معارضة أم توافق.. ماذا سيكون قرار الإطار التنسيقي؟

بعد تأزم مسألة نتائج الانتخابات والرفض المستمر لها من قبل قوى “الإطار التنسيقي”، برزت مسألة…

بعد تأزم مسألة نتائج الانتخابات والرفض المستمر لها من قبل قوى “الإطار التنسيقي” (الشيعي)، برزت مسألة توجه هذه القوى نحو المعارضة، وهو الأمر الذي اعتبره قياديون في قوى الإطار بانه “سابق لأوانه”، مرجحين تشكيل الحكومة بالتوافق على غرار الحكومات السابقة، وسط اختصار خبير قانوني لمفهوم المعارضة بـ”قيمي واخلاقي“.

ويقول القيادي في تيار الحكمة محمد اللكاش في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قضية الطعون لم تحسم لغاية الآن، وهناك ثلاثة سيناريوهات مطروحة، أولها العد والفرز اليدوي لجميع المحطات، والثاني إلغاء نتائج الانتخابات والذهاب الى إجرائها مرة أخرى في موعدها الدستوري العام المقبل، والثالث تشكيل حكومة طوارئ وتحديد موعد آخر للانتخابات“.

ويضيف اللكاش “لابد أن تكون هناك جهة تشكل الحكومة وأخرى معارضة لأجل عدم الوقوع في الأخطاء السابقة، حيث كان الجميع حكومة ومعارضة في نفس الوقت، وذلك ليعرف المواطن من الذي نجح أو أخفق“.

ويؤكد أن “مسألة المعارضة لم تحسم لغاية الآن، وهي مرهونة بحسم قضية نتائج الانتخابات“.  

وكانت قوى الإطار التنسيقي الشيعي، قد أعلنت عن رفضها لنتائج الانتخابات ووصفتها بـ”المزورة”، وادعت وجود تلاعب كبير لصالح جهة سياسية معينة، وذلك بعد حصول الكتلة الصدرية المرتبطة بالتيار الصدري على 73 مقعدا نيابيا.

وقد بدأت منذ أيام موجة احتجاجات لجماهير القوى المشكلة للإطار التنسيقي، حتى تحولت يوم أمس الأول الى اعتصام مفتوح أمام المنطقة الخضراء في بغداد، فضلا عن اعتصامات أخرى أمام مكاتب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في المحافظات الوسطى والجنوبية، وذلك بهدف الضغط لإعادة عد وفرز النتائج بشكل يدوي في عموم البلد.

في المقابل، فان المفوضية فتحت باب استقبال الطعون بالنتائج منذ إعلان النتائج النهائية وإغلاق باب استلام الطعون يوم أمس الأول، وسط إصرارها على عدم تغيير النتائج الأولية، لأن العد والفرز اليدوي جرى بحضور ممثلي الكيانات السياسية.

يشار الى أن مصدرا سياسيا كشف في 19 تشرين الأول أكتوير الحالي، أن حركات امتداد والجيل الجديد وإشراقة كانون بالاضافة الى عدد من المستقلين الفائزين بمقعد نيابي في البرلمان الجديد، عقدت اجتماعات تشاورية تنسيقية في النجف، بهدف إعلان تحالف برلماني معارض كبير يدعى تحالف تشرين للاصلاح والتغيير، مكونا من نحو 35 نائبا، في سابقة قد تكون الأولى بتأريخ مجلس النواب العراقي بعد 2003

مفهوم المعارضة

يبين الخبير القانوني عدنان الشريفي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مفهوم المعارضة، لا يحدده إطار قانوني أو دستوري، لان البرلمان في الأصل هو مقوم للحكومة ومعارض لها بنفس الوقت ورقيب على نشاطها، ولا يمكن أن يكون عمل البرلماني مع وضد الحكومة في آن واحد، فهذه خيانة أمانة“.

ويوضح الشريفي، أن “النائب هو ممثل للشعب، حتى وإن حصلت أخطاء من كتلته نفسها، وبالتالي فان المعارضة عملية قيم وأخلاق والتزام، وأي برلماني يجب أن يكون معارضا حتى وإن كانت كتلته في الحكومة”، مؤكدا انه “لا توجد نصوص في الدستور العراقي تحدد من سيكون المعارضة وكيف، ولا حتى ضمن قانون مجلس النواب لا يوجد ايضا، أي لم يمنع القانون المعارضة من أن تصوت على الحكومة من عدمه“. 

وكانت “العالم الجديد” قد سلطت الضوء بشكل مفصل على مفهوم المعارضة عبر تقرير سابق في 16 آب أغسطس الماضي، وأكد المتحدثون خلاله أن العراق لن يشهد معارضة بالمعنى الحقيقي وكما هو موجود في ديمقراطيات العالم، لأن النظام استقام بالأساس على المحاصصة والتقاسم المكوناتي، وبالتالي فان المعارضة بأقلية وأكثرية لن تتم.

يشار الى أن تشكيل رئاستي الجمهورية والبرلمان في العراق، يخضع لشروط وضعت في الدستور، الذي صوت عليه الشعب عام 2005، وتتمثل بأن يبدأ انتخاب رئيس الجمهورية أولا، على أن يتم ذلك بثلثي عدد اعضاء مجلس النواب، ومن ثم يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة، ومن ثم بعد ذلك يصوت البرلمان على المرشح بعد طرحه لمنهاجه الوزاري وتشكيلته الحكومية.

ولغاية الآن لم تستطع أي جهة سياسية أن تصل الى عدد مقارب لعدد ثلثي اعضاء مجلس النواب وهو 218 نائبا، بل تعيش الكتل السياسية حالة تأزم وانقسام، نظرا لفارق عدد الأصوات بينها، وهو الأمر الذي دفع قوى الإطار التنسيقي الذي يضم القوى الشيعية باستثناء التيار الصدري، الى رفض نتائج الانتخابات وتحريك احتجاجات شعبية

وعادة ما يكون تمرير الرئاسات عبر التوافق، وهذا ما جرى في عام 2018، حيث جرى جدل كبير بشأن الكتلة الأكبر، وحصر التنافس بين تحالف سائرون بزعامة مقتدى الصدر وتحالف الفتح بزعامة هادي العامري، وفي نهاية المطاف، جرى تشكيل الحكومة بآلية “التوافق” دون حسم الكتلة الأكبر صاحبة الحق بتشكيل الحكومات وفقا للدستور العراقي.

وتجدد اللغط حول الكتلة الأكبر، عقب استقالة رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي، على خلفية تظاهرات تشرين الأول أكتوبر 2019، وفي حينها أبلغ تحالف سائرون رئيس الجمهورية برهم صالح، بأحقيته في ترشيح رئيس حكومة جديد، لأنه الكتلة الأكبر في البرلمان، وهو ما رفضه تحالف سائرون بزعامة مقتدى الصدر، فاستمرت الخلافات حيث كلف صالح شخصيتين لتشكيل الحكومة هما محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي، إلا أنهما انسحبا عقب التكليف، حتى وقع الاختيار على مصطفى الكاظمي، لتشكيل الحكومة، وقد كلفه صالح بحضور كافة زعماء القوى السياسية، وبآلية “التوافق“.

الى ذلك، يبين عضو المكتب السياسي لحركة عصائب أهل الحق سعد السعدي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “خيار المعارضة لم يطرح لغاية الان، ولا زلنا ننتظر حسم الطعون بنتائج الانتخابات“.

ويردف السعدي “تحالفنا مع دولة القانون وبعض القوى الشيعية ضمن الإطار التنسيقي، حيث وصلنا الى 80 مقعدا نيابيا، لكن لا تستطيع أية جهة أن تشكل حكومة بهذا العدد من المقاعد، لذا لابد من توافق واشتراك جميع القوى الشيعية لتشكيل الحكومة”، مبينا أن “كل السنوات السابقة شهدنا فيها هذا التوافق على اختيار رئيس الوزراء، وهو ما سيحصل الآن ضمن الحكومة المقبلة“.

يشار الى أن زعيم حركة عصائب اهل الحق قيس الخزعلي ورئيس تحالف الفتح هادي العامري، وجها يوم أمس شكرهما الى المحتجين على نتائج الانتخابات، فضلا عن تأكيدها أن الاحتجاجات كانت سلمية ولم تؤثر على المصالح العامة، وذلك بعد مرور يوم على تحولها الاحتجاجات الى اعتصام مفتوح.

ويتمسك التيار الصدري بأحقيته في تشكيل الحكومة، لكونه الكتلة الأكثر عددا وفق نتائج الانتخابات، حيث حصل على نحو 72 مقعدا فيما حصل منافسه تحالف الفتح على 15 مقعدا نيابيا فقط.

إقرأ أيضا