كليات الطب الأهلية.. ملجأ المتفوقين الميسورين بعد إغلاق الجامعات الحكومية أبوابها

تضيق فرص المتفوقين من خريجي الإعداديات العلمية في تحقيق أحلامهم الدراسية، بسبب تضاؤل قدرة كليات…

تضيق فرص المتفوقين من خريجي الإعداديات العلمية في تحقيق أحلامهم الدراسية، بسبب تضاؤل قدرة كليات الطب الحكومية على استيعابهم، ما يضطرهم وخصوصا الميسورين منهم للجوء الى كليات أهلية لا تراعي تفوقهم وتميزهم، بل يجدون أنفسهم بمساواة أصحاب المعدلات الواطئة من حيث الدراسة ودفع الأقساط المالية، وسط ارتفاع عدد طلاب الطب الى مستويات قياسية مقارنة بالعقد الماضي. 

ويقول التدريسي في كلية الإسراء الأهلية حيدر الماجدي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الكل سواسية، لا يوجد امتياز أو استثناء، ولكن هناك ما يعرف بالمنحة المجانية بالنسبة للطلاب الذين لم يقبلوا في كليات الطب أو الصيدلة الحكومية ويلجأون للكليات الأهلية”.

ويضيف الماجدي، أن “هذه المنحة المجانية تفتحها الكليات الأهلية بمقاعد محددة، وهذا هو الامتياز الوحيد الموجود، ويكون غالبا وفقا للطاقة الاستيعابية للكلية نفسها، مع مراعاة ضوابط، وتشمل ذوي الشهداء أو الأسر المتعففة”.

ويردف “في حال كانت معدلات بعض الطلاب عالية، وهم من العوائل المتعففة، فقد يتم منحهم تخفيضا بنسبة معينة تصل إلى 25 بالمائة”.

يشار الى أن معدلات القبول في المجموعة الطبية أو كلية الصيدلية، تضيق عاما بعد آخر، حتى باتت هذه الكليات لا تقبل أي معدل دون 99، ما يدفع الطلاب الذين معدلاتهم أقل بدرجة أو درجتين للتوجه الى الكليات الأهلية لغرض دراسة هذه الاختصاصات.

ويروي أبومحمد، وهو أب لأحد خريجي الدراسة الإعدادية بمعدل 98، معاناته مع هذا الأمر، خلال حديثه لـ”العالم الجديد”، قائلا إن “معدل ابني البكر، ورغم فرحتنا به باعتباره قريبا من تحقيق حلمه بدراسة الصيدلة أو الطب في الجامعات الحكومية، لكننا صدمنا بعدم قبوله بأي منها”. 

ويستطرد “اضطررت رغم حالتي المادية المتوسطة، الى البحث له عن كلية أهلية لدراسة هذا الاختصاص، لكن ما أشعرني بالحزن هو وجود طلاب معدلاتهم أقل من معدل ابني بكثير، حيث تصل الى 80 يدرسون في كليات الطب الأهلية، وهذا ظلم، إذ تساوى الطالب المجتهد والذي قضى وقته بالدراسة ليحصل على معدل عال، مع الطلاب الآخرين”.

ويناشد “الكليات الأهلية بخفض القسط السنوي، نظرا لأن معدل ابني مرتفع، لكنهم رفضوا وأكدوا أن مبالغ القسط تكون ذاتها لجميع الطلبة بغض النظر عن المعدل، فأين العدالة بهذا الأمر”.  

وكان وزير التخطيط خالد بتال، قد كشف في آب أغسطس الماضي، أن التعليم الجامعي الحكومي لم يعد قادرا على استيعاب الطلبة المتخرجين من الدراسة الإعدادية، حيث تتضاعف أعدادهم كل عام، وذلك في وقت بلغت حصة التعليم الجامعي الأهلي الى حوالي 30 بالمائة من الطلبة المقبولين سنويا، والهدف هو أن نرفع هذه النسبة الى 50 بالمائة؜، لكن بلا تهاون في تحقيق الرصانة العلمية المطلوبة للجامعات الاهلية.

من جانبه، يبين التدريسي في كلية الطب بالجامعة المستنصرية الحكومية سمير لعيبي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “عدد الخريجين كبير جدا، ولو قامت الحكومة بإيجاد آلية لقبول أغلبهم في المجموعة الطبية، فهنا سنخلق فجوة على مستوى الاختصاصات، إذ أن الدولة بحاجة لجميع الاختصاصات”.

ويضيف لعيبي “في السابق حينما تخرجت ودخلت كلية الطب كان عدد الطلاب 59 طالبا في المرحلة الأولى، ولكن بدأ العدد يتصاعد، حيث وصل العام الماضي الى 250 طالبا في المرحلة الأولى، وهذا يعني مضاعفة سعة القبول حوالي 4 مرات”.

ويشير الى أن “كلية طب المستنصرية، كانت دفعتها 1100 طالب في العام الماضي، وبالتالي فان الحكومة لا تستطيع إجراء توسعة أكثر من ذلك”، متابعا أن “المشكلة الأخرى هي أن التعيينات متوقفة الآن، إضافة الى أن كل 10 طلاب أو أكثر يجب أن يكون لهم تدريسي واحد، ولكن أنا شخصيا لدي 240 طالبا الآن، وهذا العدد سيتضاعف خلال السنة الحالية إلى ما يقارب 400 طالب لكل تدريسي، والتوسعة بشكل أكثر سنخلق مشكلة كبيرة جداً”.

يذكر أن عضو لجنة التعليم النيابية السابقة رياض المسعودي، أكد في حديث سابق لـ”العالم الجديد”، أن أعداد الجامعات في العراق تبلغ الآن 37 جامعة، فيما تبلغ الحاجة الفعلية للبلد 80 جامعة، ما يجعل العجز كبيرا.

وفي السنوات الأخيرة، افتتحت في العراق مئات الكليات الاهلية وبمختلف الاختصاصات، وبدأت باستقبال خريجي الدراسة الاعدادية أصحاب المعدلات المتدنية، أو الذين يرغبون بدراسة اختصاص معين، لكن معدلهم أقل من المسموح به في الجامعات الحكومية.

وتعليقا على الموضوع، يبين نقيب الأطباء جاسم العزاوي، في حديثه لـ”العالم الجديد”، أن “وزارة التعليم العالي ضاعفت نسب القبول لكل الكليات الطبية، من 3500 طالب، الى أكثر من سبعة آلاف من أجل استيعاب أكبر عدد من الطلاب”.

ويردف العزاوي “أما بالنسبة لكليات الطب الأهلية، فهي لحد الآن لا تستطيع استيعاب أكثر من 50 طالبا، وإمكانياتها قليلة”، متوقعا أن “تكون مستويات الطلبة فيها أقل من التعليم الحكومي”.

وبشأن تعيين خريجي كليات الطب الأهلية، يؤكد أن “تعيينهم مركزي وهو مستمر، ولكن في حال زيادة الأعداد بشكل كبير، كما هو حاصل حاليا، فانه سيتم اللجوء الى قانون التدرج الطبي، ووفق آليات معينة لاستيعاب كل الخريجيين”.

وحول أعداد خريجي الكليات الطبية في الأعوام الماضية، يوضح نقيب الأطباء، أن “أعداد خريجي العام الماضي، بلغ 3500 طالب، فيما بلغت أعدادهم في العام الذي سبقه 2400 طالب، والأعداد في تزايد سنوي مستمر”، مشيرا الى أن “هذه الأعداد تتزايد، في وقت تنعدم فيه خطط إنشاء مستشفيات وكليات جديدة، وهذه مشكلة كبيرة”.

وفيما تنتشر كليات طب الأسنان في كثير من الجامعات الأهلية، يشير نقيب الأطباء الى أن “هناك ثلاث كليات أهلية فقط هي من تدرس الطب العام، ولدينا ملاحظات عليها، لأنها لم تهيئ المتطلبات اللازمة، وهي كليات: العميد، وزين العابدين، والوارث، وكلها في كربلاء وتابعة للعتبات المقدسة (الحسينية والعباسية)”.

وتمتلك العتبتان الحسينية والعباسية في محافظة كربلاء العديد من المؤسسات والمنشآت والوكالات العلمية والتربوية والتجارية والاستثمارية، ويتولاهما ممثلان للمرجع الأعلى في النجف علي السيستاني.

وكان الدكتور سمير الدراجي، وهو تدريسي في كلية طب الاسنان بالجامعة المستنصرية، أكد في آذار مارس الماضي لـ”العالم الجديد”، أن بعض الجامعات المرغوبة داخل العراق ترفع مستويات معدلات القبول فيها لاستيعاب عدد أقل من الطلاب، في حين تعمل بعض الكليات الأهلية بعكس هذا النظام، حيث أنها تخفض من معدلات القبول فيها لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الطلاب.

إقرأ أيضا