من خيمة “التيار” الى خيمة “الإطار”.. هشاشة النظام السياسي في العراق

بعد مرور خمس سنوات على خيمة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر التي نصبها أمام المنطقة…

بعد مرور خمس سنوات على خيمة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر التي نصبها أمام المنطقة الخضراء، يتكرر مشهد نصب سرادق الاعتصام السياسي على مشارف ذات المنطقة التي تضم مباني حكومية وبعثات دولية، من قبل تحالف الفتح بزعامة هادي العامري، الساعي للضغط على الصدر لإعادته الى “البيت الشيعي” لتحقيق مكاسب سياسية، في ظل توقعات بمواجهة الصدر لهذا النوع من الضغط بضغط آخر، يتمثل بتخطيطه لشق أطراف “الإطار التنسيقي” (الشيعي)، كما يقول خبراء سياسيون.

ويقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الخيمة الحالية التي نصبت أمام المنطقة الخضراء، هي لغرض ممارسة الضغوط، ليس فقط على مفوضية الانتخابات، التي بدت متماسكة ومتمسكة بالنتائج التي أظهرتها الانتخابات، ولكن الضغوط الكبيرة تمارس على الكتلة الصدرية“.

ويضيف الشمري، أن “هدف الضغط، هو إعادة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الى ما يمكن أن نسميه البيت السياسي الشيعي، أو الإطار التنسيقي، وهذا ما سيتيح لتلك القوى التحالف معه مجددا والانطلاق بتوافق سياسي يمكنها من إيجاد مساحة في الحكومة المقبلة، ويحصنهم سياسيا“.

وحول الفرق بين نتائج هذا الاعتصام وبين الاعتصام الذي نفذه الصدر أمام المنطقة الخضراء في عام 2016، يبين الشمري، أن “هذه التظاهرات لن يكون لها تأثير كبير جدا، فالنتائج لن تتغير، وحتى الصدر قد يحتوي جزءا من الإطار التنسيقي الحالي، ولكنه في النهاية لن يرضخ لبعض الأطراف أو الفصائل المسلحة التي ترفض النتائج إلا باشتراطات قد يضعها الصدر وكتلته“.

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قد بدأ اعتصاما امام المنطقة الخضراء في اذار مارس 2016، حيث نصب خيمة داخل سور المنطقة المحصنة، فيما بقي أنصاره خارج سورها، واستمر اعتصامه آنذاك لأيام عديدة، وكان يهدف للضغط على حكومة حيدر العبادي من أجل إجراء إصلاحات وتعديل وزاري.

وأدى اعتصام الصدر في حينها، إلى إطلاق العبادي حزمة إصلاحات، فضلا عن إجرائه تعديلا وزاريا، حظي بموافقة البرلمان في آب اغسطس من ذلك العام.

وبالعودة الى الوقت الراهن، فقد بدأت احتجاجات منذ أيام في العاصمة بغداد ومدن الوسط والجنوب، لمطالبة الانتخابات بفرز وعد أصوات الانتخابات بشكل يدوي في عموم البلد، وذلك بدفع من قبل قوى الإطار التنسيقي، الذي يضم أغلب القوى الشيعية باستثناء التيار الصدري.

وتحولت منذ يومين هذه الاحتجاجات الى اعتصام مفتوح أمام المنطقة الخضراء، وذلك نتيجة لرفض تحالف الفتح والقوى المنضوية معه، لنتائج الانتخابات واكدوا وجود تزوير وتلاعب كبير فيها.

يشار الى أن الكتلة الصدرية المرتبطة بالتيار الصدري حصلت على 72 مقعدا نيابيا، فيما حصل تحالف الفتح بزعامة هادي العامري، على 15 مقعدا نيابيا، وحصل تحالف قوى الدولة المكون من تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم وائتلاف النصر برئاسة حيدر العبادي على 4 مقاعد نيابية فقط.

فروق الاعتصامات

الى ذلك، يبين الخبير الستراتيجي خالد المعيني في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراقيين حديثو عهد بظاهرة الاعتصامات، ورغم أنها حق دستوري طالما كانت في إطار السلمية وضمن القانون، لكن هناك فرق كبير بين اعتصام وآخر“.

ويوضح المعيني، أن “النوع الأول من الاعتصامات هو ما يقوم بها الشعب، نتيجة رفضه للواقع الذي يعيشه، من دون أجندات سياسية، وهذا واضح من خلال ردات الفعل الشعبية الكبيرة التي تحدث باستمرار، وكان اخرها تظاهرات تشرين الأول أكتوبر 2019 وهي تعبير نقي دون تسييس أو دعم من أية جهة سياسية، ولكن الأحزاب السياسية حاولت مرارا توظيف تلك الاعتصامات لصالحها، لأن الحراك الشعبي لم يكن منظما، وقد أسميت في حينها بركوب الموجة“.

ويتابع “النوع الثاني من الاعتصامات، هو ما تقوم به أحزاب مستفيدة من الوضع السياسي ورافضة لنتائج الانتخابات، ومن ضمنها الاعتصامات الجارية الآن، والهادفة لتحسين شروط التفاوض والحصول على مغانم سياسية أو مقاعد نيابية”، مؤكدا “نحن أمام صنفين من الاعتصامات، الأولى نابعة من صميم الشعب العراقي، وأخرى يتم توظيفها للحصول على مكاسب ضيقة“.

يذكر أن العراق شهد عشرات التظاهرات الشعبية العفوية، احتجاجا على تردي الخدمات وسطوة الأحزاب على مفاصل الدولة والموارد الاقتصادية، وشهدت أغلبها مواجهة عنيفة من قبل القوات الأمنية، وكانت أبرزها تظاهرات البصرة عام 2018، خلال حكومة حيدر العبادي، وتظاهرات تشرين في 2019، في عهد حكومة عادل عبد المهدي.

يشار الى أن تظاهرات تشرين الأول أكتوبر 2019، كانت الأبرز والأشد وقعا في العراق، حيث أدت الى تقديم عبدالمهدي استقالة حكومته، فضلا عن مواجهة الأحزاب الحاكمة وحرق مقارهم في مدن الوسط والجنوب، فضلا عن مقتل نحو 600 متظاهر فيها وإصابة 26 ألفا آخرين، جراء القمع من الأجهزة الأمنية.

إقرأ أيضا