فائض الموازنة يسد عجز الإيرادات غير النفطية ويكشف عن فشل الحكومة بجنيها

يتجدد السؤال عن مصير الفائض المالي الذي تحقق للعراق في العام الحالي، عقب ارتفاع أسعار…

يتجدد السؤال عن مصير الفائض المالي الذي تحقق للعراق في العام الحالي، عقب ارتفاع أسعار النفط عالميا، وإذ كان من المفترض أن يسد العجز المالي في الموازنة والمقدر بـ20 مليار دولار، كشف المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة أن الفائض ذهب لسد عجز إضافي آخر، لا يقل عن 10 مليارات دولار، وهو حجم الإيرادات غير النفطية التي لم يجن العراق منها سوى أقل من 30 بالمئة من المتوقع، فيما أكدت اللجنة المالية النيابية السابقة، أن قانون الموازنة حصر مسارات إنفاق الفائض منها في تغطية صناديق إعمار ذي قار والبترودولار، بالاضافة الى منع الحكومة من مناقلتها.

ويقول مظهر محمد صالح، المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “أسعار النفط ارتفعت بالتدريج، وقد عوضت مصروفات حكومية لم توجد مقابلها إيرادات أساسا، لكون العجز في الموازنة بلغ 29 تريليون دينار (نحو 20 مليار دولار)، فبدلاً من اللجوء الى الاقتراض لسد العجز المخطط، عوضت الحكومة هذا الأمر بزيادة الايرادات النفطية جراء ارتفاع أسعار النفط فوق السعر المقر بالموازنة”.

ويضيف صالح، أن “التعويض بدأ من 7 دولارات فوق سعر النفط المقر في الموازنة البالغ 45 دولارا، وصولا الى 30– 35 دولارا فوق السعر”، لافتا الى أن “الموازنة التي بلغ سقف إنفاقها الكلي بما يزيد عن 129 ترليون دينار (نحو 90 مليار دولار) خصصت إيرادات غير نفطية من ضرائب ورسوم وتدفقات مالية أخرى بمقدار 20 تريليون دينار (نحو 15 مليار دولار)، لكن يبدو حتى اللحظة، أن الموازنة لم تجنِ إلا على ما هو أقل من 30 بالمائة من التقديرات المتوقعة من تلك الإيرادات وهي 20 تريليون دينار (أي نحو ستة تريليونات دينار فقط)، الأمر الذي أضاف عبئاً آخر على العجز التخطيطي، وهو عجز فعلي في الايرادات غير النفطية”.

ويوضح أن “هذا أضاف عجزا مضافا يبلغ 13– 14 تريليون دينار، وكأنما العجز الكلي قد ارتفع الى 43 تريليون دينار (نحو 30 مليار دولار)، بدلا من 29 تريليون دينار، وهذا يعني أن فروقات أسعار النفط قد سدت فروقات الإيرادات غير المتحققة من خارج إيرادات النفط، إذ أن سقف الإنفاق يتحدد في ضوء موارد الموازنة”، منوها الى أن “الشيء المختلف هو عدم الذهاب الى الاقتراض لسد العجز، بل الاستفادة من التدفقات النقدية الناجمة عن ارتفاع فروقات أسعار النفط للتعويض عن الاقتراض، وهو الريع كما يعرف الجميع”.   

وكانت موازنة العام الحالي، أقرت باعتماد سعر النفط 45 دولارا، وبعجز قدر بـ29 ترليون دينار، لكن سرعان ما شهدت أسعار النفط ارتفاعا ملحوظا، الأمر الذي أدى الى إلغاء العجز بحسب تصريح صالح لـ”العالم الجديد” في وقت سابق.

ويرتبط العراق عبر 24 منفذا حدوديا بريا وبحريا مع الدول الست المجاورة له، وهي الكويت، السعودية، الأردن، سورية، تركيا، وإيران، وبحسب عضو اللجنة المالية النيابية السابقة جمال كوجر، فقد صرح العام الماضي، أن التقديرات التخمينية تشير الى أن إيرادات المنافذ الحدودية تتراوح من 12- 16 مليار دولار سنويا، لكن ما يصل الى خزينة الدولة هو أقل من ملياري دولار أي فقدان أكثر من 10 مليارات دولار على الأقل.

جدير بالذكر، أنه في تموز يوليو 2020، أعلن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، أن “الحكومة ستلاحق الأشباح التي كانت تنقل شاحنات البضائع من دون دفع رسوم جمركية”، وأمر بإطلاق النار عليهم، وذلك خلال زيارته الى منفذ مندلي الحدودي مع ايران، في محافظة ديالى شرقي العراق، وبعدها بثلاثة أيام زار الكاظمي محافظة البصرة، وأعلن منها أن “موانئ العراق ستكون تحت سلطة الدولة، مشيرا إلى أن الجيش سيحمي المنافذ”.

\

وكانت “العالم الجديد”، كفت في تقريرها “الكاظمي ميتر”، الذي رصد الاداء الحكومي، عن إخفاق الحكومة بالسيطرة على المنافذ الحدودية ورفد الدولة بالاموال المتحصلة منها، جراء سيطرة جهات معينة عليها.

يشار الى أن النائب السابق ناجي السعيدي، كشف في أيلول سبتمبر الماضي، عن وجود فائض في الموازنة، وأنه سيستخدم في إطلاق علاوات وترفيعات الموظفين.

الى ذلك، يبين عضو اللجنة المالية النيابية النائب السابق عبدالهادي السعداوي، في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “موازنة 2021 وضعت بندا ينص على أن كل الأموال التي تزيد على سعر البرميل، وهو 45 دولارا لابد أن تذهب باتجاهين، الأول هو تغطية الصناديق ومن ضمنها صندوق إعمار ذي قار وإعمار المناطق المحررة وصناديق البترودولار”. 

ويتابع السعداوي، أن “الاتجاه الآخر هو لتغطية العجز في الموازنة الاتحادية، إذ أن اللجنة المالية آنذاك وضعت بندا في الموازنة يمنع رئيس الوزراء أو مجلس الوزراء أو وزير المالية بمناقلة هذه الأموال والتصرف بها، أي أوقفت المناقلة بالنسبة للفائض في الموازنة”.

وينوه الى أن “كل الأموال المتوفرة اتجهت لتغطية هذين الجانبين دون السماح للجهات المذكورة أعلاه بالمناقلة فيها”.

يذكر أن الحكومة قدمت طعنا ببعض بنود الموازنة لدى المحكمة الاتحادية، ووفقا لتصريحات حكومية، فان الطعن يخص مواد “تعيق تنفيذ الورقة البيضاء التي أعلنتها الحكومة سابقا”.

ومن أبرز المواد التي طعنت الحكومة بها هي “البترودولار” و”دعم الفلاحين”، واللتان تعدان من القضايا المحورية للمحافظات الوسطى والجنوبية.

ولغاية الآن لم تحسم المحكمة الاتحادية الطعن الحكومي في الموازنة، وقد أجلت القرار لأكثر من مرة، ما أدى الى تعطل تفعيل هذه البنود، نظرا لصدور أمر ولائي من الحكومة بإيقافها.

يشار الى أن صندوق إعمار ذي قار لم يتم تفعيله أيضا لغاية الآن، وبحسب مسؤولين محليين، فان المحافظة لم تشهد أي حركة أو إطلاق أموال لإعمارها.

كما شكت محافظات الوسط والجنوب في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، من عدم إطلاق التخصيصات لمشاريعهم، حيث حولت تخصيصاتهم في الموازنة الى مشاريع، وما زالت معلقة لغاية الآن، رغم مفاتحة الجهات المعنية بأكثر من كتاب رسمي، وسفر المحافظين الى بغداد بغية إطلاق أموال المشاريع المقرة في الموازنة، لكن دون جدوى.

إقرأ أيضا