إقليم كردستان يشهد أكبر هجرة الى أوروبا منذ 3 عقود.. ما الأسباب؟

موجة هجرة يشهدها إقليم كردستان العراق، أعادت الى الأذهان مشاهد موجة الهجرة التي حدثت في…

موجة هجرة يشهدها إقليم كردستان العراق، أعادت الى الأذهان مشاهد موجة الهجرة التي حدثت في تسعينيات القرن الماضي، خلال ذروة الصراع بين الحزبين الرئيسين في الإقليم، لتفتح الحديث عن المشاكل السياسية والاقتصادية التي يعاني من الإقليم، وسط تحميل الحكومة المسؤولية، من قبل قياديين ومحلليين سياسيين كرد، أكدوا المعالجات بحاجة لإصلاحات حقيقية وليس شعارات ووعودا.

ويقول المحلل السياسي الكردي شاهو القره داغي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “أول موجات الهجرة كانت في تسعينيات القرن الماضي، عندما مر العراق بظروف اقتصادية صعبة ودخل الحزبان الحاكمان بالاقليم في حرب طاحنة، ما دفع الشباب إلى الهروب للخارج، والآن نرى أن الموجة تتكرر على الرغم من أن النظام العراقي السابق انتهى وحل محله نظام ديمقراطي، وهو ما ينادي به الحزبان الآن، لكن يبدو أن هذه شعارات لا تترجم فعليا على أرض الواقع”.

يشار إلى أن أكبر موجة هجرة شهدها الإقليم في تسعينيات القرن الماضي، بعد الصراع المسلح بين الحزبين الرئيسين: الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين.

ويضيف القره داغي، أن “انتشار البطالة وعدم وجود أي أفق للشباب وعدم شعورهم أن هذا الوطن هو وطنهم، بالاضافة الى المشاكل الاقتصادية واحتكار السلطة والسيطرة على المرافق الأساسية والمحسوبية، كل هذه العوامل تولد اليأس لدى الشباب ويتجه للتفكير بحياة أفضل في الخارج”.  

ويؤكد أن “هناك وعودا حكومية بمتابعة الأمر، ولكن هذه القضية لا تعالج بالشعارات والوعود، بل بإصلاحات جذرية، فالمواطن الآن لا يشعر بأي انتماء لهذه الدولة ويلجأ للهروب والبحث عن حياة افضل”.  

ومنذ أيام انتشرت صور عن موجة هجرة جماعية من إقليم كردستان، باتجاه الحدود البولندية– البيلاروسية، ما أثار ردود فعل من بولندا، دفعت حكومة الإقليم الى الرد سريعا، وعبر أكثر من مؤتمر صحفي، حيث بين المتحدث باسمها جوتيار عادل، أمس الأربعاء، بأن حكومته جادة وحريصة على متابعة هذا الموضوع، وأن هناك اتصالات على مستوى وزارة الخارجية العراقية وسفارات الدول وخاصة بيلاروسيا عن طريق سفارة العراق الفخرية في موسكو، وبالتنسيق مع دائرة العلاقات الخارجية لحكومة إقليم كردستان.

فيما أعلن مسؤول دائرة العلاقات الخارجية لحكومة الإقليم سفين دزيي، أن الناس يسلكون طرقاً عدة نحو المجهول والصور التي ترد من المناطق الحدودية بين بيلاروسيا وبولندا وليتوانيا ولاتفيا مأساوية، وليس المتواجدون هناك كردا فقط، بل هناك عراقيون من مختلف المناطق أيضا، بالاضافة الى جنسيات أخرى، مشيرا الى أن حكومته بدأت اتصالات وبصورة مستمرة مع القنصلية البولندية في إقليم كردستان، وممثل الإقليم في بولندا، فيما أعرب عن أسفه لعدم وجود ممثل أو سفير عراقي في بيلاروسيا، الأمر الذي صعب المهمة.

وكشف دزيي في مؤتمره الصحفي أيضا، أن مجلس الوزراء العراقي خصص في جلسته الأخيرة، مبلغ 300 مليون دينار لوزارة الخارجية لمساعدة المهاجرين الراغبين بالعودة.

وكانت “العالم الجديد” أول وسيلة إعلام عربية وعالمية، نشرت تفاصيل خط الهجرة من بغداد الى ليتوانيا، عبر دولة بيلاروسيا، وتقصت سير خط السفر الذي يبدأ من بغداد أو اسطنبول وصولا الى مينسك (عاصمة بيلاروسيا)، ومنها الى ليتوانيا، فيما كشف وزير الداخلية الليتواني أجني بيلوتيتو، في تصريح ترجمته الصحيفة في وقتها، أن نقل العائلة يكلف 35 الف يورو، أما نقل الشاب فيبلغ 1500 يورو.

يذكر أن الحكومة العراقية تعرضت الى ضغوط أوروبية كبيرة، مقابل إيقاف سفر العراقيين الى بيلاروسيا وإعادتهم من الحدود، وكانت أولى خطوات العراق هو تعليق الرحلات الجوية الى بيلاروسيا في آب أغسطس الماضي، وهو ما لاقى ترحيبا من الاتحاد الأوروبي في حينها.

وجاءت الخطوة العراقية الثانية، في 6 تشرين الثاني نوفمبر الحالي، والمتمثلة بغلق قنصلتي بيلاروسيا في بغداد وأربيل، وقد جرى الإغلاق سريعا وأنزلت أعلام بيلاروسيا من القنصليتين.

الى ذلك، تبين القيادية في الاتحاد الوطني الكردستاني ريزان شيخ دلير خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “السبب الاقتصادي هو الأساس في الهجرة التي تحصل الآن، إذ أن المواطن يبحث عن فرص العمل أين ما تكون، إضافة الى أن الوضع السياسي له تاثير على الناس”.

وتتابع شيخ دلير “في الآونة الأخيرة شهدت تقييدا كبيرا لحرية التعبير والآراء، وجرت حملة اعتقالات أيضا، وهو أيضا عامل من عوامل ارتفاع نسبة الهجرة خصوصا بين الشباب”، مؤكدة أن “حكومة الإقليم هي من تتحمل المسؤولية الكاملة عن موجة الهجرة الحالية، ولا دخل لحكومة بغداد بهذا الأمر”. 

يذكر أن هذا الملف تطور بشكل كبير، عقب الاعلان عن وجود قرابة 4 الاف عراقي داخل الحدود الليتوانية، ما دفع الاتحاد الاوروبي وحلف الناتو، الى الضغط على العراق للمساهمة بحل هذه الأزمة في حينها، كما أعلن في 4 آب أغسطس الحالي، عن وفاة شاب عراقي عند الحدود البيلاروسية، بظروف غامضة، وقد أمرت السلطات البيلاروسية بفتح تحقيق بالحادث، خاصة وأن الشاب توفي أمام أنظار حرس الحدود البيلاروس، عقب عودته من ليتوانيا، بحسب شهادات السكان المحليين، وفق ما نقلت وسائل اعلام غربية.

إقرأ أيضا