“دك الفل”.. الصابئة يحيون “رحلة جبرائيل” للأرض بكرات التمر والسمسم

يحتفل المندائيون أو أتباع الديانة الصابئية في العراق اليوم الخميس، بمناسبة “دك الفل” التي ترمز…

يحتفل المندائيون أو أتباع الديانة الصابئية في العراق اليوم الخميس، بمناسبة “دك الفل” التي ترمز لرحلة الملاك جبرائيل الى الأرض بهدف تقييد الشر، تمهيدا لخلق آدم وحواء، وذلك من خلال صنع كرات من التمر والسمسم، والذي يعد الغذاء الروحي للملاك في رحلته، وفقا لمعتقدهم.

ويشرح رئيس الديانة في العراق والعالم الشيخ ستار جبار الحلو خلال حديثه لـ”العالم الجديد”، تلك المناسبة بالقول إن “دك الفل، هي عبارة عن مزج التمر بالسمسم، وصنع كرات منه، وتوزيعها على الناس”.

ويوضح الحلو، أن “هذه المناسبة يعود تاريخها الى عوالم النور العليا، وليس لعوالمنا هذه، إذ تمثل رحلة الملاك جبرائيل الى عالم الظلام (الارض) بأمر الحي العظيم (الله)، وذلك بهدف تقييد الشر وتهيئة الارض لخلق آدم وحواء”.

ويردف أن “الغذاء الروحي للملاك، كان التمر والسمسم”، موضحا أن “السمسم أيضا يعتبر طاردا للارواح وهو يرمز الى سر الروح، فيما تعتبر النخلة في ديانتنا شجرة مباركة، وترمز الى العوالم الذكورية”.  

وتعد الصابئة من الديانات التوحيدية القديمة، ونبيها يحيى بن زكريا، من أقدم الديانات الرافدينية، ويتحدث أتباعها اللغة الآرامية التي تعود للقرن العاشر قبل الميلاد، وهي ذات اللغة المستخدمة في كتابهم المقدس “الكنزا ربا”.

ومن الطقوس التي لا زال أبناء الديانة القديمة يتبعونها هي التعميد في الديانة، تطهيرا لـ”الجسد والروح” من كافة الخطايا والذنوب، وعلى كل صابئي أن يتعمد بعد ولادته بسنوات قليلة، وأيضا عند الزواج وبعد أن يرزق بأطفال، ومن شروط التعميد أن يقام في نهر أو بحيرة، أي داخل ماء جار وليس ساكنا، وهذا ما دفع أبناء الديانة الى التمركز منذ الأزل قرب الأنهار والأهوار في جنوب العراق، وذلك لارتباط طقوسهم بالماء، سواء التعميد أو الصلاة أو الزواج.

وللصابئة 4 أعياد رئيسية ومناسبات عدة أخرى، الأول هو عيد الخليقة (البرونايا) وفيه خلق الخالق عوالم النور العليا، ويستمر لمدة 5 أيام، والثاني هو عيد التعميد الذهبي، في ذكرى الولادة الروحية لنبيهم يحيى بن زكريا، بالاضافة الى العيد الكبير الذي يصادف في شهر تموز يوليو ويستمر 7 ايام، وهو بداية الخلق، وفيه بدأت الدقائق والساعات والايام كما يعتقدون، والأخير عيد الازدهار، وهو العيد الصغير، ففيه قام الله أو الحي العظيم كما يسمى بخلق الأزهار والأثمار والطيور والحيوانات، بالاضافة الى هذا خلق آدم وحواء، وهذا العيد يعتبر بداية نشوء الخلق.

وواجه أبناء الطائفة المندائية في العراق بعد 2003، الكثير من التحديات التي هددت بقاءهم كأحد أبرز الأقليات الدينية في بلاد الرافدين، من بينها القتل والسلب، لكونهم يعملون في صياغة الذهب، ما عرضهم الى كثير من الاعتداءات والانتهاكات بينها السرقة والاختطاف بشكل مباشر ومستمر، ما أدى الى هجرة الكثير منهم باتجاه الغرب.

وفي تسعينيات القرن الماضي، تمت ترجمة الكتاب المقدس للديانة من قبل رجال دين، وتحت إشراف الشاعر العراقي الراحل عبد الرزاق عبد الواحد، الذي أشرف على لغة الكتاب العربية بعد ترجمته.

وخلال الأعوام الـ18 الماضية، تمكن أبناء الطائفة من تثبيت وجودهم في دول مثل السويد وألمانيا واستراليا وأمريكا، وهناك بنوا معابدهم “المندي” وحصلوا على رخصة رسمية لممارسة طقوسهم وتلبية كافة احتياجاتهم من قبل تلك الدول.

ولا توجد إحصائية رسمية لأعدادهم حاليا داخل أو خارج العراق، لكن مدنهم الأصلية وهي ميسان وذي قار والبصرة، في جنوب البلاد، أضحت لا تضم سوى عشرات العائلات فقط، بعد أن كانت تعد بالآلاف، فيما تشهد العاصمة بغداد تناقصا في الأعداد بشكل مستمر.

جدير بالذكر، أن العديد من أتباع الطائفة سكنوا مدن إقليم كردستان العراق، كمدن بديلة لمدنهم الأصلية بسبب ما يتمتع فيه الإقليم من استقرار أمني واجتماعي.

 

إقرأ أيضا