فوهات وأفواه.. من يغلب من؟

بات صوت السلاح أعلى من أصوات التحالفات والمفاوضات التي تجري عقب كل انتخابات في العراق،…

بات صوت السلاح أعلى من أصوات التحالفات والمفاوضات التي تجري عقب كل انتخابات في العراق، بعد أن طفت على السطح خلافات “الضد النوعي” التي تجري بين القوى السياسية، كما يصفها خبراء، ما قد يضع البلاد على أعتاب مرحلة جديدة يطغى فيها حوار فوهات البنادق على أفواه المفاوضين.

ويقول المحلل السياسي صلاح الموسوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الفصائل المسلحة ليست بعيدة عن الحضور القوي داخل الحكومة، حيث كانت الفصائل المسلحة في الحكومة السابقة برئاسة عادل عبد المهدي هي صاحبة اليد العليا في إدارة الدولة، لكن بعد وصول مصطفى الكاظمي لرئاسة الحكومة، تم تصنيفه من قبلها كخصم يعمل على حل الحشد الشعبي”.

ويضيف الموسوي، أن “ما يجري الآن من تصعيد هو سياسي، هدفه الضغط من أجل إعادة الانتخابات أو إعادة العد والفرز اليدوي، وهذا كله تقف خلفه الفصائل، وهي من تعمل على إيصال الأمور لما تريده هي”.

ويلفت الى أن “هذه الطبقة السياسية لا يمكنها أن تحكم بغير التوافق، وهو ما يبحثون عنه وهو ليس غريبا عن طبيعة هذه الطبقة السياسية، لكن التوافق مصدر قلق بالنسبة للعراق، وإن حصل وتراضوا بالمناصب، فهذا يهدد العراق بالذهاب إلى ما هو اسوء”.

وحول مسألة التصادم بين الفصائل، سواء التابعة لقوى الإطار التنسيقي أو التابعة للتيار الصدري، يؤكد أن “موضوع التصادم بين الطرفين غير معروف، حيث أن العراق ليس قراره محليا، فايران وامريكا موجودتان، ويمكن أن تتفقا على جهة من الجهات المتنافسة الآن، كما اتفقا على أمور سابقا مثل محاربة داعش وغيرها”.  

ومنذ إعلان نتائج الإنتخابات، برز صوت الفصائل المسلحة، كأبرز الجهات المعترضة على النتائج، وقد تصدى زعيم حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، لأغلب الأحداث التي جرت عند أبواب المنطقة الخضراء، حيث تجمع جمهور الإطار التنسيقي المكون من الكتل الشيعية الممثلة للفصائل المسلحة باستثناء التيار الصدري.

وبالإضافة الى الخزعلي، كان للفصائل الأخرى ومنها كتائب حزب الله، الدور الأبرز في قيادة المرحلة الماضية، حيث عمد الناطق باسمها ابو علي العسكري، وهو شخصية افتراضية في مواقع التواصل الاجتماعي الى إعلان المواقف وتحديد الشروط والنقاط الواجب فعلها في المرحلة الحالية.

ويأتي دور الفصائل الحالي، في ظل جمود يحيط بالكتل السياسية ومفاوضاتها، فالكتلة الصدرية، جمدت مفاوضاتها مع القوى الأخرى، فيما اتجهت الكتل السنية والكردية الى انتظار ما سيسفر عنه تصعيد الفصائل وقوى الإطار التنسيقي للبدء بالمفاوضات.

وبمقابل دور الفصائل الحالي، ظهر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أمس الأول الخميس، ودعا حل الفصائل المسلحة أجمع، وتصفية الحشد الشعبي من العناصر “غير المنضبطة”.

وكان القيادي في التيار الصدري رياض المسعودي، أكد يوم أمس، أن القوى المعترضة إن لم تغلب المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية فنتوقع كل شيء بما فيها تحريك الشارع، ونأمل من جميع القوى السياسية الاحتكام الى الدستور والى استقرار العملية السياسية.

التطورات الأخيرة

شهد يوم أمس الجمعة، تطورات سريعة، حيث أعلن الصدر صباحا عن حله لواء “اليوم الموعود”، وغلق مقاره كـ”بادرة حسن نية”، مؤكدا أن هذه الخطوة “عسى أن تكون بداية لحل الفصائل المسلحة وتسليم أسلحتها”.

وعقب إعلان الصدر، أعلنت من جانبها كتائب حزب الله، عن حل لواء “سرايا الدفاع الشعبي” وإغلاق جميع مقارها، وإلحاقها بهئية الحشد الشعبي، وبحسب ما نشره ابو علي العسكري، فان هذا الامر جاء “إستجابة لما نشر من إحدى الجهات الصديقة”، في إشارة الى الصدر. 

وتعليقا على حل هذين الفصيلين من قبل الصدر وكتئاب حزب الله، الخبير الأمني، يبين الخبير الأمني العميد الركن المتقاعد أعياد الطوفان، في حديث أدلى به لوكالة “شفق نيوز”، أن إقدام الصدر، وكتائب حزب الله على حل فرق أمنية تابعة لهما ما هي إلا لعبة سياسية، وأن هذه الجهات استحدثت ألوية فرعية لها تناور بها الجهات الأخرى، وما تم حله اليوم هي ألوية فرعية، فيما لا تزال الأصلية تمسك زمام الأمور.

وقد وصف الطوفان في حديثه هذه القرارات بأنها لـ”ذر الرماد في العيون، ومحاولة للحصول على مكاسب سياسية من التشكيلة الحكومية المقبلة”.

الوجه الحقيقي

الى ذلك، يبين المحلل السياسي خالد المعيني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الفصائل المسلحة الآن لا تتحدث كفصائل، وإنما كقوى سياسية شاركت بالانتخابات، ولكن الجميع يعلم أن هذه القوى لديها أجنحة عسكرية، وكذلك التيار الصدري فهو لديه قوة عسكرية وهي سرايا السلام”.

ويلفت المعيني، الى أن “الأحزاب السياسية المشاركة بالحكومة، لم تكن يوما منفصلة عن أجنحتها العسكرية، واليوم لأن الصراع أصبح بالضد النوعي، فان السلاح برز كأداة من الأدوات، ولكن هذا لا يعني أنه لم يكن موجودا، فمنذ عام 2004 معظم القوى المشتركة بالعملية السياسية دون استثناء لديها فصائل مسلحة، ولكن غير ظاهرة، واليوم أصبحت الاستعراضات أكثر وضوح لا سيما بعد ظاهرة داعش”.

وفي العراق، بلغ عدد الفصائل المسلحة حسب آخر إحصائية 68 فصيلا، تنقسم مرجعياتها الى أقسام عدة، منها تتبع الولي الفقيه في ايران وما يصطلح عليها بالولائية، وأخرى ترتبط بالمرجع الديني الاعلى في النجف علي السيستاني، وبعض الفصائل التي ترتبط بايران شكلت أحزابا وشاركت في العملية السياسية وبات لها تمثيل نيابي، فضلا عن حصول بعضها على وزارات في الحكومات العراقية، طيلة السبع سنوات الماضية، حيث برزت عام 2014 عند اجتياح تنظيم داعش للاراضي العراقية.

إقرأ أيضا