الفتح يرفض والصدري يسخر.. وقوى كردية وسنية تنتظر حسم الصراع الشيعي

الموقف من نتائج الانتخابات، وعدم حسم “الكتلة الأكبر” في البرلمان القادم، والغموض الحاد بمستقبل الحكومة…

الموقف من نتائج الانتخابات، وعدم حسم “الكتلة الأكبر” في البرلمان القادم، والغموض الحاد بمستقبل الحكومة المنتظرة، عوامل أدخلت العملية السياسية مجددا في نفق مظلم، ففيما رفض تحالف الفتح “كسر العظم” و”فرض الإرادات” والعودة الى التوافق ومشاركة الجميع، هاجم التيار الصدري قوى الإطار التنسيقي (الشيعي)، وسخر من تبدل المواقف لدى بعض أطرافها، في حين رهنت قوى “سنية” و”كردية” تحالفاتها بانتهاء الصراع الشيعي الشيعي، وسط تلمحيات بتشكيل تحالف يضم الكتل الأكبر داخل كل مكون (الصدرية وتقدم والديمقراطي الكردستاني).

ويقول القيادي بتحالف الفتح محمد البلداوي في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “تحالف الفتح يؤمن أن العملية السياسية في العراق تحتاج الى مشاركة وتوافق الجميع، ونرغب في مشاركة الجميع بإدارة الدولة“.

ويضيف البلداوي، أن “الحكومة يجب أن تضم الجميع وتكون توافقية، وأن يساهم الكل في عملية صنع القرار، لذا فهناك ضرورة لوجود توافق شيعي، ولكن إذا لم يحدث ويلتئم الجرح الشيعي، فان كل طرف سيبحث بشكل منفرد، عن من يشاركه بتشكيل الكتلة الأكبر”، مبينا أن “العراق لا يحتاج الى كسر عظم وفرض إرادات، بل يحتاج الى توحيد رؤى وتوافق سياسي لتجاوز الخلافات الحالية“.  

وكانت احتجاجات قد عمت مدن العراق منذ أمس الأول الأحد، للتنديد بنتائج الانتخابات والمطالبة بإعادة العد والفرز، وذلك بدفع من قبل قوى الإطار التنسيقي المكون من الفصائل المسلحة والقوى الشيعية باستثناء التيار الصدري.

وكان الإطار التنسيقي والقوى المشكلة له، قد أعلنت عن رفضها لنتائج الانتخابات ووصفتها بـ”المزورة”، وادعت وجود تلاعب كبير لصالح جهة سياسية معينة، وذلك بعد حصول الكتلة الصدرية المرتبطة بالتيار الصدري على 73 مقعدا نيابيا.

وبعد موجة احتجاجات، تمثلت بقطع الطرق الرئيسية في أغلب المحافظات بالإطارات المشتعلة، أصدر الإطار التنسيقي لعدد من القوى الشيعية، بيانا دعا فيه جماهيره الى نبذ كل من يريد الإضرار بالمصالح العامة والخاصة، بل أكد على حمايتها، وعدم السماح بقطع الطرق وتعطيل مصالح الناس، مشددا على أن القوات الأمنية هي درع العراق وحصنه المنيع وهيبتها واحترامها واجب شرعي ووطني وأخلاقي

الى ذلك، يبين القيادي في التيار الصدري عصام حسين في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الضجيج الإعلامي عندما يحدث من كتلة ما، فهذا يعني أن تحالفاتها وموقفها ضعيف جدا“.

ويوضح حسين، أن “ما يجري الآن، هو أن الكتل المحركة لهذا التصعيد لم تجد من يتحالف معها لتشكيل الكتلة الأكبر، والسبب لأنهم متهمون بالتعاون مع دول خارجية على حساب مصلحة العراق، إضافة الى طريقة اعتراضهم على نتائج الانتخابات التي كانت بعيدة عن أطر الدولة، على اعتبار أنهم استخدموا الصوت العالي تجاه هذا الموضوع، رغم أن مفوضية الانتخابات طلبت منهم أدلة حول التزوير الذي يتحدثون به“.

ويؤكد أن “التيار الصدري يمكن أن يتحالف مع  القوى الكردية والسنية لتشكيل الحكومة المقبلة، وعلى الطرف الآخر أن يعي أن مقبوليته في الشارع لا تؤهله لتشكيل الحكومة”، متهما زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، بـ”الخروج من أطر الدولة (التي يحمل شعار الدفاع عنها)، والذهاب إلى اللا دولة (الفصائل المسلحة التي لا تنصاع للحكومة)، وبدأ يطالب باعادة الانتخابات واللجوء للضغط الجماهيري، وهي كلها نقاط سجلت ضدهم“.

وكان القيادي في تيار الحكمة محمد اللكاش، أكد يوم أمس لـ”العالم الجديد”، عن تأييد تياره للاحتجاجات القائمة في البلد، مطالبا مفوضية الانتخابات بالاستجابة لمطلب إعادة العد والفرز لنتائج الانتخابات

ويتمسك التيار الصدري بأحقيته في تشكيل الحكومة، لكونه الكتلة الأكثر عددا وفق نتائج الانتخابات، وسط مساع يقودها زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي لتشكيل الكتلة الأكبر عبر تحالف القوى الشيعية والمستقلين.

السنة والكرد

الى ذلك، يبين القيادي في حزب تقدم سلام عجمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مباحثات الائتلافات سارية على قدم وساق، وكل كتلة خولت ممثلين عنها، ونحن في تقدم خولنا فلاح الزيدان ومحمد تميم لقيادة بحث التحالفات مع الكتل الأخرى، لكن الخلافات ما تزال قائمة داخل المكون الشيعي، وعند انتهائها سيكون الأول من بينها هو حليفنا“.

ويضيف عجمي، أن “الوثيقة الموقعة قبل شهرين، بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي وزعيم تيار الحكمة عمار الحكيم ورئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي ووزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، لا نعرف مصيرها وهل ستسمر ام سنشهد تغييرات بشأنها“.

ويلفت “سننتظر انبثاق الكتلة الأكبر من داخل المكون الشيعي وصفاء الأجواء بين أحزابه وكتله، لكي تكون الصورة واضحة لدينا ونعرف مع من نتحالف“.

يشار الى أن هناك وثيقة قد وقعت بين الأطراف المذكورة أعلاه، في شهر آب أغسطس الماضي، بهدف إقناع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بالعودة للمشاركة في الانتخابات، بعد انسحابه منها في تموز يوليو الماضي.

وضمت الوثيقة 17 بندا، أبرزها تعهد الكتل السياسية التي تشكل مجلس النواب القادم بتعديل الدستور العراقي من خلال لجنة التعديلات الدستورية، وتعزيز إمكانات المؤسسات العسكرية والأمنية الرسمية، وتحديد اختصاصات ومساحات عمل الأجهزة الأمنية فيها، وإنهاء تعدد الأجهزة وتداخل الاختصاصات فيها، ودمجها في الجيش والشرطة، ويجرم بنصوص قانونية مشددة كل أنواع ومبررات حمل واستخدام السلاح المنفلت خارج المؤسسات الرسمية، أو استخدام سلاح المؤسسات الرسمية خارج إرادة الدولة، وإنهاء ظاهرة حيازة السلاح، سواء كان سلاحا تابعا للعشائر أو المجموعات المسلحة والفصائل أو الكتل السياسية.

كما ضمت الوثيقة: تحديد الجهات السياسية المسؤولة عن تشكيل الحكومة، لتتحمل مسؤوليتها أمام الشعب العراقي بشكل واضح وصريح، والتعهد بإنهاء التحقيقات القضائية بالاعتداءات التي ارتكبت خلال تظاهرات تشرين عام 2019، سواء على المتظاهرين أو الأجهزة الأمنية، منع التدخل الحزبي في المؤسسات الإدارية والفنية للدولة، وملاحقة ظاهرة الشركات الحزبية.

يشار الى أن حزب تقدم بزعامة الحلبوسي حصل على 37 مقعدا، وفق النتائج النهائية للانتخابات فيما حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على 33 مقعدا.

من جانبه، يبين القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني محسن السعدون في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المرحلة النهائية للانتهاء من تشكيل الحكومة ومسألة الانتخابات قد بدأت، على اعتبار أن الأيام القليلة المقبلة ستنتهي فترة الطعون فيها، ونحن خلال 10 أيام سوف نكون أمام الحقيقة النهائية لنتائج الانتخابات“.

ويوضح السعدون، أن “النتائج النهائية لن تحمل متغيرات كثيرة، وأصبح واضحا أن الكتلة الصدرية هي التي حققت نتائج كبيرة بالنسبة للشيعة وكذلك تقدم بالنسبة للسنة، والديمقراطي الكردستاني بالنسبة للكرد، لذلك فالتحالفات ستبدأ من هذه الكتل”، متابعا “نحن في الديمقراطي الكردستاني بدأنا بالتحرك، ولدينا وفد سيلتقي بالأحزاب الفائزة في السليمانية لتوحيد الموقف فيما يخص جميع الأحزاب الكردية في بغداد، للتعاون مع الكتل الأخرى والوصول الى الاستقرار السياسي وتشكيل حكومة ترضي كل مكونات العراق“.

ويصف الانتخابات بأنها “جيدة ونزيهة قياسا بالانتخابات السابقة، ولذلك فان الشعب العراقي بحاجة لمن يقدم إليه هذا العون، إذ سترتكز التحالفات على تشكيل حكومة قوية، وليس كما حصل في السابق مجرد أن تكون هناك ماكنات اعلامية“.  

الجدير بالذكر أن الحزب الديمقراطي الكردستاني، يسعى للحصول على منصب رئاسة الجمهورية، والذي يتطلب تصويت ثلي أعضاء مجلس النواب، ما جعل هذا المطلب، أحد أبرز شروط تحالفه مع القوى الشيعية والسنية، لضمان تمرير مرشحه، وذلك في ظل عدم حسم المنصب لغاية الآن بينه وبين غريمه الاتحاد الوطني الكردستاني.

إقرأ أيضا