الكاكائيون يحتلفون غدا بعيد “الخلق” في طقوس سرية دون معابد

يحتفل أبناء الديانة الكاكائية في العراق، يوم غد الأحد، بـ”عيد صاحب الشأن”، عقب ثلاثة أيام…

يحتفل أبناء الديانة الكاكائية في العراق، يوم غد الأحد، بـ”عيد صاحب الشأن”، عقب ثلاثة أيام صوم كان آخرها اليوم، حيث يرمز العيد لـ”خلق الكون”، في طقوس يجريها أبناء الطائفة في سرية تامة بحسب تعاليمهم الدينية، لاسيما في ظل عدم الاعتراف الرسمي بها، وسط عدم امتلاكهم معبدا خاصا على الرغم من انتشارهم في مدن ومحافظات عدة أبرزها السليمانية ونينوى وكركوك وديالى وصلاح الدين.

إذ تقول الناشطة المدنية الكاكائية ليلى طاهر في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “احتفالنا بعيد صاحب الشأن يأتي بعد صيامنا الذي ينتهي اليوم بعد أن استمر لثلاثة أيام، وفيه وقت محدد لوجبة السحور ووقت لوجبة الفطور، حيث يمنع تناول الطعام ما بين الوجبتين، بما يشبه الصيام في شهر رمضان بالنسبة للمسلمين”.

ويطلق اسم الكاكائية على الديانة في العراق فقط، أما التسمية الرسمية لها فهي “اليارسانية” ومعناها “عشاق الخالق”، وهي مأخوذة من لغات قديمة كانت موجودة في الشرق الأوسط، وفي إيران يطلق عليها “أصحاب الحق”، في حين يطلق عليها في أفغانستان وباكستان “الزكرية”، وفي الهند “سربستية” وفي تركيا “العلويون”.

وتؤكد طاهر، أن “ديننا ليس دينا تبشيريا، إذ لا يمكن التصريح بجميع طقوسه للعلن، فواحدة من تعاليمنا، أنه لا يمكن التصريح بما يحدث خلال المراسيم، لكنها بصورة عامة عبارة عن تجمعات يطلق عليها اسم الجم، وهي عبارة عن طقس ديني يجمع الرجال والنساء، بينما تجمع أغلب الطقوس الدينية الأخرى الرجال فقط، وتجري فيها مناجاة تشبه التراتيل المسيحية ويطلق عليها اسم كالام”.

وتلفت الناشطة المدنية المنتمية لعائلة كاكائية الديانة، الى أن “ديننا دين غير معترف به، حيث تكون كل التجمعات سرية، وتتم في البيوت لعدم وجود معبد خاص بنا، حيث نقوم بمعايدة بعضنا البعض وإبراء الذمة لبعضنا، إضافة إلى زيارة المرضى وكبار السن والاجتماع مع الأقارب”، مؤكدة أن “الأمور الأمنية أثرت بشكل كبير علينا، وخصوصا في مناطق كركوك وخانقين وديالى”.

Image

وحول مناطق تواجدهم، تبين، أن “العدد الأكثر من طائفتنا يتركز في مدينتي حلبجة والسليمانية في إقليم كردستان، وكذلك في مناطق ومدن أخرى خارج الإقليم كالموصل وديالى وكركوك، لكن لا أحد يجاهر بأنه كاكائي، وإنما يتخفون تحت عناوين دينية أو طائفية أخرى، فبعضهم يقول إنه شيعي أو سني”، موضحة أن “عدد الكاكائين في العراق يصل إلى حوالي 250 الف نسمة فقط، ولكن هذا الرقم تقريبي لعدم وجود إحصائية دقيقة، بسبب تزايد عدد الأطفال وحدوث هجرات، كما حدث تزاوج بين المسلمين والكاكائين، لذا فقد تتغير الأرقام بصورة مستمرة”.

وتشكو طاهر من عدم اعتراف الحكومة العراقية بالديانة الكاكائية، إذ تلفت الى أن “الكاكائيين يشكلون المكون الثاني في حلبجة والمكون الثالث للسليمانية والمكون الرابع في كركوك بعد العرب والكرد والتركمان، ومع هذا لم تعترف بنا الحكومة العراقية”، مبينة أن “تجماعتنا في قرية هاوار، التي تقع في وادي كل اتجاهته تسكنها اغلبية مسلمة، هي خطرة لنا، وعندما يتم سؤالنا نقول اننا مسلمين، خاصة وأن هوية الأحوال المدنية لنا مدون فيها اننا مسلمين”.

ويعود تاريخ الديانة الكاكائية الى ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، وفقا لرئيس منظمة “ميثرا للتنمية والثقافة اليارسانية”، رجب عاصي كاكائي، الذي بين أيضا في حديث صحفي سابق، أن الكاكائيين يعتبرون جبرائيل هو نبيهم، ومع ذلك لدينا مصلحون ومحدثون وآخرهم سلطان إسحاق، الذي يعتبر أيضا بمثابة النبي أو المرجع الأبرز للديانة. 

وللكاكائيين صلاة، تكون عبارة عن أدعية ومناجاة يقومون بها في الفجر والمغرب، وكذلك هم يحرمون تعدد الزوجات، إلا في حالات خاصة كالمرض المزمن الذي يتعذر معه المعاشرة الزوجية.

يشار الى أن إقليم كردستان، اعترف قبل سنوات عديدة بالكاكائية كديانة، ومنحهم ممثل “كوتا” في مجلس محافظة حلبجة.

  

Image

الى ذلك، يبين الناشط غازي كاكائي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الديانة ليست تبشيرية، وهناك بعض التفاصيل الدينية التي نتجنب الخوض فيها لكي لا يكون هناك تكفير بالدعوة”.

ويوضح كاكائي، أن “هناك صيامين، الأول هو اختياري وليس إجباريا يبدأ من يوم الخميس (أمس الأول)، وهناك صيام في وقت آخر يعتبر صياما إجباريا وإلزاميا علينا، وكل من الصيامين يستمر لمدة ثلاثة ايام، ويكون اليوم الرابع يوم عيد”.

ويلفت الى أن “الصيام الحالي هو صيام يسمى (عيد صاحب الخلق أو صاحب الشأن)، ولا نستطيع ذكر تفاصيله التي وردت في النصوص الدينية، لأن ذكرها يعتبر ذنبا، لكن الذي نستطيع قوله هو أن هذا الصيام هو طبيعي مثل صيام المسلمين وبنفس التوقيتات للسحور والفطور”.

ويتابع “اليوم الرابع بعد ثلاثة أيام من الصيام، هو عيد (خاوه كار) أي (صاحب الشأن)، وهو رب العالمين الذي أكمل وأتم خلق الكون في هذا اليوم”، مشيرا “في هذا اليوم تظهر التجمعات الدينية المغلقة، ويتم فيها إلقاء التراتيل والنصوص الدينية والعزف على آلة الطنبور، واستذكار الأولياء والصالحين عبر سرد سيرهم وأعمالهم”.

يذكر أن الكاكائيين لم يسلموا من هجمات تنظيم داعش عام 2014، حيث احتلت أغلب قراهم وشنت ضدهم مختلف الهجمات، كان آخرها العام الماضي، حيث أسفر هجوم للتنظيم على بعض قراهم قرب الحدود العراقية الايرانية عن مقتل سبعة منهم.

الصورة الرئيسية في التقرير، هي لضريح السلطان إسحاق، الذي يعتبر بمثابة النبي للديانة وآخر المحدثين لها، ويقع في ولاية كرمانشاه غربي إيران.

إقرأ أيضا