عقدة الرئاسات.. هل تضع العراق على أعتاب “حرب أهلية”؟

في ظل لغط “الكتلة الأكبر”، أقرت قوى سياسية بصعوبة تحقيق أي كتلة لعدد المقاعد المطلوب…

في ظل لغط “الكتلة الأكبر”، أقرت قوى سياسية بصعوبة تحقيق أي كتلة لعدد المقاعد المطلوب لتمرير الرئاسات الثلاث من دون تحالفات، وفيما أكدت الكتلة الصدرية الفائزة بالعدد الأكبر من المقاعد بتوجهها لإبرام “تفاهمات” مع القوى الشيعية لحسم تمرير الرئاسات، توقع الديمقراطي الكردستاني نشوب “حرب أهلية” في حال تحالفت الكتل الخاسرة فيما بينها لمواجهة التيار الصدري.

ويقول القيادي في التيار الصدري رياض المسعودي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك مراحل عدة لاختيار الرئاسات وتقسيمها، فالمرحلة  الأولى هي تكوين هيئة رئاسة مجلس النواب والتي تتكون من رئيس ونائبين، والمرحلة الثانية هي اختيار رئيس الجمهورية، ومن الممكن أن تكون هناك جولة ثانية إذا لم يتم استكمال العدد المطلوب لتمريره”.

يشار الى أن المادة (70) من الدستور، نصت على: أولا: ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيساً للجمهورية بأغلبية ثلثي عدد أعضائه، ثانياً: إذا لم يحصل أي من المرشحين على الأغلبية المطلوبة يتم التنافس بين المرشحين الحاصلين على أكبر عدد من الأصوات ويعلن رئيساً من يحصل على أكثرية الأصوات في الاقتراع الثاني.

ويضيف المسعودي، أن “اختيار رئيس البرلمان سيكون من المكون السني ورئيس الجمهورية من المكون الكردي، وذلك وفقا للتوازن في مجلس النواب، وبعد ذلك تبقى المسأله الأصعب، وهي اختيار رئيس مجلس الوزراء، الذي هو من المكون الشيعي”.

ويتابع “الخلافات حول تكليف رئيس الوزراء لا تزال قائمة، والسؤال الذي لم نصل لإجابته، هو أي كتلة ستحصل على هذا الحق، هل هي الفائزة بأكبر عدد من المقاعد وفق نتائج الانتخابات أو الكتلة التي تتشكل خلال الجلسة الأولى، وهذا هو أساس الخلاف”.

ويستطرد أن “الكتلة الصدرية اذا تم تكليفها وفق المادة 76 من الدستور، فيجب عليها أن تحقق تفاهمات حقيقية مع القوى السياسية الشيعية، وبعدها  تنتقل الى المستوى الوطني بإجراء حوارات حقيقية مع الكتل السياسية السنية والكردية وبعدها تنتقل الى المستوى الثالث وهو إجراء حوارات مع المحيط الإقليمي الاسلامي العربي  والمحيط الدولي، فنحن لا نريد ان نشكل حكومة منعزلة وانما حكومة عراقية قوية قادرة على التفاعل مع الملفات الدولية بشكل واضح وجيد”.

ويؤكد “لا يمكن تشكيل حكومة في ظل النتائج الحالية دون تحالفات على المستوى الشيعي، ثم على المستوى الوطني، كما  أن التيار الصدري لن يذهب الى تشكيل حكومة دون أن يتحاور بشكل حقيقي مع القوى السياسية الشيعية”، منوها الى أن “ما سيتم من تحالفات بين الكتل هي ليست تنازلات بقدر مانسميها تفاهمات”.

وحول المادة الدستورية الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية، يوضح الخبير القانوني جميل الضاري في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المادة الدستورية واضحة، إذ رهنت انتخاب رئيس الجمهورية بثلثي عدد أعضاء مجلس النواب الكلي، وليس ثلثي عدد حضور الجلسة”.

ويبين الضاري، أن “المقصود بأغلبية الثلثين التي وردت في النص الدستوري، هو عدد ثلثي أعضاء المجلس، والبالغ الان 218 نائبا، لأن البرلمان مكون من 329 نائبا، أي أن كلمة الأغلبية تعود الى العدد الكلي من أعضاء البرلمان، ولا علاقة لها بأغلبية الـ218 نائبا”، متابعا أن “رئيس الجمهورية لو انتخب من قبل 217 نائبا، فيكون انتخابه غير دستوري ولن تصادق عليه المحكمة الاتحادية”.

وقد نصت المادة 45 من قانون الانتخابات، على التالي: لا يحق لأي نائب أو حزب أو كتلة مسجلة ضمن قائمة مفتوحة فائزة بالانتخابات الانتقال الى ائتلاف أو حزب أو كتلة أو قائمة أخرى إلا بعد تشكيل الحكومة بعد الانتخابات مباشرة، دون أن يخل ذلك بحق القوائم المفتوحة أو المنفردة المسجلة قبل إجراء الانتخابات من الائتلاف مع قوائم أخرى بعد إجراء الانتخابات.

وعقب إعلان نتائج الانتخابات تمسك التيار الصدري بأحقيته في تشكيل الحكومة، بسبب حصوله على العدد الأكبر من مقاعد البرلمان، وذلك عبر تصريحات لمقربين من زعيم التيار مقتدى الصدر، حيث شددوا على أن الكتلة الصدرية هي الكتلة الأكبر، وهي من ستشكل الحكومة، مستبعدين تكرار سيناريو 2010 الذي جرى مع السياسي اياد علاوي، وحصل في حينها على عدد المقاعد الأكبر بالانتخابات، لكن سرعان ما أصدرت المحكمة الاتحادية تفسيرها بأن الكتلة الأكبر هي التي تتشكل داخل قبة البرلمان.

الى ذلك، يبين القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني محمد زنكنة خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “اختيار الرئاسات في العراق بعد 2003، لم يجر مطلقا دون مباركة إيرانية، وبالتالي فان أغلبية الثلثين لن تتحقق ببساطة، نعم هناك شعب صوت لهذه القوائم وهي الأحق بتشكيل الحكومة، لكن تبقى الكتل الخاسرة، فهي يجب أن تحسم أمرها إما أن تشارك في الحكومة أو تذهب نحو المعارضة”.

ويلفت زنكنة، الى أن “السيناريو الأخطر الآن هو اتحاد الكتل الخاسرة فيما بينها، والذي سيهدد وجود الحكومة والدولة، ويمكن أن يولد حرب أهلية في بغداد والمحافظات الجنوبية”.

يذكر أن حراكا سياسيا كبيرا، يجري منذ يوم الاثنين الماضي، يهدف لتشكيل تحالف يتفوق على عدد مقاعد الكتلة الصدرية، وقد جرى اجتماع في منزل زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، حضرته القوى الشيعية واطراف من الفصائل المسلحة.

وكان تحالف الفتح وما يضمه من ممثلين لفصائل مسلحة،  أصدروا العديد من البيانات الرافضة لنتائج الانتخابات، وشككوا بنزاهة الانتخابات، مشيرين الى وجود تلاعب وتزوير، وقد توعدوا بـ”رد مناسب” في حال لم يتم تصحيح الأمر من قبل مفوضية الانتخابات، وذلك بعد تحقيقهم لعدد مقاعد قليل في الانتخابات.

مفوضية الانتخابات من جانبها، أعلنت فجر يوم أمس الأربعاء، عن نتائج أولية جديدة، بعد أن أضافت المحطات التي لم تحتسب نتائجها وفق النظام الإلكتروني، واعتمدت باحتسابها على العد والفرز اليدوي، ما أدى الى إحداث تغير  في النتائج، حيث ارتفع عدد مقاعد الفتح بنحو 7 مقاعد، فيما قل عدد مقاعد الكتلة الصدرية، بنسبة مقعد واحد.

من جانبه، يبين عضو ائتلاف دولة القانون محمد الصيهود خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تمرير الرئاسات الثلاث، بحاجة الى النصف زائد واحد، وهذا لا يمكن أن يتحقق لدى أي كتلة، بالتالي فكل الكتل بحاجة إلى التحالف فيما بينها، ومن ثم الائتلاف مع الكتل السنية والكردية لتسمية رئيس الوزراء وباقي الرئاسات”.

ويوضح أن “الخطوة المقبلة، هي أن الكتل الشيعية ستشكل الكتلة الأكبر عددا لحسم تسمية رئيس الوزراء، ثم الاتصال مع الكتل الكردية لتسمية رئيس الجمهورية، ومن ثم نحو السنية لحسم منصب رئاسة البرلمان”، متابعا أن “هذه العملية كلها تتم بصفقة بين المكونات لحسم المناصب الثلاثة”.

الجدير بالذكر، أنه خلال الانتخابات الماضية في 12 ايار مايو 2018، جرى جدل كبير بشأن الكتلة الأكبر، وحصر التنافس بين تحالف سائرون بزعامة مقتدى الصدر وتحالف الفتح بزعامة هادي العامري، وفي نهاية المطاف، جرى تشكيل الحكومة بآلية “التوافق” دون الاعلان عن الكتلة الأكبر.

وتجدد اللغط حول الكتلة الأكبر، عقب استقالة رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي، على خلفية تظاهرات تشرين الأول أكتوبر 2019، وفي حينها أبلغ تحالف سائرون رئيس الجمهورية برهم صالح، بأحقيته في ترشيح رئيس حكومة جديد، لأن الكتلة الأكبر، لكن الخلافات استمرت وقد كلف صالح شخصيتين لتشكيل الحكومة، إلا أنهما انسحبا عقب التكليف، حتى وقع الاختيار على مصطفى الكاظمي، لتشكيل الحكومة، وقد كلفه صالح بحضوركافة زعماء القوى السياسية، وبآلية “التوافق” ايضا.

إقرأ أيضا