابي، يجب أن يتوقف العراق عن استقبال مثل هذه الزيارات السياسية، أو بعد 72 ساعة على إغلاق صناديق الاقتراع، لتكون هناك حيادية في مسألة الانتخابات”.

ويضيف نعناع، أن “الحرس الثوري الايراني يسعى لجمع شتات الكتل والأطراف السياسية والواجهات الفكرية القريبة من ايران، لمواجهة مشروع السلطة المقبل، لأن العزوف وقلة المشاركة لم يكن في صالح النفوذ الايراني، بل كان يعبر عن عدم قدرة ايران على إدارة نفوذها في العراق بشكل جيد”.

ويتابع أن “هذه الزيارة، سواء صحت أم لا، إلا أن الحرس الثوري الايراني يهدف الى ترتيب أوراق المرحلة المقبلة”، مرجحا أن “يكون هناك تحضير لقائمة واحدة بهدف مواجهة الكتلة الصدرية، خصوصا بعد ارتفاع نبرة التيار الصدري ضد إيران خلال الفترة الماضية، وبالتالي فالتوجه لجمع الشتات وتنظيم قائمة تضم ائتلاف دولة القانون والفتح والكتل المرتبطة بها الاخرى، للخروج بقائمة تمثل النفوذ الايراني بالعراق خلال الأيام المقبلة”.

وتواردت صباح أمس الاثنين، أنباء عن وصول قائد الحرس الثوري إسماعيل قاآني الى العاصمة بغداد، وذلك قبل ساعات فقط من اعلان نتائج الانتخابات التشريعية، التي جرت يوم أمس الأول الأحد.

لكن السفير الايراني ايريج مسجدي، نفى زيارة قاآني عبر تغريدة له في حسابه بموقع تويتر قال فيها “في الآونة الأخيرة، لم يزر الجنرال قاآني جمهورية العراق، وما نشر بشأن الزيارة في بعض القنوات ووسائط التواصل الاجتماعي غير صحيح وكاذب”.

وبالتزامن مع نفي مسجدي، نشر مستشار رئيس الحكومة المنتهية ولايتها مشرق عباس، تغريدة قال فيها “لم يشهد العراق خلال الـ48 ساعة الماضية أي زيارة رسمية لأي مسؤول أجنبي”.

يشار الى أن قناة صابرين نيوز على موقع التليغرام، والمقربة من بعض فصائل الحشد الشعبي، نشرت خبرا مفاده وصول شخصية أجنبية الى قاعدة عين الأسد العسكرية في محافظة الأنبار التي تشغلها قوات التحالف الدولي، وذلك بعد انتشار نبأ زيارة قاآني.

وبحسب النتائج المعلنة، فان التيار الصدري حصل على أكبر عدد من المقاعد النيابية، فيما تعرض تحالف الفتح الى انتكاسة بعدد المقاعد، خاصة وأنه مشكل من قبل أغلب الكتل السياسية الممثلة للفصائل المسلحة.

الى ذلك يشرح مصدر سياسي مقرب من قوى شيعية، بالقول إن “ايران تعمل داخلها العديد من الدوائر وليس الحرس الثوري فقط، بل هناك المخابرات الايرانية أيضا، والتي تنشط أيضا داخل العراق وتحظى بنفوذ مؤثر بين عدد من القوى السياسية”.

ويوضح المصدر الذي رفض الكشف عن هويته في حديث لـ”العالم الجديد”، أن المسافة بين الصدر والحرس الثوري الايراني واضحة للمراقبين، لكن هذا لا يعني عدم تمتعه بعلاقة مع دوائر إيرانية أخرى داخل مؤسسة الحكم في طهران، قد تجنبه الكثير من المشاكل المحتملة، وقد يلجأ اليها أحيانا في حال بروز مشاكل داخلية عميقة”، لافتا الى أن “هذا قد لا يروق لقاآني الذي يمثل خط الحرس الثوري دون غيره من الخطوط الإيرانية الأخرى، والذي تعرض لضربة قاسية إبان حادثة المطار التي أودت بحياة سلفه الجنرال قاسم سليماني بغارة أمريكية، لذا فقد يعمل على تحجيم أو احتواء قوة الصدر التي برزت مؤخرا”.

يذكر أن غارة أمريكية بطائرة مسيرة قرب مطار بغداد قامت في الثالث من كانون الثاني يناير 2021 بقتل القائد السابق لفيلق القدس الايراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس.

جدير بالذكر أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، نشر تغريدة بعد الحديث عن زيارة قاآني، قال فيها إن ما يميز هذه الانتخابات أنها جرت تحت غطاء وإشراف أممي ودولي وعربي، وقد تم اقرارها منهم، وعليه فلا ينبغي التدخل بقرارات المفوضية أو تزايد الضغط عليها لا من الداخل ولا من بعض الدول الاقليمية والدولية، فالانتخابات شأن داخلي، وليكن واضحا للجميع أننا نتابع بدقة كل التدخلات الداخلية غير القانونية وكذلك الخارجية التي تخدش هيبة العراق واستقلاليته.  

وبعد التغريدة بساعات، أي مساء أمس الاثنين، ألقى الصدر كلمة متلفزة، قال فيها “الحمد الذي أعز الإصلاح بكتلته الأكبر العراقية لا شرقية ولا غربية”، فيما تطرق ايضا الى مسألة التدحل الخارجي مؤكدا “كل السفارات مرحب بها على أن لا تتدخل بالشأن العراقي أو تشكيل الحكومة”، مجددا الدعوة لحصر السلاح بيد الدولة.

ويسعى التيار الصدري للحصول على منصب رئيس الوزراء، باعتبار صاحب أكبر عدد مقاعد نيابية، فيما نص الدستور، وحسب تفسير المحكمة الاتحادية، بأن الكتلة الأكبر هي التي تتشكل داخل مجلس النواب، وليس التي حصلت على العدد الأكبر بنتائج الانتخابات، وذلك في انتخابات عام 2010، وبقي هذا التفسير قائما لغاية آخر انتخابات جرت في عام 2018. 

وخلال الانتخابات الماضية في 12 ايار مايو 2018، جرى جدل كبير بشأن الكتلة الأكبر، وحصر التنافس بين تحالف سائرون بزعامة مقتدى الصدر وتحالف الفتح بزعامة هادي العامري، وفي نهاية المطاف، جرى تشكيل الحكومة بآلية “التوافق” دون الاعلان عن الكتلة الأكبر.

الى ذلك، يبين المحلل السياسي عقيل الطائي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الانتخابات التي جرت بالعراق تهم جميع دول العالم، وخاصة ايران، والكل يتابع هذه الانتخابات في ظل التناحر الشيعي خصوصا بين الكتلة الصدرية ودولة القانون، وهو خلاف مستمر منذ سنوات طويلة، بالاضافة الى صراعات الكتل السنية”.

ويوضح الطائي، أن “طرفي الصراع السني، محمد الحلبوسي وخميس الخنجر، فقد ذهبا الى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتم بحث خلافاتهما في أنقرة، أما ما يخص الكتل الشيعية فهي لم تذهب الى إيران، ونبأ مجيء قاآني الى بغداد للاجتماع معها، ربما يكون صحيحا، بهدف لملمة الصف وائتلافهم معا وتجنب المشاكل”.

ويشير الى أن “الانتخابات العراقية لا تخرج عن التدخلات الخارجية، وكل الدول أن تكون الحكومة المقبلة متماهية معها”.

يشار الى أن القوى السنية، دخلت تنافسا حادا في الانتخابات، وقد أجرى محمد الحلبوسي زعيم قائمة تقدم، جولات خارجية عديدة، شملت الأردن ومصر والامارات وفرنسا وتركيا، فيما توجه الخنجر الى لبنان وتركيا.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التقى الخنجر والحلبوسي، كلا على انفراد في 5 تشرين الاول أكتوبر الحالي، أي قبل 5 ايام من اجراء الانتخابات، وبحسب وكالة الاناضول التركية الرسمية، فانها عمدت الى طمس واضح للصفة الرسمية التي يحملها الحلبوسي أثناء زيارته الى تركيا، علما أنها أكدت أن لقاء أردوغان بالحلبوسي كان بعيدا عن الكاميرات، فيما لم تنوه الى ذلك خلال خبر لقاء الخنجر، الذي وضعت الى جانبه تفاصيل أكثر عن تحالفه الانتخابي الذي يقوده في العراق.  

يذكر أن اللغط تجدد حول الكتلة الأكبر، عقب استقالة رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي، على خلفية تظاهرات تشرين الأول أكتوبر 2019، وفي حينها أبلغ تحالف سائرون رئيس الجمهورية برهم صالح، بأحقيته في ترشيح رئيس حكومة جديد، لأنه الكتلة الأكبر، لكن الخلافات استمرت وقد كلف صالح شخصيتين لتشكيل الحكومة، إلا أنهما انسحبا عقب التكليف، حتى وقع الاختيار على مصطفى الكاظمي، لتشكيل الحكومة، وقد كلفه صالح بحضوركافة زعماء القوى السياسية، وبآلية “التوافق” ايضا.

إقرأ أيضا