خط لربط الإمارات بتركيا.. هل فقد العراق موقعه على خارطة التجارة العالمية؟

جاء افتتاح خط تجاري يربط الإمارات بتركيا عبر إيران، ليثير أسئلة بخصوص موقع العراق كممر…

جاء افتتاح خط تجاري يربط الإمارات بتركيا عبر إيران، ليثير أسئلة بخصوص موقع العراق كممر لطريق التجارة الرابط بين شمال وجنوب العالم، وفيما أكد مختصون أن هذا الطريق لا يصلح لأن يكون بديلا، حملوا مسؤولية ما يجري للحكومات العراقية المتعاقبة التي تخاذلت بإنجاز المشاريع الكبرى، مشيرين الى أن الطريق الجديد عبر إيران، جاء نتيجة لإبعاد العراق للشركة الصينية، ما دفعها للتوجه الى إيران وإنشاء هذه الشبكات البرية فيها لغرض الربط التجاري.

ويقول وزير النقل الأسبق عامر عبدالجبار خلال حديث لـ”العالم الجديد” إن “الطريق الرابط بين الإمارات وتركيا عبر إيران، ليس بديلا عن طريق ميناء الفاو في العراق، لأنه يستغرق وقتا أكثر وليس طريقا اقتصاديا، لأنه يمر عبر الخليج من الإمارات الى إيران، كما أنه يمر بمناطق وعرة وجبلية شاهقة في إيران وصولا الى تركيا، لكن قد يكون هذا الطريق أفضل من قناة السويس، لكنه ليس أفضل من ميناء الفاو”.

ويضيف عبدالجبار، أن “أي قرار دولي لا يوجد بعزل العراق عن تبادل التجارة العالمية، لكن المسؤول عن هذا الأمر هي الحكومات العراقية، فالعالم الآن يفكر بالاقتصاد، والعراق هو أكثر الطرق وأسرعها لربط شمال العالم بجنوبه، ولو كانت الحكومات العراقية واعية ومدركة لهذا الملف بالتحديد، لكانت هي من تتحكم باقتصاد العالم وليس العكس، ويمكن أن تنعكس هذه الحالة على استتباب الأمن في العراق أيضا”.

ويؤكد أن “العراق في حال أصبح ممرا للبضائع، فستضطر الدول المؤثرة أمنيا، للعمل على تأمين العراق من أجل اقتصادها، والدول التي تصدر للعراق إرهابا ستقوم بضبط حدودها معه من أجل تأمين بضائعها”، مبينا “شاهدنا ما حدث في قناة السويس، إذ يمجرد ما جنحت باخرة فكل دول العالم اهتمت للأمر وقامت بمساعدة مصر وفتح الطريق، لأنه يصب في مصلحة الكل، وعندما تكون المصالح الاقتصادية بالعالم عبر العراق، سيكون ذات الأهمية للدول، وهذا ما يضيف للعراق فائدة سياسية، لأننا نرى موقع مصر اليوم موقعها في الجامعة العربية قويا سياسيا بفضل قناة السويس، لذلك حتى قرارات العراق السياسية يمكن أن تنعكس إيجابا بالجامعة العربية ودوليا عبر هذا الطريق”.

وكانت إيران، أعلنت الأسبوع الماضي، عن عبور أول حمولة تجارية من الإمارات إلى تركيا عبر أراضيها، مشيرة إلى أن ذلك يسرع من عملية النقل الى 8 أيام بعد أن كان نقل البضائع من ميناء الشارقة بالإمارات إلى ميناء مرسين التركي عبر مضيق باب المندب وقناة السويس والبحر الأحمر يستغرق 20 يوما.

وبحسب تقرير مفصل نشرته “العالم الجديد” في 25 تموز يوليو 2020، فان ميناء الفاو سيكون نقطة الربط بين شرق اسيا وبين اوروبا، وسيحول العراق الى ممر للبضائع، تبدأ من ميناء الفاو وتمر بريا عبر خطوط حديثة الى تركيا ومنها الى أوروبا، ما يختصر الفترة الزمنية لنقل البضائع الى ساعات، بدلا من 20 يوما تقريبا عبر قناة السويس، وهي الممر الحالي الرابط بين شرق آسيا وأوروبا.

هذا المشروع الكبير، شهد تدخلات دولية وضغوطا للحيلولة دون إكماله، بدءا من قضية الربط السككي التي طرحتها كل من إيران والكويت، والتي تتمثل بربط موانئ هذه الدول سككيا بمحافظة البصرة، وهو ما سيحول العراق الى مستقبل للبضائع فقط، بدلا من أن ترسو في مياهه السفن والبواخر ويقوم بتوزيعها لدول العالم.

وكان محافظ نينوى نجم الجبوري، أعلن في 20 أيلول سبتمبر 2020، أن الملاكات الهندسية والفنية المختصة وبالتعاون مع شركات إعمار هندسية تركية، ستبدأ بمد خط حديث للسكة الحديد يربط بين مدينة الموصل وتركيا، مؤكدا أن المشروع هو الأول من نوعه في مدينة الموصل.

وقد كشف الخبير الاقتصادي باسم انطون في حديث سابق لـ”العالم الجديد” أن شبكة الطرق التي من المفترض ان تنشأها تركيا، هيء 3 طرق سريعة تربط تركيا بالموصل، غربي نهر دجلة، وهذه الطرق ستكون سريعة (Highway)، وستضم خدمات ومطاعم واستراحات، وجدواها الاقتصادية للعراق ستكون كبيرة جدا، وستخدمه بدخول وخروج البضائع، وإيصالها الى تركيا ومنها الى اوروبا.

الى ذلك، يبين عضو جماعة الضغط لإنشاء الفاو الوزير الأسبق وائل عبداللطيف خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الطريق الجديد الذي يربط الإمارات بتركيا عبر إيران، جاء بسبب إبعاد العراق الشركة الصينية عن إنشاء ميناء الفاو وإحالته للشركة الكورية، لذا فان الصين لجأت الى إيران وأنفقت ما يقارب 400 مليار دولار، وهذه المبالغ تضمنت إنشاء العديد من الطرق وسكك الحديد”.

ويلفت عبداللطيف، الى أن “العراق كان يطمح للارتباط بطريق الحرير، لكن الأمل فقط الآن، بسبب تسقيط الشركة الصينية”، مضيفا “حتى الشركة الكورية التي وقعت عقد إنشاء ميناء الفاو، هي لغاية الآن لم تباشر بالأعمال لعدم دفع العراق أي مبالغ لها حتى اللحظة”.

ويستطرد أن “الشركة الصينية قبلت بكل التحديات وهي على دراية بوضع العراق، ولكن قالوا إنها وهمية بينما هي الرابعة بالتصنيف العالمي واستبعدوها بحجج ونعوت سيئة، وبالمقابل قالوا إن الشركة الكورية جيدة، لكنها أصرت على عدم مباشرتها بالعمل ما لم تتسلم دفعة مالية من العراق”.

وقد أثارت مسألة التعاقد مع إحدى الشركتين الكورية (دايو) أو الصينية، لإنشاء ميناء الفاو لغطا كبيرا في العراق خلال العام الماضي، وتضاربت الأنباء حول أهلية كل شركة لإنجاز المشروع، وبعد أن توجه العراق الى التعاقد مع الشركة الكورية وقبلها بأيام، وتحديدا في 9 تشرين الأول أكتوبر 2020، عثر على جثة (بارك تچول هوبا) مدير شركة دايو في مقر الشركة بالميناء.

وبعد هذه الحادثة، وقع العراق عقدا مع الشركة الكورية لإنجاز ميناء الفاو الكبير، وبحسب مدير عام الشركة العامة لموانئ العراق التابعة لوزارة النقل فرحان محيسن الفرطوسي، حيث أكد لـ”العالم الجديد” في كانون الثاني يناير الماضي أن الشركة الكورية ستباشر العمل بشكل فعلي في ميناء الفاو خلال الاسابيع القليلة المقبلة، اي بعد الانتهاء من الاجراءات الادارية، وقد جرى التأكيد على تخصيص مبلغ 400 مليار دينار لحساب شركة الموانئ، ليجري بعدها فتح الارصدة بشكل مباشر، وهذاا الامر أصبح شبه محسوم.

يذكر أن السفارة الصينية، أكدت في أيار مايو الماضي لـ”العالم الجديد”، أنه في كانون الثاني يناير عام 2016 أصدرت الصين وإيران بيانا مشتركا حول التعاون الشامل، وبعد المفاوضات توصل الجانبان مؤخرا الى مضامين التعاون المشترك.

إقرأ أيضا