فضائياتنا والتخمة السياسية..!

تفتقر أكثر الفضائيات العراقية لرسم منهاج نوعي يعطي ساعات بث مغايرة خلال شهر رمضان الفضيل، وحين نضع لها حسنة البحث عن الجديد، او تجهيز منهاج رمضان بانتاج خاص بها، لكنها تفتقد عنصر مهم جدا وهو تشويق المتلقي وكسبه في برامج مريحة خفيفة ظل..!

تتركز أهتمامات العائلة العراقية بنحو عام في رمضان على متابعة أربع قنوات عراقية، تأتي حسب الرغبة بعد قناة ال أم بي سي، وهي قناة الشرقية والبغدادية والسومرية والرشيد.

امتياز هذه القنوات أنها تعطي مساحة من الترويح للمشاهد في برامج ذات طابع ترفيهي وكوميدي يلامس نبض الشارع العراقي، كما تبتعد عن أية نزعة طائفية او حزبية مكشوفة، بل تحاول أخفاء توجهات أصحابها بأرضاء المتلقي بما يناسب أهوائه واحتياجاته، بخلاف قناة العراقية وبقية القنوات الحزبية او الطائفية التي لا ترضي سوى نفسها في تواطؤ معلن ضد النجاح.

الأزمة الحقيقية التي كشفتها الفضائيات العراقية في هذا الشهر أزمة ثقافية وحضارية بوضوح تام، اذ شهدت برامجها الجادة والكوميدية على حد سواء، تخمة سياسية بأمتياز..! 

السمة العامة لهذه البرامج تأتي في مقابلات مع اعضاء مجلس النواب او مسؤولين كبار في الدولة، وزراء او كبار المسؤولين السياسيين، ومثال هذا ما نراه في قناة البغدادية التي تعطي من مسائها ثلاث ساعات ونصف لبرامج من هذا النوع، واذا انتقلنا لقناة الشرقية نجد ذات الطغيان، ولكن في طابع كوميدي ساخر كما في البرامج اليومية (ابو لسان) و(مطبخ بن سمينة) و(شلش في حي التنك) وهكذا الحال في بقية القنوات.

هذه علامة صريحة لحقيقة مفادها؛ أن بلادنا تشكو من غياب نجوم الغناء والسينما والمسرح والرياضة والأدب والعلوم والثقافة، ولا يتاح الفضاء فيها سوى لفرسان السياسة ورجال الدين.

إنفصام الشخصية اصبح يضرب المجتمع باليباب، ويحقق معادلة وجود مجتمعين أحدهما ظاهري نفاقي يتماشى مع السياق السياسي والديني، والآخر في الظل بعيد عن عيون الفضائيات، يتكون على نحو مضاد للأول ويذهب بأتجاهات متنوعة لكنه يتفق على متابعة قناة ال أم بي سي…!؟

ظاهرة خطيرة جدا، استمرارها يعني موت المجتمع العراقي وظهور مجتمع آخر، مجتمع نفاقي بربري متوحش..!

هذا جرس أنذار أخير يجب ان يتنبه له اصحاب الفضائيات باعتبارهم قادة للرأي العام ايضا.

Falah.almashal@facebook.com

إقرأ أيضا