مفاوضات تشكيل الحكومة تتعثر.. والإطار يسارع لـ”التدارك” بغياب الكتل الفائزة

أصيبت المفاوضات الهادفة لتشكيل الحكومة بالشلل بعد تصاعد التوتر السياسي والأمني من قبل الجهات الرافضة…

أصيبت المفاوضات الهادفة لتشكيل الحكومة بالشلل بعد تصاعد التوتر السياسي والأمني من قبل الجهات الرافضة لنتائج الانتخابات الأخيرة، وبلغ ذروته من خلال محاولة اغتيال رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، الأمر الذي حفز قوى “الإطار التنسيقي” لتدارك الموقف، وفيما أكد الحزب الديمقراطي الكردستاني من جانبه، استئناف المفاوضات بعد المصادقة على نتائج الانتخابات، كشف التيار الصدري أن مفاوضات زعيمه مقتدى الصدر وصلت الى “اتفاقات نهائية” مع الكتل الأخرى، وهو ما لم يؤكده أي طرف.

ويقول القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني محسن السعدون خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، كان لها صدى وتأثير كبير ليس على مستوى العراق فقط، وإنما لاقت استنكارا من الدول القريبة والبعيدة من العراق، وهذا الحدث أثر على جميع المحادثات والمفاوضات، سواء المحادثات بين الحزب الديمقراطي والكتل الفائزة أو المحادثات بين الكتل الأخرى“.

ويضيف السعدون، أن “هذه المفاوضات يجب أن تتم في أجواء هادئة تستطيع الكتل فيها أن تتفاهم وتخطط معا للمستقبل وتشكل الحكومة، وليس في أجواء قصف وطائرات واغتيالات واستهداف لرئيس الوزراء”، مبينا أن “الحزب الديمقراطي التقى بأكثر عدد من القادة السياسيين في بغداد، منهم وفد الكتلة الصدرية ورئيس تحالف تقدم محمد الحلبوسي ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، إضافة إلى كتلة عزم وعدد من الكتل الأخرى، وحدث خلال الاجتماعات استعراض لوجهات النظر حول كيفية التخطيط للمرحلة المقبلة“.

ويعزو توقف جميع هذه المحادثات حاليا، الى “محاولة اغتيال الكاظمي”، لافتا الى أن “الكل يتطلع الى مرحلة أكثر اطمئنانا، ولا تتكرر فيها مثل هذه الحوادث، إذ سيتم استئناف المفاوضات والمباحثات حينها، وسوف تشهد المرحلة القادمة نقاشا حول تشكيل الحكومة وتحديد الكتلة الأكبر، بعد اختيار رئيس للبرلمان“.

يذكر أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ووفد الحزب الديمقراطي الكردستاني، وصلا بالتزامن الى العاصمة بغداد، وبدأ عقد الاجتماعات بين زعماء القوى السياسية، قبل يومين من أحداث مداخل المنطقة الخضراء، التي جرت يوم الجمعة الماضي، حيث حاول مؤيدو الإطار التنسيقي اقتحام المنطقة الدولية (الخضراء)، وهو ما واجهته قوات مكافحة الشغب بالرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع وأدى الى سقوط مئات الجرحى ومقتل مساعد آمر لواء في حركة عصائب أهل الحق.

ولم تمض 24 ساعة على تلك الأحداث الدموية، حتى جرت محاولة اغتيال رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، فجر أمس الأول الأحد، بثلاث طائرات مسيرة، تم إسقاط اثنين منها فيما استهدفت الثالثة المنزل وتسببت بأضرار مادية فقط.

وازدادت الأوضاع السياسية والأمنية توترا عقب محاولة الاغتيال، فيما توجه أغلب قادة الكتل السياسية الى مجلس العزاء الذي أقامته حركة عصائب أهل الحق التي يتزعمها قيس الخزعلي، لتأبين أحد قيادييها الذين قضوا في أحداث اقتحام المنطقة الخضراء برصاص القوات الحكومية.

يذكر أن منزل رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، ضم أمس الاثنين، اجتماعا حضره قادة الإطار التنسيقي، بمن فيهم رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي والأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري، وقادة الفصائل المسلحة ورئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، للتأكيد على التهدئية وحل الإشكالات بالتفاهم، وسط غياب التيار الصدري وحزب تقدم برئاسة محمد الحلبوسي.

وأصدر الإطار التنسيقي عقب الاجتماع، بيانا دان فيه “جريمة استهداف المتظاهرين وطالب بإكمال التحقيقات القضائية المتعلقة بها ومحاسبة المتورطين بهذه الجريمة”، كما دان أيضا “جريمة استهداف منزل رئيس الوزراء واكمال التحقيق بها، وخفض التوتر وإيقاف التصعيد الاعلامي من جميع الاطراف وإزالة جميع مظاهر الاستفزاز في الشارع، والبحث عن معالجات قانونية لأزمة نتائج الانتخابات غير الموضوعية“.

وبالتزامن مع هذا الاجتماع، عمد أنصار الإطار التنسيقي المعتصمون أمام المنطقة الخضراء، الى وضع سواتر (أكياس من الرمل)، أحاطت بها أماكن الاعتصام في مشهد يشبه جبهات القتال.

وقد أصدر مكتب الصدر بيانا نفى فيه الأنباء التي تم تداولها بشأن حضور ممثل عنه في هذا الاجتماع، كما نفى ايضا وصول زعيمه مقتدى الصدر الى أربيل، وذلك بعد الأنباء التي تواردت بهذا الشأن.

الى ذلك، يبين القيادي في التيار الصدري عصام حسين خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “الأحداث التي جرت خلال الأيام الماضية، ستسرع من تشكيل الحكومة، على اعتبار أن الازمة بدأت تتصاعد، خصوصا بعد المشادة بين المتظاهرين والقوات الأمنية واستهداف منزل الكاظمي، وهذا يعني أن هناك جهات تريد إدخال العراق بصراعات حتى تخرج بأفضل الحلول لأحزابها“.

ويلفت حسين، الى أن “قضية الاعتراض على نتائج الانتخابات كانت البداية ووصلت الى حد استهداف للكاظمي، وهذا أمر خطير جدا، وعليه ستتشكل الحكومة باسرع وقت لضبط إيقاع هذه الجماعات”، مؤكدا أن “المفاوضات سيتم استئنافها بعد المصادقة على نتائج الانتخابات من قبل المحكمة الاتحادية، على اعتبار أن الجلسة الأولى للبرلمان، يجب أن تشهد اختيار رئيسه، وبعدها ستستمر مفاوضات تشكيل الحكومة“.

وينوه الى أن “زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وضع الحدود النهائية للاتفاقيات السياسية مع باقي الكتل التي تفاوض معها، ولم يتبق سوى الإعلان عن الكتلة الأكبر واختيار رئيس البرلمان فقط“. 

وللتأكد من هذه المعلومة، اتصلت “العالم الجديد” مع الجهة الأبرز لتولي منصب رئيس البرلمان، وهي تحالف تقدم برئاسة محمد الحلبوسي، لكن أعضاء التحالف أبلغوا الصحيفة بمنعهم من التصريح في الفترة الحالية.

يذكر أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قد قطع زيارته الى العاصمة بغداد، بعد ساعات من أحداث المنطقة الخضراء يوم الجمعة الماضي، وعاد الى النجف، وسط تأكيد صدري في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، بأن الحلبوسي سيزور الحنانة (منطقة إقامة الصدر في النجف) خلال الأيام المقبلة.

يشار الى أن الصدر والحلبوسي وعمار الحكيم (زعيم تيار الحكمة)، وحيدر العبادي (رئيس ائتلاف النصر)، ومسعود بارزاني (زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني)، قد وقعوا في شهر آب أغسطس الماضي، على وثيقة، أعلن على إثرها الصدر العودة للمشاركة في الانتخابات التي قرر الانسحاب منها في تموز يوليو الماضي.

إقرأ أيضا